سيناريو غير مسبوق.. هل ترد قوات يونيفيل على الضربات الإسرائيلية؟
ضربات متتالية تلقتها قوات حفظ السلام في جنوب لبنان "يونيفيل"، حركت الأسئلة الصعبة والسطور الخفية في تفويض هذه القوات للسطح.
وأعلنت القوة الأممية، اليوم الجمعة، وقوع انفجار في مقرها بمنطقة الناقورة جنوبي لبنان، للمرة الثانية خلال الساعات الـ48 الماضية، ما تسبب في إصابة جنديين من قوات حفظ السلام.
وذكّرت "يونيفيل" في بيان القوات الإسرائيلية وجميع الجهات الفاعلة الأخرى بـ"التزاماتها" وأن "أي هجوم متعمد على قوات حفظ السلام هو انتهاك خطير للقانون الإنساني الدولي ولقرار مجلس الأمن 1701"، الذي وافقت عليه جميع الأطراف المعنية في عام 2006.
ووفق موقع "بريكينغ ديفينس" فإن هذه الحوادث تهدد بسكب المزيد من البنزين على نار الصراع بين إسرائيل وحزب الله اللبناني المدعومة من إيران، وتضع مهمة "يونيفيل" لحفظ السلام المثيرة للجدل أصلاً في موقف أكثر صعوبة.
ويحرك الوضع الراهن سيناريو لم يحدث منذ نشر قوات حفظ السلام في لبنان في 2006، وهو رد الأخيرة على الضربات الإسرائيلية باستخدام القوة لحماية عناصرها، وضمان عدم استخدام منطقة عملياتها في عمليات عدائية وغيرها من الظروف.
وتتألف قوة اليونيفيل من قوات دولية من 49 دولة تابعة للأمم المتحدة، بما في ذلك وحدة إيرلندية شاركت في مواجهة متوترة مع القوات الإسرائيلية خلال عطلة نهاية الأسبوع.
احتمالان للضربات الإسرائيلية
في نهاية شهر سبتمبر/أيلول دعت القوات الإسرائيلية قوات "يونيفيل" إلى الانسحاب من بعض المواقع في جنوب لبنان، لكن قوات حفظ السلام رفضت التحرك.
وقال كبير محللي شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في شبكة "ران" ريان بوهل، لموقع ”بريكينغ ديفينس“، إن هناك احتمالين لتفسير تصرفات الجيش الإسرائيلي المزعومة.
وعلى الرغم من إعلان "يونيفيل" أن هجومين على قواتها كانا متعمدين، فإنه قال إنه من المحتمل أن ”قوات الجيش الإسرائيلي على الأرض أخطأت في موقع ليونيفيل وأطلقت النار".
أما الاحتمال الأقل ترجيحاً لكنه يظل ممكناً، وفق بوهل، فهو أن الجيش الإسرائيلي أو على الأقل بعض قادته على الأرض يريدون الضغط على "يونيفيل" للانسحاب من أجل زيادة مساحة عمليات الجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان“.
واتفق العميد اللبناني المتقاعد أندريه بو معشر مع الطرح الثاني لبوهل، مشيراً إلى أن "هجوم اليوم ربما يكون قد تم تنفيذه من قبل الجيش الإسرائيلي كوسيلة للضغط على يونيفيل لسحب قواتها وفرض نظام أمني مختلف في المنطقة".
وأضاف أن ذلك "يشير أيضاً إلى أن يونيفيل والقوات المسلحة اللبنانية لا يمكن أن تكونا بعيدين عن الصراع، حيث من المحتمل أن تقع مثل هذه الحوادث".
سيناريوهات تحرك "يونيفيل"
وبعد الهجوم الذي وقع اليوم توقع بوهل أن تقوم يونيفيل "على الأرجح بإعادة تقييم المكان الذي يمكن أن تتمركز فيه قواتها في الجنوب".
ومن المرجح أن تواجه إسرائيل ضغوطاً شديدة لتنسيق العمل العسكري مع يونيفيل لمنع وقوع المزيد من هذه الحوادث، وفق بوهل. فيما قال بو معشر إن "يونيفيل يمكن أن تردّ بالانسحاب بضعة كيلومترات شمالاً".
بعد نحو عقدين من الانتشار في الجنوب قال الخبيران إنهما يعتقدان أنه من غير المرجح أن "توقف يونيفيل الأعمال العسكرية بين إسرائيل وحزب الله، على الرغم من لقب حفظ السلام".
ووافق بوهل على أنه "من غير المرجح أيضاً أن توقف يونيفيل العمل العسكري الإسرائيلي، على الرغم من أنها قد تبطئه أو تعيد تشكيله لأن إسرائيل ليس لديها مصلحة كبيرة في رد الفعل الدبلوماسي الذي قد يحركه ضرب قوات الأمم المتحدة".
ويشير القرار 1701 المشار إليه في بيان "يونيفيل" الصادر اليوم إلى الاتفاق الذي أنهى الحرب الإسرائيلية التي استمرت شهراً واحداً مع لبنان في يوليو/تموز 2006، وزاد إلى حد كبير عدد قوات اليونيفيل المنتشرة على طول الحدود اللبنانية إلى 15,000 جندي كحد أقصى.
وفي وقت سابق من شهر أغسطس/آب من هذا العام، جرى تجديد تفويض يونيفيل للمرة الأولى، في الوقت الذي شهد فيه لبنان اشتباكات شبه يومية في الجنوب، وهو نوع العنف الذي كافحت بعثة حفظ السلام لإخماده.
وكان نائب المتحدث الرسمي باسم يونيفيل كانديس أرديل قد قال في وقت سابق لـ"بريكينغ ديفينس" إنه اعتباراً من أغسطس/آب كان هناك نحو 10,000 جندي يعملون في جنوب لبنان.
متى تستخدم يونيفيل القوة؟
ووفقاً لتفويضها، فإن لـ"يونيفيل" حق الدفاع عن النفس الذي لم تمارسه حتى الآن منذ نشرها لأول مرة في ٢٠٠٦.
وباعتبارها بعثة لحفظ السلام تعمل بموجب الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة، فإن يونيفيل مكلفة بضمان الاستقرار في المنطقة وحماية السكان المدنيين ودعم الأطراف في الاضطلاع بمسؤولياتها تجاه تحقيق وقف دائم لإطلاق النار.
وفي إطار تنفيذ ولايتها، يجوز لأفراد "يونيفيل" ممارسة حقهم الأصيل في الدفاع عن النفس، وفق الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة.
ويقول الميثاق أيضا، "دون المساس بالمسؤولية الأساسية لحكومة لبنان، يجوز لليونيفيل في ظروف وشروط معينة اللجوء إلى الاستخدام المتناسب والتدريجي للقوة لضمان عدم استخدام منطقة عملياتها في أنشطة عدائية".
وخول الميثاق يونيفيل استخدام القوة أيضا لـ"مقاومة محاولات استخدام القوة لمنع قوات حفظ السلام من أداء واجباتها بموجب الولاية التي أذن بها مجلس الأمن، وحماية موظفي الأمم المتحدة ومرافقها ومنشآتها ومعداتها، وضمان أمن وحرية تنقل موظفي الأمم المتحدة والعاملين في المجال الإنساني، وحماية المدنيين الذين يتعرضون لتهديد وشيك بالعنف الجسدي".
يونيفيل في أرقام
يعمل في بعثة "يونيفيل" حالياً ما يقرب من 11,000 شخص تقريباً، بمن في ذلك نحو 10,000 من الأفراد العسكريين، إضافة إلى نحو 550 من المدنيين المحليين و250 من المدنيين الدوليين.
وتسهم نحو 50 دولة مختلفة بقوات في البعثة، وفي الوقت الحاضر تُعد إندونيسيا أكبر المساهمين بأكثر من 1,200 فرد نظامي.
وتتألف قوة "يونيفيل" البحرية حالياً من خمس سفن، وهناك أيضاً ست طائرات هليكوبتر تدعم عمل "يونيفيل".
وتبلغ ميزانية "يونيفيل" السنوية نحو نصف مليار دولار.