نبضت كلمات الخطاب على إيقاع عام له خصوصية فريدة من نوعها بدولة الإمارات العربية المتحدة.
في خطاب اختزل توليفة استعرضت "روشتات" الأمن والسلام بمنطقة تتقاذفها الأزمات والنزاعات، استقطبت دولة الإمارات العربية المتحدة اهتمام قادة العالم بالجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك.
الخطاب الذي ألقاه سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية الإماراتي، أخرج كلماته عن ذاك الجمود الذي عادة ما يطغى على الخطابات الرسمية للبلدان في المحاضر الدولية، ولامس عن كثب مواطن الوهن والتوتر بمنطقة الشرق الأوسط، قبل أن يقدم روشتات تضمنت الخطوط العريضة لرأب الصدع وتضميد الجراح وإحلال السلام.
خطاب الإمارات بالجمعية العامة تجاوز كونه مجرد كلمة رسمية فرضتها بروتوكولات المنظمة، ليشكل خارطة طريق نحو سلام دائم بالمنطقة وإعادة إعمار المناطق المنكوبة فيها جراء الإرهاب أو الكوارث
نبضت كلمات الخطاب على إيقاع عام له خصوصية فريدة من نوعها بدولة الإمارات العربية المتحدة.. عام تحتفي به البلاد بمئوية المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس الاتحاد والقائد الذي رسخ الأسس ليجعل من الإمارات نموذجا ناجحا بأبعاده السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
نموذجٌ استطاع أن يمضي بعيدا.. إلى ما وراء الحدود، ليزاحم بلدانا متقدمة، الأمر الذي فتح الطريق واسعا أمام الإمارات لتحقق المركز الأول إقليمياً والسابع عالمياً ضمن أكثر الدول تنافسية بالعالم، متقدمة على دول مثل السويد والنرويج وكندا.
مركزٌ أظهر أن الإمارات حققت تقدما في هذا الترتيب بواقع 21 ترتيباً خلال 7 أعوام بين عامي 2011 حتى 2018، وفق تقرير "الكتاب السنوي للتنافسية العالمية" لعام 2018، الصادر عن مركز التنافسية العالمي التابع للمعهد الدولي للتنمية الإدارية بمدينة لوزان السويسرية، وهو أحد أهم الكليات المتخصصة على مستوى العالم في هذا المجال.
تألقٌ لم يأت من فراغ، وإنما من سياسة داخلية رشيدة مبنية على تمكين النساء والشباب، للاستفادة من قدراتهم وطاقاتهم اللامحدودة، وهو ما مهد لبناء مجتمع قوي ومتماسك، وبالتالي دولة مستقرة وآمنة.
مقاربةٌ شاملة أرستها قيادة البلاد، بمعية حلفائها المناهضين للإرهاب بالمنطقة، لتعري المساعي الإيرانية للتوغل بالأراضي العربية، وتفضح ممارسات أذرع طهران في كل من اليمن ولبنان وحتى في العراق وغيرها من بلدان المنطقة.
تحركت دولة الإمارات في إطار تحالف عربي تقوده الجارة السعودية، وهبَّت تلبية لنداء اليمن الشقيق، لإعادة الشرعية إلى حكومته، والأمن والاستقرار إلى أراضيه.
دعم التحالف مسار حل سياسي للأزمة اليمنية، لكن تعنت الحوثي وتغيبه عن مشاورات جنيف الأخيرة، أثبت بالكاشف أن المليشيا تسعى لمزيد من الحرب والدمار في وقت تمتد فيه سواعد التحالف لتفتح الممرات الآمنة للمدنيين، وتقدم تصاريح الدخول، والمساعدات الإنسانية والإغاثية والتنموية.
زرع التحالف الحياة في يمن مزقته فظاعات الحوثي، واغتالت طفولته عبر تجنيد الأطفال، واتخذت منه المليشيا منصة لاستهداف السعودية بأكثر من 200 صاروخ.
بذرات سلام وأمن زرعتها الإمارات عبر سواعد أبنائها وأبناء حلفائها في اليمن، تماما كما ترنو لزرعها في جميع أنحاء المنطقة، أينما وجد الإرهاب، والتصدي للإرهابيين أينما كانوا جماعات أو دولا.
تصدت للأكاذيب والأوهام التي تسوق لها منصات إعلامية تحرض على الكراهية، وتشكل منابر للجماعات المتطرفة والإرهابية، كالجزيرة القطرية وأخواتها ممن تقتات من مال الحمدين، وقدمت الإمارات للعالم حقائق موثقة بالأرقام والحيثيات، لتزعزع الإرهاب الفكري والأمني الذي تسوق له وترعاه الدول المارقة.
كما لم تبخل قيادة دولة الإمارات العربية المتحدة، بالمساعدة والدعم لجميع المنكوبين والمضطهدين في كافة أنحاء العالم.. ظلت وفية للقضية الفلسطينية التي تحاول المنظمات المتطرفة والدول المارقة كقطر وإيران، استغلالها وتوظيفها لخدمة أجنداتها، واستجداء التأييد العربي.
أنامل إماراتية بيضاء امتدت إلى الأقليات مثل الروهينجا في ميانمار، واللاجئين منهم في بنجلاديش، لتخفف عنهم، وتؤمن لهم حق البقاء في الحياة.
مساعدات لم تستثن أي ركن في هذا العالم المنكوب، بما في ذلك المناطق المتضررة من النزاعات والكوارث حول العالم.
خطاب الإمارات بالجمعية العامة تجاوز كونه مجرد كلمة رسمية فرضتها بروتوكولات المنظمة، وإنما شكل خارطة طريق نحو سلام دائم بالمنطقة وإعادة إعمار المناطق المنكوبة فيها جراء الإرهاب أو الكوارث.
فيه أيضا دعوة لتوحيد الجهود الدولية لمساعدة البلدان على التعافي من أزماتها، تماما مثلما حدث في العراق، في خطوة تتطلب من المجتمع الدولي دعم بناء مجتمعات سلمية وشاملة، بما في ذلك حماية الأقليات، ومنع ارتكاب جرائم بحقها مثلما حدث ويحدث للإيزيديين والروهينجا.
رسائل سلام نابعة من قناعة الإمارات بأن الأمن العالمي الدائم لا يمكن تحقيقه إلا من خلال تحقيق السلام بين الأديان، وهو ما تجلى من خلال مبادرة دولية أطلقها منتدى تعزيز السلم، لبناء تحالف بين ديانات العائلة الإبراهيمية والفلسفات العالمية، على أسس تتجاوز منطق الجدل الديني والصراع.
مقاربة صعبة، تلك التي تجمع بين السلام في بعديه الفكري والعملي، نجحت الإمارات في تبنيها، لتقدم للعالم أسرار حياة خالية من التطرف والإرهاب، ومليئة بالحياة والأمن والتسامح.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة