سوق "أم دفسو" بالخرطوم.. متنفس الغلابة ونصير البسطاء

لم يكن سوق "أم دفسو" في مدينة أم درمان السودانية، مجرد متاجر تعرض سلعا للزبائن لكنه يشكل واحة لمحدودي الدخل لاقتناء احتياجاتهم اليومية.
ويعمل السوق بتجزئة متناهية للسلع، إذ يمكن لمرتاديه شراء أبسط الأشياء وبأسعار معقولة تناسب وضعهم المادي، مقارنة بالأسواق الأخرى، مما خلق له جماهرية خاصة.
أغلب زوار هذا السوق من شريحة النساء اللاتي يأتين كل صباح لشراء احتياجاتهن المنزلية، خاصة الخضر والفواكه، بينما يحتفظ بنمط تقليدي في بناياته وطرق عرض السلع، وحتى الوصول إليه يكون بواسطة عربة بدائية "كارو حمار".
ويقع سوق "أم دفسو" جغرافياً في ضاحية أمبدة الحارة 16، بالجزء الغربي من مدينة أم درمان، ويخدم الآف السكان المحيطين به والموزعين على نحو 21 حارة، وفق ما أفاد تجار بالسوق.
ويقول الطاهر عباس، من سكان المنطقة، أن سوق "أم دفسو" ازدهر مع حلول الألفية الثانية، وأصبح رائجاً يقصده الزبائن حتى من المناطق البعيدة لكونه يقدم سلعا بأسعار منخفضة.
ونبه عباس في حديثه لـ"العين الإخبارية" إلى أن تراجع الوضع الاقتصادي والغلاء الطاحن، ساهم في أن يزداد الاهتمام بأم دفسو كغيره من الأسواق التي تتناسب والوضع المادي للسكان، فغالبيتهم ضعفاء ويفضلون السلع البسيطة.
ويضيف: "من المستحيل أن يدخل أي شخص سوق أم دفسو ويخرج خالي الوفاض مهما كان وضعه المادي، فيمكنه شراء الطماطم والليمون والبطاطا والشطة والموز والبيض، بالحبة أو القطعة، فضلا عن السلع الأخرى التي تُباع بالتجزئة".
مسكول لحمة
ويبدو أن بيع اللحوم أكثر غرابة من السلع الأخرى في سوق "أم دفسو"، حيث يمكنك شراء قطعة صغيرة للغاية تقدر ببضع جرامات أو ما يسمونه محليا، "مسكول" وفق رواية أحد الجزارين.
والمسكول، مقدار ابتدعه الجزارون في أم دفسو والأسواق الأخرى لمساعدة المواطنين على شراء اللحوم التي تشهد غلاء طاحناً، ويقدر وزنه بنحو 125 جراماً، أي "واحد على ثمانية من الكيلوجرام".
ويشير جزار في حديثه لـ"العين الإخبارية": "نحن ندرك صعوبة الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها البلاد، لذلك نتساهل في بيع اللحوم وتجزئة الأوزان حتى يتكمن أي شخص من الشراء".
وفي كل يوم تتوافد النسوة بكثافة نحو سوق أم دفسو، والذي يعمل خلال الفترة الصباحية فقط، ويُشكل متنفسا لهن في ظل غليان الأسعار الذي تعيشه بلادهن.
تقول فاطمة موسى: "نأتي لهذا السوق لأن أسعاره مناسبة للغاية مقارنة بالمتاجر الأخرى، إذ نتمكن من شراء عدة أصناف ومتنوع مهما كانت المبالغ بحوزتنا قليلة".
وأضافت في حديثها لـ"العين الإخبارية" وهي منتشية بالتسوق: "هذا سوقنا المحبب ونجد متعة خاصة في المجيء إليه كل صباح، لقد سادت المعرفة والألفة بيننا والتجار، فجميعنا من طينة واحدة ونشعر بالآم بعضنا".
لم يكتفٍ سوق أم دفسو بتقديم سلعا رخيصة للبسطاء، بينما شكل ملتقى للشباب يلتقون في مقاهيه البلدية، يروحون عن أنفسهم ويتناسون نيران البطالة التي طالما أغرقتهم في جحيم الفقر.