تدخل حرب روسيا-أوكرانيا عامها الثاني مع غياب لأفق الحل الدبلوماسي، وتصاعد احتمالية تحول الحرب إلى صراع طويل، أثّر ويؤثر في العالم.
ومع وصول فصل الربيع تبدأ الاستعدادات لمعارك تهدف لتغيير الواقع على الأرض، فالجيش الروسي يريد تغييرا جذريا في المعادلة، في وقت تخطط فيه كييف لهجوم مضاد، باستخدام قوات أكثر تدريبًا وتجهيزا مع توفير دعم بكم كبير من الأسلحة الغربية.
وبالعودة إلى بداية الحرب الروسية الأوكرانية، تباينت التوقعات حول أمد المعارك فيها واستمرارها، مع ارتفاع أخطار التصعيد التي يشكلها الصراع، وتوقع كثيرون أن يحسم الجيش الروسي المجهّز المعارك بأسرع مما جرى على الأرض، ليغير الرئيس الروسي في يناير المنصرم قائدَ القوات المسلحة لقيادة العمليات في أوكرانيا للمرة الثانية في غضون ثلاثة أشهر فقط.
واليوم نحن نقف في طريق شبه مسدود، فالحسم العسكري يبدو بعيد المنال لكلا الطرفين مع المعارضة الكبيرة لتوفير أسلحة ثقيلة وطائرات نفاثة لأوكرانيا، وما يحمله ذلك من أخطار نشوب حرب كونية، في مقابل تهديد روسيا باستخدام القوة النووية "إذا لزم الأمر"، بحسب الرئيس الروسي.
وفي خضم هذه المتغيرات، تتقلص الخيارات الغربية لتغيير معادلة الحرب بالعقوبات الاقتصادية والسياسية، التي لم تؤتِ النتائج المرجوة منها في الداخل الروسي، حيث يبدو أن الاقتصاد الروسي تجاوز سلسلة العقوبات الغربية في الوقت الحالي، مقابل انعكاس ذلك على الدول الأوروبية، التي تشهد معارضة داخلية واستياءً واضحا من تمديد الصراع وتكاليفه الاقتصادية الكبيرة نحو شتاء ثانٍ إذا لم تتحقق المكاسب العسكرية هذا الصيف.
لعل موسكو تدرك أن إطالة الحرب تقف لصالحها، إذ تمتلك المبادرة الاستراتيجية، بينما تنفد ذخيرة أوكرانيا وأوروبا، لا سيما أن طاقة التصنيع العسكري لدول أوروبا ليست كافية لتغطية احتياجات أوكرانيا البعيدة، وهناك شعور متزايد لدى الروس بأن هذه الحرب ستطول، حسبما ألِفوا منذ الحقبة السوفييتية.
أخيرًا، تبقى هناك فرصة للوصول إلى السلام في أوكرانيا عبر المقترح الصيني، للابتعاد عن التصعيد العسكري والتوجه نحو الدبلوماسية، لكن ذلك يعتمد على قرار الغرب واقتناع داعمي كييف بدعم المفاوضات، ولعله الوقت الأنسب وسط تباين الآراء الغربية حول الجهات الأكثر تضررًا من الحرب وحجم تكلفتها الباهظة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة