المبادرة الأممية بشأن ليبيا.. مخاوف وآمال

ساعات مرت كالدهر عقب أداء حكومة ليبيا اليمين الدستورية تتخللها مخاوف وآمال قد يبددها اللجوء للعنف سبيلا لفرض الرأي الواحد.

إلا أنه وفي خضم سيناريو التصعيد المسلح الذي باتت ليبيا على أبوابه، بعد رفض رئيس الحكومة السابقة عبدالحميد الدبيبة تسليم السلطة، لجأت المبعوثة الأممية في ليبيا ستيفاني ويليامز إلى خيار توقعت أن يكون حلا ناجعا للأزمة الليبية الحالية.

خيار تمثل في مخاطبتها مجلسي النواب وما يعرف بـ"الأعلى للدولة"، لتشكيل لجنة من 12 عضوا، تجتمع لمدة 15 يومًا؛ لإرساء قاعدة دستورية جديدة لليبيا، تجرى على أساسها الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي تعذرت إقامتها في 24 ديسمبر/كانون الأول الماضي.

ورغم أن البعض يرى أن المسار الأممي قد يكون ناجعًا، إلا أن فرص الخروج بتوافقات حوله ستواجه الكثير من "العقبات"؛ أبرزها رفض الدبيبة تسليم السلطة للحكومة التي منحها البرلمان الثقة، وغياب الضمانات الكافية لقبول الأطراف المشاركة فيه بنتائجه.

شبح العنف

المحلل السياسي الليبي حسين المسلاتي، يرى أن البعثة الأممية حاولت التدخل خوفا من انزلاق الأمور والتوجه نحو العنف.

قاعدة دستورية جديدة.. خطة الأمم المتحدة لإجراء انتخابات بليبيا

وحذر المحلل الليبي، في حديث لـ"العين الإخبارية"، من محاولة بعض الأطراف ممثلة في "الأعلى للدولة" والدبيبة، استغلال هذه المبادرة لكسب الوقت، مشيرًا إلى أن مجلس النواب لن يتجاوب معها، وسيحاول الضغط في سبيل أن تباشر الحكومة الجديدة أعمالها، والتفكير بآليات عملية لإزالة حالة القوة القاهرة والتي أدت إلى إرجاء الانتخابات.

وطالب بضرورة تشجيع والاعتراف ودعم الحكمة الجديدة برئاسة فتحي باشاغا، والبعد عما وصفه بـ"تخبط" البعثة الأممية في التعامل مع الأزمة الليبية.

هدفان أمميان

من جانبه، قال المحلل السياسي الليبي كامل المرعاش إن مبادرة ويليامز تهدف إلى تحقيق أمرين؛ أولهما توجيه رسالة إلى كل الأطراف المحلية في ليبيا بأنها ما زالت البوابة التي يجب أن تمر من خلالها أي حلول للأزمة الليبية.

وأوضح المرعاش، لـ"العين الإخبارية"، أن الهدف الثاني يتمثل في ممارسة ما وصفه بـ"الضغوط" على مجلس النواب ومساواته بما يسمى "الأعلى للدولة" في كل مسائل التشريع وغيرها، على قاعدة التساوي في الاختصاصات.

ورغم ذلك، فإن الخبير الليبي اعتبر مبادرة الأمم المتحدة محاولة للتشويش على التفاهم بين مجلس النواب وأغلبية أعضاء "الأعلى للدولة" والذي انتهى إلى تشكيل لجنة تعمل على إنجاز القاعدة الدستورية، قبل انقلاب الإخواني خالد المشري عليه.

وأشار إلى أنه كان من الجدير بالبعثة الأممية أن ترحب بالحكومة الجديدة وتدعمها بدل الصمت الحالي الذي يهدف لانتظار نتيجة من يستطيع فرض إرادته.

وحول تحديد البعثة الأممية الثلاثاء المقبل موعدًا نهائيًا للتجاوب مع مبادرتها، قال المرعاش إن تحديد المواعيد بهذه الطريقة هو "نوع من التهديد المرفوض"، ما يؤكد أن ستيفاني وليامز "تمارس التهديد والوعيد لإعادة السيطرة على المشهد ومنع أي تقارب وتسوية ليبية – ليبية" إلا من خلالها، على حد قوله.

فرص النجاح

أما عن فرص نجاح المبادرة، فقال المحلل السياسي الليبي معتز بلعيد، إن فرص النجاح دائمًا متوفرة، شريطة صدق النوايا والضمانات وكيفية إنجاح ما سيتم الاتفاق عليه وفق جدول زمني، ومحاسبة من يخالف ما الاتفاقات.

إلا أن أهم حجر عثرة يقف أمام المبادرة الأممية -بحسب المحلل الليبي- من وصفهم بـ"الأيادي الخفية" الذين يعملون وفق أجندة خارجية معينة، حرصت على استمرار الانقسام في ليببا وعدم وجود وفاق حقيقي، مشيرًا إلى أنه إذا تم اجتياز هذه العقبة، فستتهيأ الأمور نحو وفاق ليبي ليبي.

طرح يؤيده المحلل الليبي أيوب الأوجلي، الذي يرى أن نجاح المبادرة سيتوقف على تذليلها، بالإضافة إلى استقرار الوضع في ليبيا وتسلم الحكومة الجديدة زمام الأمور بشكل كامل.

وقال الأوجلي، لـ"العين الإخبارية"، إن الواقع الحالي للأزمة الليبية يحتم على الأمم المتحدة وبعثتها في ليبيا متابعة الوضع فقط "دون تدخل" في التفاهمات التي حصلت بين النواب و"الأعلى الدولة"، لا سيما بعد فشل خارطة الطريق الأممية في الوصول إلى حل الأزمة الليبية.

انتقادات

ووجه المحلل الليبي سهام انتقاده للبعثة الأممية، قائلا: "ما نلمسه دائما عقب كل توافق ليبي ليبي هو محاولة فرض الأمم المتحدة سيناريوهات معينة في سبيل الوصول إلى نتائج ترتضيها، دون دراسة حقيقية لإمكانية تنفيذ هذه المقترحات على أرض الواقع".

وحول إمكانية تجاوب المجلسين أو أحدهما معها، قال الأوجلي إنهما لن يردا بشكل إيجابي على هذه المبادرة بعد التفاهمات التي حصلت بينهما خلال الفترة الماضية، وسيستمران في العمل بمفرديهما دون الاستعانة بالجهود الأممية.

وأشار إلى أن مبادرة الأمم المتحدة قد تصطدم بواقع على الأرض يهدد بنسفها، خاصة بعد "تعنت" الدبيبة في تسليم السلطة، ما قد يشعل صراعا مسلحا في العاصمة طرابلس.