بعد 30 عاما.. كيف أحيت حرب أوكرانيا عصر قوة الاتحاد السوفياتي؟
قبل أكثر من 30 عاما، اختفى الاتحاد السوفياتي في غمضة "عين" من الخريطة الجيوسياسية العالمية، لكنه عاد بقوة من بوابة حرب أوكرانيا.
تلك العودة لم تكن على الخريطة، أو في الحسابات السياسية العالمية، بل من بوابة السلاح وأنظمة التسلح السوفياتية الصنع التي سيطرت على تسليح أوكرانيا في الحرب الجارية ضد وريث الاتحاد السوفياتي؛ روسيا.
وهيمنت حفنة من الأسلحة الغربية الحديثة مثل صواريخ "هيماريس" الأمريكية الصنع وطائرات "TB2" الهجومية التركية الصنع على عناوين الأخبار في الأشهر التسع الأولى من مسار الحرب التي بدأت في فبراير/شباط الماضي.
بعدها، بدأت دبابات "ليوبارد ٢" الألمانية ومنظومة الدفاع الجوي الأمريكية "باتريوت" ومنظومة الصواريخ الألمانية "آيريس تي" على عناوين الحرب في كييف، لكن الواقع يظهر أن أسلحة قديمة تعود للحقبة السوفياتي هي التي لا تزال تقوم بمعظم العمل القتالي في أرض المعركة.
أكثر نجاعة
وقال روب لي، الخبير الأمريكي في الشؤون العسكرية الروسية عن الحرب في أوكرانيا في تصريحات صحفية سابقة: "الكثير من أنظمة الأسلحة الأكثر أهمية في الحرب ليست أسلحة حديثة".
وعلى سبيل المثال، عندما بدأت الحرب، كان من المتوقع على نطاق واسع أن تلعب القوات الجوية الروسية دورًا حاسمًا، لا سيما بالنظر إلى انخفاض عدد الطائرات الأوكرانية وجودتها.
وبدلاً من ذلك، كانت القوة الجوية الروسية عاملاً ثانويًا تقريبًا في الصراع، حيث أحجم الطيارون الروس عن العمل في المجال الجوي الأوكراني بعد خسائر فادحة في وقت مبكر من الصراع، وفق لي.
هنا، قال الخبير الأمريكي: "كان أحد أسباب ذلك هو أنظمة الدفاع الجوي الأوكرانية المصنعة في الاتحاد السوفياتي السابق، مثل صواريخ إس 300، وباك إم ١ المضادة للطائرات".
وتابع: "نجحت أوكرانيا في الدفاع عن مجالها الجوي وحماية خطوط إمداد قواتها، والسبب الأكثر أهمية هو على الأرجح هو منظومات إس 300 وباك إم 1.. هذه أنظمة سوفياتية"، مضيفا "إنها ليست جديدة. إنها ليست خيالية. لكنها تلعب دورا مهمًا".
ومضى قائلا "نجاح هذه الأنظمة السوفياتية سمح لأنظمة أكثر حداثة مثل هيماريس بلعب دور مهم للغاية في القتال."
ووفق صحيفة بزنس إنسايدر، تنسب تغطية الحرب في أغلب الأحيان، قلب مسار الحرب في الصيف الماضي، ونجاح هجوم أوكراني مضاد إلى الأسلحة الغربية المرسلة إلى أوكرانيا.
لكن صواريخ غافلين المضادة للدبابات وصواريخ هيماريس كانت لا تزال في المستودعات الأمريكية والبريطانية عندما بدأ الهجوم الروسي في فبراير/شباط 2022، ولم تستقبل كييف هذه الأسلحة الغربية إلا بعد شهور من بداية الحرب.
أنظمة مختلفة
وكانت الأسلحة الحقيقية التي استخدمتها أوكرانيا لوقف التقدم الروسي في الأشهر الأولى من الحرب وحتى اليوم، هي تصميمات قديمة تعود للحقبة السوفياتية، مثل دبابات T-72 وT-64 (يعود تاريخها إلى الستينيات والسبعينيات)، ومقاتلات ميج 29، وقاذفات الصواريخ المتعددة والمدافع الرشاشة، وجميعها من الحقبة السوفياتية.
الأكثر من ذلك، عملت السلطات الأوكرانية، على تحديث المعدات والأسلحة السوفياتية بإلكترونيات وذخائر وترقيات أخرى جديدة.
على سبيل المثال، وسعت أوكرانيا نطاق وتحديث الأجهزة الإلكترونية للصاروخ السوفياتي "كي إتش 35" المضاد للسفن لإنتاج صاروخ "آر 360" الذي أغرق الطراد موسكافا الرائد في أسطول البحر الأسود الروسي، في أبريل/نيسان 2022.
لذلك، وبالمعنى العسكري، فإن أغرب جانب في الحرب الروسية الأوكرانية هو أن كلا الجيشين لهما ترسانات وتكتيكات متشابهة في الأساس تعود إلى وقت كانت فيه روسيا وأوكرانيا جزءًا من الاتحاد السوفياتي.
صعوبات فنية
وبالنسبة لأوكرانيا، هذا له فائدة غير متوقعة: كل الدبابات والمدفعية السوفياتية التي تم الاستيلاء عليها يمكن إعادة استخدامها بسهولة من قبل الأطقم الأوكرانية المعتادة على استخدام تلك النماذج، وفق بزنس إنسايدر.
ورغم أن كييف تعمل بشكل مكثف على استبدال المنظومات السوفياتية بأخرى غربية في الوقت الحالي، إلا أن هذا ليس أكثر تقدما وفاعلية من الناحية الفنية، إذ تشكل المنظومات الغربية تحديات لوجستية وتكاملية وتتطلب من القوات الأوكرانية تبني أسلوب غربي أكثر في حرب التكنولوجيا الفائقة.
وتفكك الاتحاد السوفياتي، القطب الثاني في نظام عالمي ثنائي القطبية سيطر على العالم منذ ١٩٤٥، بشكل مفاجئ في عام 1991، لكنه ترك للدول التي استقلت عقب التفكك، مثل روسيا وأوكرانيا، منظومات مختلفة من الأسلحة والدبابات.