122 يوما من المعارك بأوكرانيا.. دونباس نحو الحسم ومينسك تجدد الجدل
في دونباس تتقدم القوات الروسية وسط مطالب أوكرانية بتأمين "تكافؤ قوة النار"، فيما تعود حليفة موسكو للمشهد مجددا.
وفي وقت سابق السبت، أعلنت القوات الروسية سيطرتها الكاملة على سيفيرودونيتسك الاستراتيجية شرقي أوكرانيا، وذلك في وقت انسحبت فيه القوات الأوكرانية من المدينة.
تقدم يمنح موسكو آمالا بهيمنتها على المنطقة الغنية بالمناجم، المحور الشرقي الذي يفتح جبهات قتال بالتزامن مع بعض المعارك في الجنوب، وذلك بعد أن تخلت موسكو عن حصار العاصمة كييف والسيطرة عليها.
مسألة وقت؟
مسؤول عسكري فرنسي، كشف في وقت سابق، مفضلا عدم كشف هويته، أن الوحدات الأوكرانية منهكة وتكبدت خسائر فادحة وبعضها تم تحييده بالكامل.
موازين قوى مختلة تفسر إحداثيات الوضع الميداني بالجبهات في اليوم الـ122 للعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، وتوضح أسباب التصريحات المتواترة للمسؤولين في كييف.
فبعد انسحاب قواتها من سيفيرودونيتسك؛ المدينة الاستراتيجية التي تقصفها المدفعية الروسية منذ أسابيع؛ بدا من الواضح أن كييف بحاجة إلى دعم عسكري أكبر يحقق لها بعض التوازن على خطوط النار.
ولتحقيق ذلك، دعت كييف حلفاءها إلى تأمين "تكافؤ ناري" بين جيشها والقوات الروسية، حيث ناشد القائد العام لقواتها المسلحة، فاليري زالوجني، واشنطن "ضرورة تحقيق التكافؤ في القوة النارية مع العدو".
وأشار المسؤول العسكري إلى أن منطقة لوهانسك في دونباس "تتعرض لأكبر تهديد"، في إقرار ضمني بإمكانية خسارتها لصالح الروس، ما يعني بداية الحسم في المنطقة التي تشكل محور الحرب حاليا.
من جانبه، قدم سيرغي غايداي حاكم منطقة لوهانسك حيث تقع سيفيرودونيتسك، كشفا عن حصيلة المعارك، لافتا إلى أن "البنية التحتية الأساسية بأكملها دمرت و90 بالمئة من المدينة تضرر و80 بالمئة من المنازل يجب هدمها".
واعتبر أنه "لم يعد من المنطقي البقاء في مواقع قصفت باستمرار لأشهر" وبينما أصبحت المدينة "مدمرة بشكل شبه كامل" بسبب عمليات القصف المستمرة.
ويرى خبراء أن عمليات القصف المكثفة أدت إلى إخضاع الجنود الأوكرانيين مع ما يعنيه ذلك من تغييرات جذرية على الأرض، كما أن عامل الوقت يمضي لصالح موسكو، ولكن ليس لبقية العالم.
كييف تناور؟
لم ينجح الغرب في تقديم قراءة سليمة حول إحداثيات الحرب في جميع مراحلها، حيث بات التقدم الروسي أكبر من أن تخفيه مساحيق الخبراء الموالين لكييف.
ومع ذلك، يصر الغرب على اعتبار نتائج الحرب الحالية، بما في ذلك انسحاب بعض القوات الأوكرانية "تكتيكيا من أجل تعزيز مواقع ستكون أكثر قدرة على الدفاع عنها".
لكن على الأرض، لا يبدو الأمر مثيرا للتفاؤل بالنسبة لكييف، حيث يعاني الجيش من حالة استنزاف في إطار حرب بطيئة تستهدف مواقع محددة.
وفي غضون ذلك، تتوقع كييف هجمات جديدة على مدينة ليسيتشانسك المجاورة لسيفيرودونيتسك والمطوقة بشكل شبه كامل من القوات الروسية، وسط توقعات بسقوطها.
غايداي عاد ليقول لـ"فرانس برس" إن بلدة ميكولايفكا التي تبعد نحو 20 كيلومترا جنوب غرب ليسيتشانسك، باتت تحت سيطرة الجيش الروسي، مشيرا إلى أن الروس يحاولون الآن السيطرة على بلدة مجاورة تسمى "غيرسكيه".
مينسك
إلى الواجهة مجددا تعود مينسك حليفة موسكو، عقب اتهامات للأخيرة بمحاولة إقحامها في الحرب، وذلك بإعلان كييف أن صواريخ روسية أُطلقت من أراضي بيلاروس المجاورة على بلدة أوكرانية.
وبحسب القيادة العامة للاستخبارات الأوكرانية التابعة لوزارة الدفاع، فإن "الضربة اليوم مرتبطة بشكل مباشر بالجهود التي يبذلها الكرملين لجرّ بيلاروس إلى الحرب في أوكرانيا كطرف مشارك في النزاع".
وقالت الاستخبارات الأوكرانية إن "6 طائرات من طراز تي يو-22 إم، و12 صاروخ كروز، جرى طلاقها من مدينة بيتريكاو" في جنوب بيلاروس.
لكن مراقبين يعتقدون أن تصريحات كييف تختزل الضغوط التي تواجهها على الأرض، وتعكس مناورة تستهدف إقحام طرف ثالث يستقطب الاهتمام ويحوله عن خساراتها الميدانية.
فحتى الآن، لم تنخرط مينسك في الحرب، واكتفت بدعم لوجستي لموسكو مع بداية المعارك في مارس/ آذار الماضي، ما ينفي وجود أي سند منطقي لدخولها على خط النار.
سبب آخر قد يفسر توقيت الاتهامات، هو أن كييف قد تريد قطع الطريق إعلاميا على لقاء مرتقب، السبت، بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره البيلاروسي ألكسندر لوكاشنكو السبت في سان بطرسبرغ.
فأوكرانيا قد تكون استبقت اللقاء في محاولة لوأد أي "مصداقية" لمخرجاته المحتملة، أو لخطف الأضواء منه، لكن المؤكد هو أن التوازنات على الأرض هي من تتربع حاليا على عرش اهتمام عالم يحبس أنفاسه خوفا من ارتدادات الحرب الدائرة شرقي أوروبا.
aXA6IDE4LjE4OC4yMjcuNjQg جزيرة ام اند امز