بوتين من طاولة ماكرون لأحضان الأطفال.. ما سر تغيير سلوك الرئيس الروسي؟
من الابتعاد مسافة طويلة عن ضيوفه، متخذا العزلة طريقه للتعاطي مع أزمة كورونا، إلى الانخراط مع المواطنين ومداعبًا الأطفال في داغستان وسان بطرسبرغ، تحول جذري في سلوك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
تحول بدا واضحًا من الصورة الشهيرة للقاء جمعه مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، حيث جلس كل منهما على طرف طاولة وبينهما مسافة كبيرة، إلى تخليه عن عزلته الشديدة وظهوره وسط المواطنين، قالت عنه صحيفة "نيويورك تايمز"، إنه تغيير ملحوظ.
وأشارت إلى أن الرئيس الروسي الذي أحاط نفسه بعزلة شديدة أثناء جائحة كورونا، مما دفع القادة الزائرين إلى الجلوس في الطرف الآخر من الطاولات المستطيلة العملاقة، وكان يطلب من الناس الحجر الصحي لمدة تصل إلى أسبوعين لرؤيته، بات يتفاعل بشكل كبير مع الحشود، في محاولة لإبراز شعبيته بين مواطنيه.
تفاعلات جسدية
"ماذا عن الحجر الصحي؟" نادى صحفي على بوتين الشهر الماضي بينما كان الزعيم الروسي ينخرط وسط حشد من الناس في مدينة كرنشتات بسان بطرسبرغ، ليرد الأخير قائلاً: "الناس أهم من الحجر الصحي".
وتقول "نيويورك تايمز"، إنه لطالما كره بوتين هذه المشاهد، التي يمارسها السياسيون الأمريكيون، مشيرة إلى أن محاولاته السابقة للتفاعل المرتجل مع الحشود، على مر السنوات الماضية، بدت "خشبية" أو غريبة، كما حدث عندما رفع قميص صبي صغير وقبل بطنه في ظهوره عام 2006 في الكرملين. (قال بوتين لاحقًا إنه أراد أن يحتضنه مثل قطة صغيرة).
وأشارت إلى أن الزعيم الروسي فضل المزيد من الأحداث الخاضعة للرقابة، مثل الاحتفالات العسكرية، وأنشطة عدة، تلاشت جميعها مع وباء كورونا، مؤكدة أن تمرد 24 يونيو/حزيران الماضي من قبل مجموعة فاغنر شبه العسكرية، يبدو أنه غير حسابات الزعيم الروسي.
وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإنه بعد أيام من التمرد الفاشل، سافر بوتين إلى ديربنت، وهي مدينة تقع في منطقة داغستان الجنوبية في روسيا، ووقف وتفاعل مع الحشود، في مشهد لم تشهده روسيا منذ سنوات.
وعن ذلك المشهد، قال المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، إن بوتين قد خالف "التوصيات القوية من الخبراء"، واتخذ "قرارًا حازمًا" للتفاعل مع الحشد، لأنه "لا يمكنه رفض تحية هؤلاء الأشخاص وعدم الترحيب بهم".
خيار شخصي
في السياق نفسه، قالت الزميلة البارزة في معهد كارنيغي، تاتيانا ستانوفايا، إن قرار بوتين بالتواصل مع الحشد كان بالتأكيد خيار الرئيس الشخصي، مشيرة إلى أنه كان بمثابة رسالة إلى النخبة الروسية بأنه (بوتين) لا يزال يتمتع بحب الجمهور.
واستمر ظهور بوتين مع الجماهير في الأيام التي تلت تمرد فاغنر الفاشل؛ ففي 23 يوليو/تموز الماضي، اصطحب الرئيس البيلاروسي، ألكسندر ج.لوكاشينكو، إلى كرنشتات، وهي مدينة تقع على جزيرة خارج سانت بطرسبرغ. واختلط الزعيمان مع حشد، حيث وقف بوتين بين العروس والعريس.
وبعد أيام، استضاف الرئيس الروسي كبار القادة الأفارقة في مدينة سان بطرسبرغ، مسقط رأسه، في ماراثون التقط خلاله الصور مع الزعماء الذين حلوا وفودًا على بلاده، في مشهد أزال من الذاكرة الصورة الدائمة للعزلة الجسدية لبوتين.
وعلى هامش العرض البحري، استقبل عائلة غوريلوف من ماجادان في أقصى شرق روسيا. حصل الوالدان في اليوم السابق على وسام المجد الأبوي لتربية 10 أطفال، وهو جزء من جهد حكومي روسي طويل الأمد لمكافحة التدهور الديمغرافي من خلال تشجيع "الأسر متعددة الأطفال".
ماذا عن انتخابات الرئاسة؟
والتقطت صورة للرئيس الروسي بين الأطفال السبعة الذين أحضرهم جوريلوف.
ويوم الأربعاء الماضي، ظهر أمام أرامل مات أزواجهن في الحرب، وهو يمسح بيده على رأس ابنة جندي قتل، ويربت على كتف الصبي بجانبها.
وقال مدير المرونة الديمقراطية في مركز تحليل السياسة الأوروبية في واشنطن سام غرين، إن بوتين ربما يكثف نشاطه العام قبل الانتخابات الرئاسية في مارس/آذار المقبل، والتي ستكون هذه هي الخامسة للزعيم الروسي، رغم أنه لم يعلن بعد عن ترشحه رسميًا.
aXA6IDMuMTUuMTQ4LjIwMyA= جزيرة ام اند امز