3 ملفات "معقدة".. إرث ثقيل بانتظار المبعوث الأممي الجديد لليبيا
بعد 9 أشهر من شغور المنصب، عينت الأمم المتحدة مبعوثا جديدا لها إلى ليبيا، ليصبح الرجل في مواجهة أزمات أمنية وسياسية واقتصادية معقدة.
والجمعة، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش رسميا تعيين الدبلوماسي السنغالي عبدالله باثيلي مبعوثا للمنظمة الدولية إلى ليبيا.
وباثيلي ثامن مبعوث أممي لليبيا خلفا للمبعوث السابق يان كوبيش المستقيل في ديسمبر/كانون الأول الماضي، يتولى المهمة بالتزامن مع مرور البلاد بأزمات خانقة، ما يجعل مهمته غاية في الصعوبة، بحسب مراقبين.
المحلل السياسي الليبي فيصل الترهوني تحدث لـ"العين الإخبارية" عن ثلاثة ملفات تنتظر السنغالي باثيلي، وهي: (السياسي والأمني والاقتصادي).
وما يجعل مهمة المبعوث الجديد صعبة، يقول المحلل السياسي الليبي إنها "جاءت في توقيت تشهد الملفات تعقيدا غير مسبوق".
الملف الأول.. السياسي
يتمثل الملف السياسي في صراع حكومتين على السلطة، وهي حكومة فتحي باشاغا التي عينها البرلمان في مارس/آذار الماضي، وحكومة عبدالحميد الدبيبة الذي يرفض تسليم السلطة ويتمسك بها ضمن سياسة الأمر الواقع، وفقا لـ"الترهوني".
وهذه المعضلة -يقول فيصل الترهوني- "تحتاج لعمل شاق وجولات ماراثونية من قبل المبعوث الأممي الجديد لحلها".
وأضاف: "ولكن ذلك ليس بهذه البساطة، فحل مشكلة السلطة بين حكومتين سيجعل عبدالله باثيلي يصطدم بصخرة دولية، أي أن لكلا الرجلين باشاغا والدبيبة دولا يدعمانهما للبقاء، بالتالي عليه حل ذلك الإشكال أولا، وهو أمر غاية في الصعوبة".
ومضى في توضيحه بقوله: "إقناع الدول المتدخلة في الأزمة الليبية وإرغامها على أن تكون على الحياد هو أمر سبق أن أفشل جهود معظم المبعوثين الأمميين إلى ليبيا وجعل بعضهم يستقيل".
وضمن الملف السياسي أيضا، يرى فيصل الترهوني أن المبعوث الجديد "تسلم مهامه في ظل أزمة سياسية أخرى تتمثل في صراع بين غرفتين نيابيتين هما مجلس النواب ومجلس الدولة وهو خلاف مستقل عن خلافهما حول الحكومتين".
وفسر المحلل السياسي ذلك بقوله: "الخلاف بين مجلسي النواب والدولة هو خلاف تشريعي، ففي حين يرى البرلمان أن صلاحياته التشريعية حصرية يصر مجلس الدولة على مشاركة النواب في تلك الصلاحيات مستندا إلى الاتفاق السياسي الذي وقع عام 2015 في الصخيرات المغربية".
وواصل تحليله: "كان خطأ الأمم المتحدة التي تنازلت ومررت تمسك المؤتمر الوطني السابق بالبقاء في السلطة بعد أن تحول إلى مسمى مجلس الدولة في حين كان الأصح أن تقر الأمم المتحدة بانتهاء ذلك الجسم".
وأوضح أنه "بعد حصول مجلس الدولة على الشرعية عبر اتفاق الصخيرات الهادف للحل أصبح جزءا من المشكلة بدلا من أن يكون جزءا من حلها".
الملف الثاني.. الأمن
وعن ثاني الملفات المعقدة في ليبيا، وهو الملف الأمني، قال المحلل السياسي إن "السنغالي باثيلي تسلم مهامه بعد أسبوع واحد من توتر أمني واشتباكات في العاصمة طرابلس بين مليشيات مسلحة ما أوقع 32 قتيلا وعشرات الجرحى".
وأضاف: "خفض التوتر الأمني هو أول أمر يفترض أن يسعى المبعوث الجديد للعمل عليه بحسب المنطق، لأنه في ظل إشهار كل الأطراف سلاحها لن يستطيع الرجل العمل".
ومضى بالقول: "المبعوث الجديد تسلم والأمور معقدة فيما يخص الملف الأمني فالمليشيات زادت قوتها بل وأصبحت أكثر شرعية وعدة أيضا".
ورغم ذلك إلا أن الترهوني أكد أن "هناك ما يدعو للتفاؤل في الملف الأمني الليبي ويتمثل ذلك بحسبه" في مباحثات توحيد المؤسسة العسكرية "التي قال إنها تسير بشكل ممتاز".
الترهوني أوضح أنه "في حال توحدت المؤسسة العسكرية فعليا، فلن يحتاج باثيلي لأي جهد يذكر، لأن جميع الملفات ستحل خاصة الملف الأمني وعنف المليشيات".
الملف الثالث.. الاقتصاد
وعن ثالث وآخر الملفات، وهو الاقتصاد، أوضح المحلل السياسي الليبي فيصل الترهوني أن "المبعوث الجديد تسلم في ظل شبه انهيار في المؤسسات الاقتصادية".
وأضاف أن "اقتصاد البلاد منهار وجميع المساعي السابقة لتوحيد المؤسسات الاقتصادية الليبية المنقسمة توقفت، وباء بعضها بالفشل، وتوحيد البنك المركزي مثالا على ذلك".
ورأى أن "تعثر جهود توحيد البنك المركزي هو الأساس الذي يجعل من الملف الاقتصادي صعب الحل بالنسبة للمبعوث الجديد".
وفسر حديثه بالقول: "في ظل انقسام البنك المركزي وعدم ثقة الأطراف المتخاصمة في إدارة البنك بطرابلس وبنود الإنفاق إضافة لشعور باقي الأقاليم كالشرق والجنوب بالتهميش وعدم الإنفاق على التنمية فيها كل ذلك يبقى المشكل الليبي قائما".
وتابع: "ورغم ذلك فهناك ما يدعو أيضا للتفاؤل في الملف الاقتصادي وهو تعافي مؤسسة النفط التي تعتمد عليها البلاد بشكل كلي في ميزانيتها العامة".
ويختتم المحلل الليبي حديثه بالإشارة إلى أن النفط تخطى حاليا الإنتاج المتوقع، وهو أمر يدعو للتفاؤل، وذلك جاء في ظل أن مؤسسة النفط تعمل بحياد في شرق وغرب وجنوب ليبيا وجميع الأطراف راضون عن إدارتها الجديدة.