على أضواء الشموع.. اليوغا سبيل نساء كييف لتخطّي مأساة الحرب الأوكرانية
"تساعدنا على إقصاء الأفكار السلبية وعدم التفكير سوى بالسلام الداخلي"، هدف رفعه نساء في العاصمة كييف بعد لجوئهن إلى رياضة اليوغا، لتخطي مأساة الحرب.
فالعاصمة الأوكرانية المحرومة من الكهرباء، على وقع الضربات الروسية المتتالية، على البنية التحتية في البلد الأوراسي، لجأ نساؤها إلى ممارسة اليوغا والتي توفر لهنّ استراحة قصيرة وضرورية لتخفيف التوتّر الناجم عن الحرب التي دخلت شهرها الحادي عشر، دون حسم بعد.
مجموعة من النساء يتوافدن تدريجياً إلى صالة مخصصة لممارسة اليوغا في الطبقة الأرضية لمبنى سكني في كييف انقطع عنه التيار الكهربائي، بهدف المشاركة في جلسة مسائية رُتّبت خصيصاً بما يتكيف مع الوضع الناجم عن الحرب الدائرة في بلادهن.
خيار جيد
وعلى وقع تعطل وسائل التدفئة جراء انقطاع الكهرباء، استهداف القوات الروسية البنية التحتية الخاصة بالطاقة، ترتدي النساء سترات سميكة وجوارب صوفية تحت الملابس المخصصة لليوغا.
المدربة غالينا تكاتشوك تؤدي تمارين تنفّس سريعة تسمى "كابالاباتي" تهدف إلى جعل المشاركات يشعرن سريعاً بالدفء، مشيرة إلى أنها تعمد إلى تغطية المشاركات ببطانيات سميكة حتى لا يرتجفن من البرد.
فـ"الجميع يبحثن عن طريقة للاستمرار والمحافظة على أذهانهن سليمة في خضم هذا الوضع، واليوغا هي خيار جيد" لبلوغ هذا الهدف، تقول تكاتشوك التي تأمل في أن تكون قد وفّرت في نهاية الجلسة استراحة قصيرة وضرورية للنساء، لتخفيف التوتر الناجم عن الحرب، والذي تفاقم بسبب انقطاع التيار الكهربائي في كييف ومناطق أوكرانية أخرى خلال الشتاء.
وعلى وقع السلسلة الأخيرة من الضربات التي استهدفت كييف، أصبحت العاصمة الأوكرانية التي كان عدد سكانها يبلغ ثلاثة ملايين نسمة قبل الحرب، تواجه مجدداً فترات طويلة من انقطاع الكهرباء والتدفئة والمياه.
طلب كبير
فيكتوريا، وهي موظفة في أحد المصارف تبلغ 44 عاماً، تقول إن "اليوغا تساعدنا على إقصاء الأفكار السلبية وعدم التفكير سوى بالسلام الداخلي وكلّ ما هو إيجابي"، مؤكدةً أنّ "الجوّ بارد لكن ينبغي التكيّف مع الظروف القائمة".
أما تكاتشوك التي بدأت بممارسة هذه الرياضة عام 2013، فتعتبر أن اليوغا توفّر متنفّساً للنساء عقب الأزمات التي تواجهها أوكرانيا منذ نحو عقد.
وافتُتحت صالة اليوغا المُسماة "رام" على اسم مالكها الهندي عام 2015، وشهدت أنشطتها ازدهاراً حتى أغلقت أبوابها مؤقتًا على وقع العملية العسكرية الروسية في فبراير/شباط، بسبب الفوضى التي سادت خلال الأسابيع الأولى من الحرب.
إلا أنّ "رام" اتخذت في أبريل/نيسان الماضي، قرار معاودة فتحها فيما كانت الصالات الأخرى لا تزال مغلقة، فيما فوجئ القائمون على الموقع بالطلب الكبير على اليوغا.
وتشير تكاتشوك إلى أنّ "عدداً كبيراً من الأشخاص بدأوا يرتادون المكان منذ الجلسة التدريبية الأولى بعد معاودة فتح الصالة"، مضيفةً "لم أكن أتوقع هذا الإقبال الكبير".
نظام ثلاثي
ومن بين أولى النساء اللواتي ارتدن الصالة عقب إعادة فتحها ماريا ميخايلينكو (17 عاماً) التي تتّبع نظاماً يشمل "اليوغا والشاي والتأمل" لتخطّي التوتر الناجم عن الحرب.
وتقول إن "عدم وجود تدفئة في الصالة ليس بمشكلة، إذ يمكن ارتداء ملابس تعطي شعوراً أكبر بالدفء"، معربة عن إعجابها بفكرة أن تكون الصالة مُضاءة بالشموع بسبب مشكلات الطاقة.
وبسبب الانقطاع المتكرر لشبكة الإنترنت في الحي حيث تقع الصالة، يعجز الزبائن مرات كثيرة عن التسجيل مسبقاً في الجلسات، مما يجعل من غير الممكن تقدير عدد الحاضرين المرتقبين.
إلا أنّ تكاتشوك ترى أنّ هذا الأمر لا يثير قلقاً كبيراً، وتفضّل التركيز على راحة الذين سيحضرون، قائلة: "عموماً، اليوغا مفيدة للصحة الذهنية والجسدية... وليس فقط خلال الحرب. لكن حالياً، أصبحت هذه الحاجة ضرورية أكثر".