خبراء عقاريون: الضبابية الاقتصادية تهدد سوق القروض السكنية في فرنسا

يشهد سوق القروض العقارية في فرنسا حالة من التوتر مع عودة أسعار الفائدة إلى الارتفاع الطفيف، بنحو 0.25 نقطة مئوية خلال أسابيع قليلة فقط، وسط أجواء من الضبابية الاقتصادية وعدم الاستقرار السياسي.
الزيادة التي تبدو طفيفة على الورق، قد تستمر وتتسع، ما يثير مخاوف جدية لدى المقترضين والبنوك على حد سواء.
عائلات متأثرة مباشرة
في بداية سبتمبر/أيلول، تلقى جيروم وشارلين، وهما ثلاثينيان مقبلان على شراء شقة في باريس، خبراً غير سار: معدل الفائدة على قرضهما ارتفع من 3 % على 20 عاماً إلى 3.15%، رغم أن العرض الأول لم يكن قد انتهت صلاحيته بعد. هذه الزيادة الصغيرة نسبياً تعني بالنسبة لهما تكلفة إضافية تصل إلى ألفي يورو لكل 100 ألف يورو مقترض، بحسب صحيفة "ويست فرانس" الفرنسية.
من جهته، قال ميشيل موليار أستاذ الاقتصاد وخبير في سوق العقارات، وناطق باسم Observatoire Crédit Logement لـ"العين الإخبارية" إن معدل الفائدة على القروض العقارية في فرنسا بلغ حوالي 3.73% في الربع الثاني من عام 2024، مع ملاحظة بأن هذا المعدّل يتحرّك نزولاً منذ ديسمبر/كانون الأول 2023.
أوضح موليار أيضاً أن الانخفاض التدريجي في معدلات الفائدة لا يزال يتأثر بعدة عوامل منها التضخّم، السياسات النقدية للبنك المركزي الأوروبي، ومتطلبات ضمان أكبر من المقترضين
مؤشرات على تشدد البنوك
ووفقاً للخبير الاقتصادي الفرنسي فإن الحالة ليست معزولة، فالمؤسسات المصرفية الفرنسية رفعت معدلاتها منذ بداية سبتمبر/أيلول، منهيةً اتجاه الانخفاض الذي بدأ مطلع العام الماضي.
وأشار إلى أنه في مواجهة الضبابية الاقتصادية، ارتفعت معدلات القروض العقارية حتى ربع نقطة مئوية.
بدورها أشارت شبكة Vousfinancer إلى أن إحدى البنوك بررت مراجعة أسعار الفائدة بـ "الاضطرابات السياسية، التوترات الاجتماعية، والضغط على الأسواق المالية".
ارتباط مباشر بديون فرنسا
البنوك الفرنسية تعتمد على الأسواق لتمويل جزء من القروض التي تمنحها، وبالتالي فهي حساسة جداً لتقلبات تكلفة الدين الفرنسي. وبالفعل، ارتفع العائد على السندات الفرنسية إلى مستويات تاريخية بداية سبتمبر/أيلول، قبل أيام من خفض وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني ومن سقوط سياسي لفرانسوا بايرو.
توقعات بمزيد من الارتفاع
بحسب بيانات بنك فرنسا ومرصد القروض العقارية، بلغ متوسط الفائدة هذا الصيف 3.10% تقريباً (باستثناء التأمين والرسوم). غير أن خبراء القطاع يتوقعون أن تصل المعدلات إلى 3.25% أو حتى 3.30% مع نهاية العام.
هل سيتأثر الطلب؟
وأوضح الخبير الاقتصادي الفرنسي أنه من المبكر معرفة ما إذا كانت كلفة الاقتراض ستؤدي إلى كبح الطلب. حتى يوليو/تموز الماضي، بلغ حجم القروض الجديدة 13.1 مليار يورو (باستثناء إعادة التفاوض)، وهو أعلى مستوى منذ عامين ونصف، ويمكن تفسير ذلك بالتأثير الموسمي المؤقت في الصيف، ويحذر من احتمال توقف الانتعاش قريباً.
وتابع موليا: "لا يقتصر الأمر على ارتفاع الفائدة فحسب، بل إن ثقة الأسر الفرنسية في المستقبل الاقتصادي باتت ضعيفة، ما يقلل من استعدادها للالتزام بمشاريع طويلة الأمد مثل شراء مسكن".
هذه المعطيات، وفق تقرير لوكالة موديز هذا الأسبوع، قد تؤدي إلى تباطؤ نمو القروض المصرفية وتهدد توقعات التعافي المستمر لحجم الإقراض خلال الفصول المقبلة.