"حلبة الشرق".. روسيا وأوكرانيا نحو قتال ثالث ينتظر "الضربة القاضية"
عندما أعاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تركيز حربه في أوكرانيا على شرق البلاد منذ ثلاثة أشهر، فعل ذلك متأثرا بفشل اندفاعه الأول تجاه كييف والحاجة الملحة لنجاح عمليته العسكرية.
وبعد انتهاء التقدم البطيء عبر لوهانسك بالسيطرة على مدينة ليسيتشانسك، ربما اعتقد الرئيس الروسي أنه قطع نصف الطريق، بحسب تحليل نشرته شبكة "سي إن إن" الأمريكية.
لكن وصلت الحرب لمفترق طريق آخر وتجهز القوات من كلا الجانبين نفسها لقتال ثالث قد يقلب ميزان الصراع.
وقال الباحث الأقدم بالمعهد الملكي للخدمات المتحدة البريطاني، جاستن برونك: "إنه صراع استنزاف"، واصفا أسلوب الحرب بعد ثلاثة أشهر من القتال في دونباس.
وأضاف أنه "صراع بين جيشين، كلاهما تكبد خسائر فادحة ويقتربان من الإنهاك".
ومن المتوقع أن تكون الخطوة التالية لبوتين التوغل في دونيتسك، والتي إذا تمت السيطرة عليها ستحقق هدف الكرملين الرئيسي: اجتياح منطقة دونباس في شرق أوكرانيا بأكملها، والتي تأوي الانفصاليين المدعومين من روسيا منذ 2014، لكن لم يتضح توقيت وكيفية حدوث ذلك.
وفي حين واصلت روسيا ضرباتها الجوية الكثيفة على عدة جبهات في أوكرانيا، قال معهد دراسة الحرب الأمريكي إن القوات البرية الروسية كانت في منتصف حالة توقف عملياتي من أجل "الراحة والتجهيز من جديد وإعادة التشكيل".
وقد يمنح ذلك الجيش الأوكراني وقتا للاستعداد للدفاع عن أجزاء من دونيتسك التي لايزال يسيطر عليها، لاسيما الحزام الصناعي الذي يمتد من مدينة سلوفيانسك.
ولايزال تهديد الهجمات المضادة من أماكن أخرى في أوكرانيا، بما في ذلك مدينة خيرسون الرئيسية، قائما.
وقد لا تكون المرحلة التالية من القتال الشامل، عندما يندلع، الأخيرة، لكنها قد تحدد مصير منطقة قلب أوكرانيا، ويقول المحللون إنها قد تحدد مصير الحرب أيضًا.
ولم تكن الشهور الثلاثة للحرب الطاحنة في دونباس مشابهة لبداية الحرب الروسية، والتي شهدت عمليات توغل مشتتة من الشمال والشرق والغرب وانتهت بفشل حاسم في اجتياح كييف ومدن أوكرانية رئيسية أخرى.
وبدلًا من ذلك، ضيقت جهود الكرملين المعاد تركيزهها حدود الحرب، لتركز على مسار رئيسي عبر لوهانسك وباتجاه دونيتسك التي تم توجيه الجزء الأكبر من موارد روسيا إليها.
مدير برنامج أوروبا بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، ماكس بيرجمان قال لـ"سي إن إن": "شهدت المرحلة الثانية من الحرب عودة روسيا إلى الأساسيات."
وأسفر ذلك عن إحراز تقدم بطيء لكن ثابت لروسيا، التي فازت بعدة معارك استمرت أسابيع على مدن استراتيجية وكشفت حدود الترسانة الأوكرانية.
وتابع بيرجمان: "استخدموا قوتهم وأصولهم المدفعية، (وكانوا) يوجهون ضربات للقوات الأوكرانية بينما يتحركون ببطء".
وبدأت تظهر أفضليتهم في السلاح والقوة النارية، حيث قال برونك: "يمكن أن تتركز كل الحرب الروسية، ودفاعها الجوي، وتشكيلاتها العسكرية، على مناطق صغيرة للغاية"، مما يسمح لهم "بتحقيق تفوق محلي" على المواقع الدفاعية الأوكرانية.
لكن بعد ثلاثة أشهر من الحرب تكبد كلا الجيشين خسائر فادحة، وتقرب السيطرة على لوهانسك الجيشين المستنزفين من نقطة انعطاف.
ومن المتوقع أن تكون الخطوة التالية لروسيا مواصلة المسار الذي اتبعته عبر لوهانسك، لتنتقل إلى الأجزاء التي تسيطر عليها أوكرانيا في دونباس ومحاولة التغلب على القوات الأوكرانية ومحاصرتها في تلك المنطقة أيضًا.
وسيؤدي فعل ذلك إلى تسليم منطقة دونباس ذات الأهمية الرمزية إلى موسكو واستكمال الهدف الأساسي الذي أوضحه بوتين عند شن الحرب في فبراير/شباط، عندما قال إن تلك المناطق روسية الثقافة والروح، وأن متحدثي الروسية يتعرضون للاضطهاد هناك.
لكن إذا تم تكرار الخط الزمني والأساليب المستخدمة في لوهانسك بالمنطقة المجاورة، سيكون قتالا مريرا ودمويا.
ومن المتوقع أن تكون الدفاعات الأوكرانية عنيدة مجددا؛ حيث قال برجمان: "يريدون أن يجعلوا هذا شاقا وطويلا قدر الإمكان على الروس. هكذا واصلوا هذه الحرب، قاتلوا الروس على كل شبر من الأراضي، وعندما يصبح مواصلة القتال خطأ تكتيكيا ينسحبون، ولكن ليس على عجل."
وتقترب الحرب الروسية في أوكرانيا من دخول شهرها الخامس، وسيعتمد مسار مرحلتها التالية بشكل كبير على القوة النارية والسلاح الذي لايزال بإمكان كلا الجانبين الاعتماد عليه.
aXA6IDE4LjExNi4yMC4xMDgg جزيرة ام اند امز