اليورانيوم لقمة 11 عاما.. هل تتفاقم أزمة الطاقة العالمية؟
بينما ترتبط أسعار الذهب بتوجهات السياسة النقدية العالمية وسعر صرف الدولار، فإن أسعار اليورانيوم تتحرك تبعاً للظروف الجيوسياسية.
وارتفعت أسعار اليورانيوم إلى أعلى معدلاتها منذ كارثة محطة فوكوشيما النووية في اليابان عام 2011 في ظل المخاوف من أن تنعكس العقوبات الاقتصادية المفروضة على موسكو على صادرات اليورانيوم الروسي.
وكشفت بيانات مؤسسة "يو.إكس.سي" للدراسات التسويقية في مجال الطاقة النووية أن سعر اليورانيوم القياسي "يو.إكس.يو 308" قفز أمس الخميس إلى 59.75 دولار للرطل، وهو أعلى سعر له منذ مارس/آذار 2011 عندما تسبب الحادث النووي في محطة فوكوشيما دايتشي النووية في إغلاق محطات الطاقة اليابانية، وأحدث هزة في سوق اليورانيوم، وهو الوقود الذي يستخدم لتشغيل المفاعلات النووية.
وأفادت وكالة بلومبرج للأنباء بأن البيت الأبيض يدرس فرض عقوبات على شركة الطاقة النووية الحكومية في روسيا "روس أتوم"، مما يزيد المخاوف من عرقلة صادرات اليورانيوم الروسية.
- لماذا صعد المؤشر السعودي لقمة 15 عاما؟.. "اليورانيوم" ليس السبب
- هل تبحث مصر عن اليورانيوم في صحرائها وسيناء؟.. مدن تعدينية جديدة
وتمثل شركة "روس أتوم" هدفا مؤثرا على صناعة الطاقة النووية في العالم نظرا لأنها، بالاشتراك مع فروعها المختلفة، توفر أكثر من 35% من اليورانيوم المخصب على مستوى العالم، كما أن اليورانيوم الروسي شكل 16.5% من إجمالي اليورانيوم الذي استوردته الولايات المتحدة خلال عام 2020.
ونقلت بلومبرج عن جوناثان هاينز، رئيس مؤسسة "يو.إكس.سي"، قوله إن "المخاوف من انقطاع إمدادات الوقود النووي الروسي عن الغرب (وبخاصة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي) دفعت المشترين إلى دخول سوق الشراء الفوري لليورانيوم على مدار الأسبوعين الماضيين".
وأضاف: "في ظل ارتفاع احتمالات فرض قيود على واردات اليورانيوم الروسي للغرب مستقبلا، يبدو أن الضغوط التصاعدية على أسعار الشراء الفوري لليورانيوم لن تنحسر، على الأرجح".
وبحسب ما يقوله جيمس سافيل، المحلل المالي لأسعار المعادن في بورصة لندن، "لا تتحرك أسعار اليورانيوم ارتفاعا أو انخفاضا تأثرا بأسعار سلع الطاقة الأخرى مثل الغاز أو النفط بشكل مباشر، ولكن تتأثر بهم بشكل غير مباشر، فعندما تواجه الاقتصادات فترات أزمة تبحث شركات المرافق العامة عن بدائل أرخص للوقود، وتنخفض أسعار الطاقة ومعها ينخفض سعر اليورانيوم".
ويضيف، "لكن بصفة عامة يمكن القول أن الاتجاهات السعرية لليورانيوم تعتمد على الأحداث الجيوسياسية، والجوانب التحويلية في الاقتصاد العالمي، لهذا يصعب في كثير من الأحيان التنبؤ بالتحركات المستقبلية في سعر اليورانيوم".
ويؤكد أنه نظرا للدور المحوري الذي يلعبه المعدن في تشغيل المفاعلات النووية ومن ثم في توليد الطاقة النووية، فإن أسعاره عرضه للتأثر بالتوقعات العامة لمشاريع الطاقة النووية، ومن المنطقي استخلاص أن أي زيادة متوقعة في الطلب على الطاقة النووية ستنعكس على تكلفة اليورانيوم.
ويقول الخبير الاستثماري ريث ونستون إن "اليورانيوم سوق صغيرة يبلغ استهلاكه السنوي نحو 6.3 مليار دولار، وتقليديا كانت شركات الطاقة النووية هي المستهلك الرئيسي في هذه السوق، اليوم المشهد تغيير، فالمستثمرون والمضاربون، الذين يراهنون على مزيد من ارتفاع الأسعار مستقبلا باتوا قوى فاعلة في السوق لاعتقادهم أن التحول إلى الطاقة النظيفة سيؤدي لارتفاع الأسعار
وتوقعت فاينانشيال تايمز أن يرتفع الطلب على اليورانيوم من 162 مليون رطل هذا العام إلى 206 ملايين فى 2030، وربما يصل إلى 2929 مليونا فى 2040، وفقا للاتحاد النووى العالمى، ويرجع السبب وراء ذلك إلى حد كبير توليد الطاقة بشكل متزايد فى الصين مع سعيها للحد من الانبعاثات.
أبرز 10 دول منتجة لليورانيوم
تستحوذ كازاخستان على نصيب الأسد في إنتاج اليورانيوم في العالم، وبلغ إنتاجها في 2020 نحو 19.4 ألف طن، بحسب بيانات الرابطة النووية العالمية لشهر سبتمبر/أيلول 2021.
واستحوذت كازاخستان في عام 2020 على الحصة الأكبر من إنتاج اليورانيوم من المناجم وشكلت 41% من الإنتاج العالمي، تليها في المرتبة الثانية أستراليا وشكل إنتاجها 13% من الإنتاج العالمي، ومن ثم ناميبيا في المرتبة الثالثة بإجمالي إنتاج بلغ 5413 طنا خلال عام 2020.
وجاءت كندا في المرتبة الرابعة بإجمالي إنتاج بلغ 3885 طنا خلال عام 2020، وفي المرتبة الخامسة جاءت أوزبكستان بإجمالي 3500 طن، واحتلت المرتبة السادسة دولة النيجر 2991 طنا، وبالمرتبة السابعة جاءت دولة روسيا بإجمالي إنتاج 2846 طنا، تليها بالمرتبة الثامنة دولة الصين بإنتاج 1885 طنا، وبالمرتبة التاسعة جاءت أوكرانيا بإجمالي 400 طن، وأخيرا بالمرتبة العاشرة جاءت دولة الولايات المتحدة الأمريكية بإجمالي 6 أطنان.
وقد شهد إنتاج اليورانيوم من المناجم في العالم تراجعا في 2020، حيث تراجع من 54742 طنا تم تسجيلها في 2019 إلى 47731 طنا في 2020.
أبرز 10 دول مستهلكة لليورانيوم
كشفت إحصائية أصدرتها شركة ستاتيستا (statista) الألمانية المتخصصة في بيانات السوق والمستهلكين، في أبريل/نيسان 2020، عن أكبر 10 دول مستهلكة لليورانيوم عالميا خلال عام 2018 (آخر إحصائية صادرة عن الشركة).
وجاءت في المرتبة الأولى كأكثر الدول استهلاكا لعنصر اليورانيوم الولايات المتحدة الأمريكية بحجم 19.16 ألف طن، وفي المرتبة الثانية فرنسا بإجمالي 8.74 ألف طن، واحتلت المرتبة الثالثة الصين بإجمالي استهلاك 8.71 ألف طن.
وتصنف روسيا في المرتبة الرابعة ضمن قائمة أكبر الدول المستهلكة لليورانيوم بإجمالي 5.62 ألف طن، تليها بالمرتبة الخامسة كوريا الجنوبية بإجمالي 4.59 ألف طن، ثم في المرتبة السادسة جاءت الهند باستهلاك 2.33 ألف طن، وتبعتها أوكرانيا في المرتبة السابعة بإجمالي 1.89 ألف طن.
وضمت قائمة أبرز الدول المستهلكة لليورانيوم عالميا في المرتبة الثامنة بريطانيا بإجمالي 1.8 ألف طن، وفي المرتبة التاسعة جاءت كندا بإجمالي 1.62 ألف طن، وبالمرتبة الأخيرة جاءت ألمانيا بإجمالي 1.38 ألف طن.
استخدامات اليورانيوم
يُستخدم اليورانيوم في العديد من المجالات منها، التطبيقات العسكرية فيما يسمى بالقاذفات الخارقة حيث يتم استعمال اليورانيوم المستنزف الذي يستطيع تدمير الأهداف المدرعة عند السرعات العالية.
كما يستعمل اليورانيوم المستنزف كدرع واقٍ لبعض الحاويات المحتوية على مواد إشعاعية، كما أنه يستخدم في جهاز حفظ التوازن في الطائرات بفضل وزنه الثقيل.
يعد اليورانيوم وقودا ممتازا في المنشآت التي تعمل بالطاقة النووية، كما أنه يستخدم أيضا في تشغيل المحطات الضخمة لتوليد الكهرباء، وفي تحلية ماء البحر.