عام على الحرب في أوكرانيا.. أصداء المدافع تهز أركان اقتصاد العالم
بعد مرور عام على الحرب الروسية في أوكرانيا أكبر صراع في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، لا تزال التداعيات تتردد في جميع أنحاء العالم.
لم تؤد الحرب في أوكرانيا التي انطلقت شرارتها في 24 فبراير/شباط 2022 إلى إعادة الاصطفاف الجيوسياسي فحسب، بل تسببت في صعوبات اقتصادية بعيدة عن بؤرة القتال.
الغذاء والاقتصاد
تعتبر أوكرانيا وروسيا مصدرين رئيسيين للقمح والشعير والذرة وزيت الطهي، خاصة إلى دول أفريقيا والشرق الأوسط.
توسطت تركيا والأمم المتحدة في اتفاق الصيف الماضي للسماح للحبوب الأوكرانية بالمرور عبر موانئ البحر الأسود.
تعتبر روسيا أيضا منتجا رئيسيا للأسمدة والبترول، وتؤدي الاضطرابات في تدفق هذه السلع إلى تفاقم تحديات سلسلة التوريد والمناخ الأخرى، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار الغذاء والغاز وتسبب في نقص في أماكن مثل تشاد وتونس وسريلانكا.
ويعتمد لبنان على الذرة القادمة من أوكرانيا لتغذية الدجاج، وقد تسبب الصراع في تعطيل الواردات، وفي سريلانكا تفاقمت الأزمة الاقتصادية بسبب ارتفاع أسعار الوقود والغذاء الناجم عن الصراع.
وفي تشاد يرجع نقص القمح المحلي إلى الحرب في أوكرانيا، في وقت تحظر فيه الهند صادرات القمح بعد أن أدت موجة الحر إلى تقليص الإنتاج، مما أدى إلى تفاقم النقص العالمي الناجم عن الحرب في أوكرانيا.
وفي تونس، تعد الحرب مسؤولة جزئيا عن ارتفاع أسعار المواد الغذائية ونقصها ما يهدد بإشعال اضطرابات اجتماعية.
النازحون
فر أكثر من 8 ملايين لاجئ من أوكرانيا فيما تصفه منظمة الصحة العالمية بأنه "أكبر حركة للناس في المنطقة الأوروبية منذ الحرب العالمية الثانية"، وفقا لـ"NPR".
في فرنسا يملأ اللاجئون الأوكرانيون وظائف المصانع التي تُركت شاغرة بسبب نقص العمالة في فرنسا.
وفي أرمينيا يقيم آلاف الروس، وهي جمهورية سوفياتية سابقة تقدم للروس إمكانية الدخول بدون جواز سفر، أما تركيا فأصبحت وجهة سياحية وملاذا للروس.
أما ألمانيا فيقول أكثر من ثلث اللاجئين الأوكرانيين الذين قدموا إلى ألمانيا إنهم يفضلون البقاء، وفي الولايات المتحدة يستقر العديد من اللاجئين الأوكرانيين.
الاصطفاف
تدفع حرب القرن الحادي والعشرين في أوروبا بقيادة قوة نووية العالم نحو إعادة الاصطفاف، وأثارت قلق حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي، مما أجبر الدول على الانحياز بطرق أدت إلى تصعيد التوترات والتحولات الدبلوماسية.
على سبيل المثال، زادت تركيا، على الرغم من كونها عضوا في الناتو، من التجارة مع روسيا منذ بداية الحرب وأثارت اعتراضات على السماح للسويد وفنلندا بالانضمام إلى التحالف.
بينما يتفق الزعيم الصيني شي جين بينغ والمستشار الألماني أولاف شولتز على أن أي استخدام للأسلحة النووية من قبل روسيا سيتجاوز الخط الأحمر، لكن لا تزال العلاقات بين الصين وروسيا قوية على الرغم من الاحتجاج الدولي على الحرب في أوكرانيا.
أعلنت السويد، المستقلة عن الناتو منذ إنشائها، أنها ستسعى للحصول على عضوية الحلف بعد حرب أوكرانيا، في وقت أعلنت فيه أيضا فنلندا التي تشترك في حدود طويلة مع روسيا، عن رغبتها في الانضمام إلى الناتو.
الطاقة
روسيا هي واحدة من أكبر منتجي النفط والوقود في العالم، حظرت الدول الأوروبية النفط والغاز والديزل الروسي الذي تعتمد عليه، مما تسبب في البداية في ارتفاع حاد في الأسعار.
ومع ذلك، فإن التحركات التي اتخذتها الدول الأوروبية للحصول على مصادر بديلة، إلى جانب الشتاء المعتدل، قد خففت إلى حد كبير من ارتفاع الأسعار، والتي عادت إلى مستويات ما قبل الحرب.
في ألمانيا تحرك السكان لتخزين الشموع خوفا من نقص الوقود، وفي إيطاليا بينما تضرب تكاليف الطاقة الاقتصاد الذي كان يعتمد في السابق على الوقود الروسي، أصبح الجمهور أكثر تشككا في إمداد أوكرانيا بالأسلحة.
وتشهد الأسر في المملكة المتحدة ارتفاعا حادا في أسعار الطاقة في أسوأ أزمة تكلفة معيشية في بريطانيا منذ جيل، يأتي ذلك في وقت تواصل فيه الهند شراء النفط الروسي بسعر مخفض حتى في الوقت الذي يتجنب فيه الغرب شراء النفط.
الأمن
تمتلك روسيا أسلحة نووية أكثر من أي دولة أخرى. لقد أدت الحرب إلى إعادة تنشيط الناتو بشكل ملحوظ، حيث قامت الولايات المتحدة والدول الأعضاء الأخرى بنقل معدات عسكرية بقيمة عشرات المليارات من الدولارات إلى أوكرانيا.
تضمنت عمليات تسليم الأسلحة المبكرة صواريخ مضادة للدبابات مثل صواريخ جافلين الأمريكية الصنع، في التحركات الأخيرة، وعدت الولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا بتقديم أحدث الدبابات.
دعا الأمين العام لحلف الناتو كوريا الجنوبية إلى تقديم المساعدة العسكرية لأوكرانيا، مشددا على "حاجة كييف الملحة لمزيد من الذخيرة، إلا أن الدولة الأسيوية رفضت ذلك.
أما تركيا وعلى الرغم من كونها عضوا في الناتو، فقد رفضت الانضمام إلى العقوبات الغربية ضد روسيا أو تزويد أوكرانيا بالأسلحة، أما ألمانيا بعد أشهر من المقاومة للفكرة، وافقت على التبرع بأحدث دبابات Leopard 2 لأوكرانيا للمساعدة في القتال ضد روسيا.
على الرغم من الانتقادات، تمضي جنوب أفريقيا قدمًا في التدريبات العسكرية المشتركة مع كل من روسيا والصين.
aXA6IDMuMTM5LjY3LjIyOCA= جزيرة ام اند امز