سقوط كوبيانسك وإشارات دبلوماسية.. هل تجلب خطة أمريكا السلام لأوكرانيا؟
في الوقت الذي أبدت فيه كييف استعدادها للعمل مع الولايات المتحدة لتطوير خطة لإنهاء الحرب، أعلنت روسيا السيطرة على مدينة كوبيانسك في شمال شرق أوكرانيا.
وكوبيانسك واحدة من المدن التي شهدت تقدما للقوات الروسية في الأسابيع الأخيرة في مواجهة القوات الأوكرانية التي تعاني كثيرا من الصعوبات على الجبهة.
وأبلغ قائد القوة الغربية سيرغي كوزوفليف الرئيس فلاديمير بوتين أنّ القوات الروسية "أكملت تحرير مدينة كوبيانسك"، بحسب ما نقل عنه التلفزيون الروسي. ووصف المدينة بأنّها "محور أساسي في الدفاع الأوكراني".
من جهة أخرى، قالت الرئاسة الأوكرانية إن الرئيس فولوديمير زيلينسكي يعتزم أن يناقش مع نظيره الأمريكي دونالد ترامب "خلال الأيام المقبلة الإمكانات الدبلوماسية المتاحة وأبرز النقاط الضرورية من أجل السلام".
وأضافت: "نحن مستعدون للعمل في شكل بناء مع الطرف الأمريكي وشركائنا في أوروبا والعالم أجمع بهدف التوصل إلى السلام".
يأتي ذلك فيما ارتفعت حصيلة الضربات الروسية على غرب أوكرانيا إلى 26 قتيلا وأكثر من 90 جريحا، ومع تسليم موسكو كييف الخميس ألف جثمان قالت إنها لجنود أوكرانيين قُتلوا في المعارك.
وفد من البنتاغون في كييف
وأفاد مسؤول كبير لم يشأ كشف هويته وكالة فرانس برس الأربعاء أن المشروع الأمريكي الذي تلقته كييف ينص على الاعتراف بسيطرة روسيا على أراض في أوكرانيا، علما أن نسبتها تناهز 20% من المساحة الإجمالية للبلاد.
كما تلحظ مسودة الخطة الأمريكية تقليص عديد الجيش الأوكراني إلى النصف والتخلي عن الأسلحة البعيدة المدى.
ورأى مسؤول أوكراني كبير طلب عدم نشر عدم اسمه في تصريح لوكالة فرانس برس، أن الخطة الأمريكية الجديدة تلحظ الشروط التي سبق أن طرحتها روسيا، وهي مطالب اعتبرتها السلطات الأوكرانية سابقا بمثابة استسلام.
وأوضح مصدر آخر أن مسودة الاقتراح تنص على "الاعتراف بشبه جزيرة القرم ومناطق أخرى سيطرت عليها روسيا" و"خفض عديد الجيش إلى 400 ألف جندي".
مع توالي التقارير بشأن الخطة، من المقرر أن يلتقي الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مسؤولين كبارا في البنتاغون في كييف مساء الخميس، وفق ما أعلن مكتبه.
وكان وفد البنتاغون الذي يترأسه وزير الجيش الأمريكي دانيال دريسكول التقى الأربعاء قائد الجيش الأوكراني أوليكساندر سيرسكي ووزير الدفاع الأوكراني دينيس شميغال، بحسب ما أعلن الطرفان.
والتقت رئيسة الوزراء يوليا سفيريدينكو رئيس الوفد الأمريكي الخميس، واعتبرت الزيارة فرصة للمسؤولين الأمريكيين "لتقييم الوضع على الأرض ومعاينة عواقب الحرب بأنفسهم".
ومنذ عودة دونالد ترامب إلى الرئاسة في يناير/كانون الثاني، لم يزر سوى عدد قليل من المسؤولين الأمريكيين أوكرانيا.
دور لأوروبا؟
لم يترك المقترح الأمريكي انطباعا أوليا إيجابيا في بروكسل الخميس، حيث شدّدت مسؤولة السياسة الخارجية الأوروبية كايا كالاس خلال اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي أن تحقيق السلام في أوكرانيا غير ممكن إلا بمشاركة الأوروبيين والأوكرانيين.
وقالت ردا على سؤال عن خطة السلام الأمريكية: "لكي تنجح أي خطة، يجب إشراك الأوكرانيين والأوروبيين، وهذا واضح جدا".
واعتبر وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو لدى وصوله لحضور الاجتماع أن "السلام لا يمكن أن يعني الاستسلام". وشدّد على أن "الأوكرانيين سيرفضون دائما أي شكل من أشكال الاستسلام"، مؤكدا حرص الأوروبيين على مبدأ السلام "العادل" و"الدائم".
وأضاف: "نريد سلاما دائما يقترن بالضمانات اللازمة لمنع أي هجوم إضافي من جانب روسيا بقيادة فلاديمير بوتين".
أما نظيره البولندي رادوسلاف سيكورسكي فاعتبر أن الأولوية تتمثل في الحد من قدرة روسيا على إلحاق الضرر.
وقال في بروكسل أيضا "آمل ألا تُفرض قيود على قدرة الضحية على الدفاع عن نفسها، بل على المعتدي الذي ينبغي الحد من قدراته العدوانية".
وأكد وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول أن "كل المفاوضات المتعلقة بوقف إطلاق النار، وكذلك أي تطورات سلمية أخرى في أوكرانيا، لا يمكن مناقشتها والتفاوض عليها إلا مع أوكرانيا، ويجب إشراك أوروبا".
ورأى مسؤول كبير في الاتحاد الأوروبي طلب عدم الإفصاح عن هويته، أن هذه الخطة تستعيد خصوصا السردية الروسية، معتبرا أن موسكو تحاول صرف الانتباه في وقت بدأت العقوبات وخصوصا الأميركية على صادراتها النفطية تُؤتي ثمارها.
الضغط لم يكن كافيا
جاء الحديث عن المقترح الأمريكي الجديد غداة لقاء بين زيلينسكي والرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أنقرة الأربعاء.
وفي انتظار ما ستؤول إليه الجهود والخطط لتحقيق السلام، لا تزال عمليات تبادل جثامين الجنود وأسرى الحرب بين روسيا وأوكرانيا النتيجة الوحيدة للمفاوضات التي جرت في تركيا بين الطرفين منذ بدء العملية العسكرية الروسية في فبراير/شباط 2022.
والخميس، أعلن مركز أسرى الحرب التابع للحكومة الأوكرانية عبر تطبيق «تليغرام»: "جرت اليوم إجراءات الإعادة إلى الوطن. أُعيد إلى أوكرانيا ألف جثمان، قال الجانب الروسي إنها لجنود أوكرانيين".
وتعود آخر عملية تسلم جثامين إلى نهاية أكتوبر/تشرين الأول، وشملت ألف جثمان أيضا.
وبذلك تكون أوكرانيا تسلمت من روسيا أكثر من 15 ألف جثمان منذ مطلع العام. في المقابل، أعادت أوكرانيا إلى روسيا مئات الجثامين خلال الفترة ذاتها.
هجمات روسية
في الأثناء، شهدت أوكرانيا خلال الليل واحدة من أعنف الهجمات هذا العام استهدفت بشكل خاص مناطق في غرب البلاد عادة ما تكون بمنأى نسبيا عن جبهات القتال، وهي لفيف وإيفانو فرانكيفسك وتيرنوبل.
وفي تيرنوبل، قُتل ما لا يقل عن 26 شخصا بينهم ثلاثة أطفال، وجُرح 92 آخرون، وفق حصيلة جديدة لعمال الإنقاذ. ويستمر البحث عن ناجين محاصرين تحت أنقاض المباني.
وأكد زيلينسكي أن هذه الضربات تُظهر أن "الضغط على روسيا لم يكن كافيا". وقال وزير الخارجية الأوكراني أندري سيبيغا ساخرا "هكذا تبدو +خطط السلام+ الروسية في الواقع".
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMjcg جزيرة ام اند امز