بعد جنازة الملكة.. تراس تودع "البدايات الصعبة" بماراثون دبلوماسي
بدايات صعبة لرئيسة وزراء بريطانيا، الجديدة ليز تراس، التي علقت وفاة الملكة مهامها بعد يومين فقط من استلامها، على وقع حراك محلي وماراثون دبلوماسي.
ففي 8 سبتمبر/ أيلول الجاري، كانت تراس في منصبها لمدة 48 ساعة، وبعد خطاب كانت منتظرا في البرلمان حول فواتير الطاقة، اختفت عن مقاعد وستمنستر، وبعد ساعات فقط، تم إبلاغها بوفاة الملكة إليزابيث الثانية.
وعلى مدى 12 يوما، علقت فعاليات إحياء ذكرى الملكة ومشاعر التأثر التي عمت البلاد معالم الحياة السياسية، حيث تم تعليق الإضرابات ولزمت المعارضة الصمت.
فيما ركزت الحكومة على مراسم تنظيم الجنازة المهيبة للملكة، رغم أن الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تهز البلاد تتطلب، باعتراف رئيسة الوزراء نفسها، تحركا "فوريا".
تحرك سريع ورسالة لأوكرانيا
بعد هذه الانطلاقة الصعبة، تريد تراس التحرك بسرعة، حيث عقدت اجتماعا الأسبوع الماضي لحكومتها للتحضير لبدء العمل مجددا للمرة الثانية، وبعد ساعات فقط على انتهاء جنازة الملكة، غادرت الإثنين إلى نيويورك لحضور أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وتريد تراس الاستفادة من هذه المناسبة التي سبق أن حضرتها بصفتها وزيرة للخارجية، لكي تكرر التزام بريطانيا حيال أوكرانيا.
وفي بيان، أعلنت أن لندن تعتزم أن تعادل أو حتى تتجاوز، في العام 2023، المساعدة العسكرية لكييف البالغة قيمتها 2,3 مليار جنيه استرليني (2,6 مليار يورو) الموعودة هذه السنة.
وقالت إن "انتصارات أوكرانيا في الأسابيع الماضية هي مصدر إلهام" وذلك بعدما استعادت القوات الأوكرانية مناطق كانت تحت سيطرة الروس خلال هجوم مضاد.
وأضافت: "رسالتي الى الأوكرانيين هي التالية: ستواصل بريطانيا الوقوف الى جانبكم في كل مرحلة. أمنكم هو أمننا".
كواليس اللقاءات
وفي الكواليس، قد تعقد تراس، الثلاثاء في نيويورك، أول لقاء ثنائي مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بعدما كانت رفضت هذا الصيف القول ما إذا كانت تعتبر فرنسا "صديقة" أو "عدوة" لبريطانيا، على خلفية التوترات بشأن علاقات ما بعد الخروج البريطاني (البريكست) وعمليات عبور المهاجرين للمانش بشكل غير شرعي.
وغدا الأربعاء، ستجتمع تراس مع الرئيس الأمريكي جو بايدن في وقت وصلت فيه المفاوضات الهادفة للتوصل إلى اتفاق تجاري كبير مع الولايات المتحدة، والذي ترغب به لندن بشدة منذ البريكست، إلى طريق مسدود حتى باعتراف تراس نفسها.
وقالت للصحفيين في الطائرة التي أقلتها إلى نيويورك: "ليس هناك حاليا أي مفاوضات جارية مع الولايات المتحدة، ولا أتوقع أن يتم إطلاق مفاوضات على المدى القصير أو المتوسط".
وإلى جانب أوكرانيا، ستبحث تراس مع بايدن أزمة الطاقة لكن أيضا الوضع في إيرلندا الشمالية حيث يسود شلل سياسي بسبب اجراءات مرحلة ما بعد بريكست في هذه المقاطعة البريطانية.
وأمام هذا الشلل، اعتمدت تراس حين كانت لا تزال وزيرة للخارجية قانونا يعدل من جانب واحد هذه الترتيبات التي تم التفاوض عليها مع الاتحاد الأوروبي، مع المجازفة بإثارة استياء بروكسل ودبلن وواشنطن التي تعتبر كل تعديل للنص يضعف السلام في الجزيرة.
والرئيس الأمريكي -الذي له جذور إيرلندية- انتقد على الدوام إدارة هذه المسألة من قبل رئيس الحكومة السابق بوريس جونسون، وتراقب إدارته عن كثب الخطوات الأولى لتراس.
ضرائب ومكافآت
ينتظر البريطانيون خطوات تراس في الشق الاقتصادي بشكل خاص، لا سيما بعد صيف كانت فيه السلطة شاغرة تقريبا حيث سلم بوريس جونسون المستقيل ملفات ساخنة لرئيسة الوزراء التي خلفته.
وسبق أن وعدت تراس بتجميد فواتير الطاقة للأسر. لكن مع تضخم بات يبلغ 10% تقريبا، تشهد بريطانيا أسوأ أزمة منذ عقود، كما ستستأنف الإضرابات التي علقت خلال فترة الحداد الوطني، فيما تراقب المعارضة العمالية التي تعقد مؤتمرها السنوي في نهاية الأسبوع، عن كثب خطوات الحكومة المقبلة.
3 أيام حاسمة
وغدا الأربعاء، ستعلن الحكومة عن خطة مساعدات للشركات، وفي اليوم الموالي عن برنامج واسع للنظام الصحي العام، الذي بات على وشك الانهيار، فيما تكشف يوم الجمعة عن موجة أولى من خفض الضرائب الذي وعدت به تراس من أجل اجتذاب القاعدة الناخبة المحافظة.
وتراس -الليبرالية جدا على الصعيد الاقتصادي ووريثة نهج مارغريت تاتشر، رئيسة الوزراء البريطانية من 1979 إلى 1990- تثير انتقادات من الآن مع خطط لإلغاء بعض الإجراءات التنظيمية والعمل على قوانين مكافحة السمنة التي تنظم بيع السكريات.
aXA6IDE4LjE4OS4xODYuMjQ3IA== جزيرة ام اند امز