بعد مرور عام على اندلاع الأزمة الأوكرانية، عانى كلا البلدين من خسائر فادحة.
وفقًا لرئيس الوزراء الأوكراني، حتى نهاية العام الماضي، بلغت الخسائر الناجمة عن الصراعات العسكرية في أوكرانيا 700 مليار دولار أمريكي.
ووفقًا لإحصاءات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فقد أدت الأزمة الأوكرانية إلى مقتل أكثر من 8000 مدني وتشريد أكثر من 14 مليون شخص.
وأعلنت وزارة المالية الروسية مؤخرًا أنه منذ اندلاع الصراع، وصل العجز المالي لروسيا إلى 8 تريليونات روبل، وهو أعلى مستوى وصل إليه منذ عام 1998.
بالإضافة إلى ذلك، من الصعب حاليًا تقدير عدد الضحايا العسكريين والمدنيين من كلا الجانبين.
لم تؤثر الأزمة الأوكرانية بشكل خطير في روسيا وأوكرانيا فحسب، بل أثرت أيضًا في الدول الأوروبية بشدة.. إذ تعتبر روسيا أهم مورّد طاقة إلى أوروبا.
وأدى تأثير الحرب والعقوبات ضد روسيا إلى أزمة طاقة في أوروبا، وامتدت إلى المجالات الاقتصادية الأخرى، ما تسبب في بقاء معدل التضخم في منطقة اليورو مرتفعًا، ليحقق أعلى مستوى تاريخي بمعدل 10.6٪ في أكتوبر من العام الماضي، وقد أدى ذلك إلى تدخل خطير في السياسة النقدية، ما أبطأ النمو الاقتصادي في مختلف البلدان لمواجهة مخاطر الركود الاقتصادي.
منذ خريف العام الماضي، خفضت المؤسسات الدولية الكبرى توقعات النمو الاقتصادي للاقتصادات الأوروبية الكبرى، مثل المملكة المتحدة وألمانيا، وتعتقد أنه سيكون هناك نمو سلبي في الربع الرابع من عام 2022 والربع الأول من عام 2023.
في حين نجت بريطانيا وألمانيا بصعوبة من الركود الفني بنتائج أفضل قليلاً من المتوقع في بداية العام، ولكن سيظل الاقتصاد الأوروبي يتدهور بسبب الصراع.
يتوقع المكتب الوطني للإحصاء في المملكة المتحدة أن يكون النمو الاقتصادي للمملكة المتحدة قريبًا من الصفر هذا العام، وألمانيا، المعروفة باسم "القاطرة الاقتصادية" لأوروبا، ليست متفائلة.
وذكر البنك المركزي الألماني أنه إذا انكمش الاقتصاد مرة أخرى في الربع الأول من هذا العام، ستدخل ألمانيا في حالة ركود تقني.
لولا هذه الأزمة، لما كان النمو الاقتصادي في أوروبا ليبلغ حالة الركود التي هي عليه الآن.
ومنذ اندلاع أزمة أوكرانيا، وقفت الصين بقوة بجانب الحوار والسلام، ودعمت محادثات السلام بطريقتها الخاصة، ولعبت دورا مسؤولا وبنّاءً في تخفيف التوترات وحدة الأزمة.
في يوم 21 فبراير الجاري أصدرت الصين ورقة مفاهيم بشأن مبادرة الأمن العالمي، والتي تسلط الضوء على الأمن المشترك والشامل والتعاوني والمستدام.
الوثيقة تشرح المفاهيم والمبادئ الجوهرية لمبادرة الأمن العالمي، التي طرحتها الصين.. وتشدد فيها على احترام السيادة ووحدة الأراضي لكل الدول.
وتدعو الورقة العالم إلى ضرورة أخذ الشواغل الأمنية المشروعة لكل الدول على محمل الجد، بالتوازي مع الالتزام بالتمسك بمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة.
واليوم نشرت الصين ورقة توضّح فيها موقفها من التسوية السياسية للأزمة الأوكرانية، عبر بعض البنود:
أولا، احترام سيادة الدول كافة.
ثانيا، نبذ عقلية الحرب الباردة.
ثالثا، وقف القتال ومنع الصراع.
رابعا، إطلاق مفاوضات السلام.
خامسا، حل الأزمة الإنسانية.
سادسا، حماية المدنيين والأسرى.
سابعا، الحفاظ على سلامة المحطات النووية.
ثامنا، التقليل من المخاطر الاستراتيجية.
تاسعا، ضمان نقل الحبوب.
عاشرا، التوقف عن فرض العقوبات أحادية الجانب.
حادي عشر، ضمان استقرار سلاسل الصناعة والإمداد.
ثاني عشر، الدفع بإعادة الإعمار بعد النزاع.
إن الأمن هو حق لمختلف دول العالم، وليس امتيازا لدول معينة.. ومن أجل جعل العالم أكثر أمنا، يجب على كل دول العالم تحمل المسؤولية، فلا أحد ينتصر في الحرب.
وتتطلع الصين إلى مشاركة كل الأطراف في مبادرة الأمن العالمي، وبذل جهود مشتركة في تنفيذ أهدافها وجعل العالم أكثر سلاما واستقرارا.
كما تتطلع إلى الاستئناف المبكر لمحادثات السلام بين روسيا وأوكرانيا.. ونأمل أيضًا أن يتخلى كل من الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي عن تحيزاته وبدء حوار حقيقي شامل مع روسيا من أجل الاستقرار العالمي.
في النهاية، إذا رجعنا إلى كتب التاريخ بحثا عن دروس مستفادة لمثل هذه الأزمات، سنجده يخبرنا بأنه لا يجوز للمجتمع البشري أن يتورط مرة أخرى في مجابهة المعسكرات وانقسام العالم، ولا يجوز له أن يتورط في فخ لعبة المحصلة الصفرية والحروب والاشتباكات.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة