"أم سيف".. إماراتية خمسينية تتحدّى الزمن بالتعليم الجامعي
"أم سيف" إماراتية تحب العلم والتراث، وتتحدّى الظروف والصعوبات، متسلّحةً بإرادتها ودعم أبنائها حتى تُكمِل تعليمها الجامعي.
ناهز عمر الإماراتية مريم علي الشحي "أم سيف"، 56 عاماً، ولكنّها لم تستسلم أمام تحقيق حلمها في مواصلة دراستها الأكاديمية، إذ استطاعت بفضل إرادتها ودعم وتشجيع أبنائها اجتياز المرحلة الثانوية ودخول الجامعة، متحديةً حاجز السنّ ومُقبِلةً بنهم كبير على تحصيل العلم.
لم تسمح ظروف الحياة سابقاً أن تكمل "أم سيف" تعليمها، لكون متطلبات الأسرة تأخذ جلّ وقتها، بيْد أنها انضمَّت إلى مدرسة "أم المؤمنين للتعليم الثانوي" في إمارة الفجيرة، والتي حصلت منها على شهادة الثانوية سنة 2013.
وفي حديثها لـ"العين الإخبارية"، حول تجربتها وما تحمله من مضامين، أفادت "أم سيف": "العلم لا يتوقّف على صغير أو كبير، فالمثل يقول (أطلُب العلم ولو في الصين)، لذا قرّرت متابعة تعليمي، حتى لا أظهر جاهلةً أمام أبنائي، خصوصاً أنهم أكملوا مسيرتهم العلمية، ومضوا قدماً في تحديد مستقبلهم المهني".
وتابعت "أم سيف": "بناتي أنهيْن دراستهن الجامعية، أما أبنائي فالتحقوا بالقوات المسلحة لخدمة وطنهم الغالي دولة الإمارات العربية المتحدة، وقرّرتُ مواصلة دراستي بعد أن خفّت أعباء المنزل وتوفَّر لي الوقت، فأنهيت الثانوية، وعملتُ في هيئة الفجيرة للسياحة والآثار، بقرية مضب التراثية".
وأردفت: "بعد دعم أسرتي وصديقاتي لي، تولَّد لديّ حافز قوي بغية دخول الجامعة، رغم أنها خطوة جريئة من امرأة في عقدها الخامس، إلا أن إرادتي أعطتني دافعاً قوياً من أجل الالتحاق ببرنامج "إنجاز" لتأهيل الإماراتيات لسوق العمل، وهو بمثابة دراسة جامعية، حيث استمرت دراستي في الكلية الإسلامية مدة عامين وأنهيتها بنجاح".
لم تؤثر الانطلاقة الجديدة لـ"أم سيف" على رعاية أسرتها أو عملها، ولم يتراجع اهتمامها ببيتها الذي رسمته ببساطة وذوق، ولا تزال تمارس مهنة "سف الخوص" خلال أوقات الفراغ.
وللتراث حيّز كبير في شخصية "أم سيف"، إذ تعمل في قرية التراث بإمارة الفجيرة، وهناك تبدع أناملها في مهنة "سف الخوص" القائمة على حياكة أوراق جريد النخل.
وقالت: "هذه الحرفة التي اكتسبتها عن والدتي تعكس ما كانت عليه حياة الأجداد، وكيف استطاعوا أن يطوّعوا الخامات البسيطة، في إنتاج أدوات ومقتنيات تلبّي احتياجاتهم، كالحصير والسلال التي لا تخلو منها المنازل القديمة".
وتركّز حرفة "سف الخوص"، حسب "أم سيف"، على حياكة أوراق جريد النخل، لإنتاج مجموعة واسعة من الأدوات مثل "المهفة"، أي المروحة اليدوية، والسفرة والحصير والسلال، وأحجام مختلفة من أوعيةِ حفظ التمور، إضافةً إلى حياكة "المكبة"، وهو غطاء على شكل مخروطي يتم استخدامه لحفظ الطعام المُقدَّم على السفرة.
ولا ترى "أم سيف" أن العبرة من قصتها تقتصر على سيدة خمسينية أنهت تعليمها الجامعي، بل تنظر إلى الأمر بأفق أوسع، موضحةً: "أدعو كل فتاة إلى عدم الابتعاد عن مقاعد الدراسة، فالشهادة سلاح في يد المرأة، يمكنها الاستفادة منها لتحسين وضعها الاجتماعي والاقتصادي والثقافي".