تداعيات الحرب الأوكرانية.. كيف يتحقق الأمن الغذائي العالمي؟
تهدد تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية الأمن الغذائي العالمي وسط مخاوف من نقص إمدادات المحاصيل الأساسية مثل القمح والذرة، وتفجر مجاعة.
وتسببت الحرب الدائرة حالياً في حدوث أزمة في سلاسل الإمداد التي كانت متضررة بالفعل من الإغلاق العام جراء جائحة كورونا خلال العامين الماضيين، ما أثر في قدرة العالم على إطعام 7.9 مليار شخص.
ويعد القضاء على الجوع ثاني أهداف التنمية المستدامة السابعة عشر التي حددتها "الأمم المتحدة"، والتي يجب تحقيقها بحلول عام 2030، إلا أن تحقيق هذا الهدف يزداد صعوبة.
وأظهرت تقديرات الأمم المتحدة أن عدد يتراوح بين 720 مليونًا و811 مليون شخص في العالم عانوا من الجوع في 2020، بمعدل شخص واحد من بين كل 10 أشخاص.
وتتأثر بعض المناطق أكثر من غيرها، إذ أشار تقرير حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم لعام 2021 إلى أن نحو شخص من بين خمسة أشخاص في أفريقيا (21% من السكان) عانى من الجوع في 2020، أي أكثر من ضعف النسبة في أي منطقة أخرى، ففي أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي على سبيل المثال واجه واحد من بين 10 أشخاص الجوع في 2020.
ويؤثر سوء التغذية من ناحية أخرى على نمو الأطفال، ففي عام 2020 عانى نحو 22% من الأطفال تحت سن الخامسة (أكثر من 149 مليون طفل) من التقزم، وتواجد نحو ثلاثة أرباع أولئك الأطفال الذين يعانون من التقزم في منطقتين، وهما وسط وجنوب آسيا (بنسبة 37%)، و أفريقيا جنوب الصحراء (بنسبة 37%).
تأثير الحرب على الأمن الغذائي العالمي
ثمة العديد من المؤشرات على مدى تأثير الحرب الروسية الأوكرانية على الأمن الغذائي العالمي، منها أن أوكرانيا تلعب دوراً أساسياً في نظام الغذاء العالمي، فوفقاً للصندوق الدولي للتنمية الزراعية تساهم روسيا وأوكرانيا معاً بنحو 12% من السعرات الحرارية الغذائية التي يتم استهلاكها في العالم.
وتذهب نحو نصف صادرات أوكرانيا (40%) من القمح والذرة إلى منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، التي تعاني بالفعل من مشكلات الجوع.
ووقد يؤدي نقص الأغذية أو ارتفاع أسعارها إلى تأجيج الاضطرابات الاجتماعية في المنطقة، ومن ثم يمتد تأثير الحرب الروسية على أوكرانيا إلى الكثير من الدول.
وقد ارتفعت بالفعل أسعار المواد الغذائية العالمية في فبراير بنسبة تزيد على 20% مقارنة بعام 2021، وفقاً لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة.
ويحدد تقرير حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم لعام 2021 ثلاثة أسباب رئيسية وراء زيادة الجوع وانعدام الأمن الغذائي في العالم، ويتضمن ذلك الصراعات السياسية، والتغير المناخي والظواهر المتطرفة، والتباطؤ والركود الاقتصادي (والذي تفاقم بسبب جائحة كورونا).
ويشير التقرير إلى أن ملايين الأشخاص في العالم يعانون من سوء التغذية؛ لأنهم لا يستطيعون تحمل تكلفة النظم الغذائية الصحية، ويمكن أن تتسبب التحديات التي تهدد الأمن الغذائي في تفاقم مشكلات الجوع التي كانت موجودة بالفعل بسبب عدم المساواة، فعلى سبيل المثال تؤثر الصراعات سلباً على كل جوانب النظام الغذائي تقريباً، بدءاً من الإنتاج، والحصاد، والنقل، وحتى الإمدادات، والتسويق، والاستهلاك.
وبحسب التقرير يمكن أن تؤثر الصراعات بشكل مباشر على الأمن الغذائي من خلال تدمير المحاصيل الزراعية، أو تقييد حركة التجارة، مما يؤدي إلى نقص المعروض من الأغذية، وارتفاع أسعارها.
كيف يتحقق الأمن الغذائي في العالم؟
يوصي تقرير حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم لعام 2021، والذي نُشر قبل غزو أوكرانيا، بستة طرق لتغيير النظم الغذائية لمواجهة هذه التحديات، وضمان توفير أنظمة غذائية صحية مستدامة وميسورة التكلفة لجميع الأشخاص.
وتشمل هذه الطرق دمج السياسات الإنسانية والإنمائية وسياسات بناء السلام في المناطق المتضررة من الصراعات، وزيادة مكافحة التغير المناخي عبر النظم الغذائية.
وتتضمن تقرير الأمم المتحدة سُبل تغيير النظم الغذائية؛ تعزيز قدرة الفئات الأكثر تضرراً على مواجهة الأزمات الاقتصادية، والمشاركة في إدارة سلاسل الإمداد الغذائي لخفض تكاليف المواد الغذائية، وحل مشكلة الفقر وعدم المساواة، وتعزيز البيئات الغذائية وتغيير سلوك المستهلك لتعزيز الأنماط الغذائية ذات الآثار الإيجابية على صحة الإنسان والبيئة.