حرب جائرة.. تبعات الحوثي تلاحق غذاء مزارعي اليمن
لايزال المزارع اليمني يعاني من ويلات الحرب التي شنتها مليشيات الحوثي الإرهابية، على مختلف القطاعات، ومنها الزراعة.
وأدت الحرب الحوثية إلى نزوح المئات من المزارعين، فضلاً عن زراعة مساحات واسعة بالألغام، ونهب المرافق الزراعية ومراكز بحوثها.
ويعد قطاع الزراعة في اليمن، القطاع الحيوي الذي يعمل فيه عدد كبير من الأفراد، ويعتبر مصدراً رئيسياً لإنتاج الغذاء المحلي في البلاد التي يعيش نحو 70% من سكانها في الأرياف، والذي تعرض خلال السنوات الأخيرة خسائر هائلة، جراء حرب المليشيات.
وتسيطر زراعة الحبوب على أغلب مساحة الزراعة في اليمن، بنحو يصل إلى 57%، بينما تبلغ مساحة البقوليات 3%، وبقية المساحة 40% تستخدم في زراعة كل من الفاكهة والخضراوات والمحاصيل النقدية والأعلاف والقات.
- حرب الحوثي تطارد الريال.. إرهاب يضاعف معاناة اليمن
- تقرير حكومي يدق ناقوس الخطر.. اليمن يفقد 5 مليارات دولار سنوياً
آثار الحرب على الزراعة
فيما شهدت المناطق الواقعة تحت سيطرة الانقلاب الحوثي، هروبا جماعيا للمزارعين وترك مزارعهم خوفاً على أرواحهم وأولادهم من إرهاب المليشيات، مخلفين أغلى ما يملكون من مزارع ومساحات أرض زراعية.
ويقول المهندس الزراعي اليمني عبدالقادر السميطي لـ"العين الإخبارية" إن الحرب الحوثية الجائرة في اليمن أدت إلى أضرار مباشرة في قطاع الزراعة، مما تسبب بتراجع إنتاج المحاصيل وزيادة انعدام الأمن الغذائي.
ويضيف السميطي وهو منسق الجمعية الوطنية للبحث العلمي والتنمية المستدامة بمحافظة أبين جنوبي البلاد، أن المزارع اليمني معتمد بشكل أساسي على الماء للري، وبسبب قلة الأمطار ومواسمها المختلفة، تظهر أزمة غلاء أسعار المشتقات النفطية؛ حيث وصل سعر الدبة الديزل (20) لتراً، إلى 30 ألف ريال، نتيجة تضرر قطاعي الاقتصاد والنفط اليمني من حرب المليشيات.
ويؤكد المهندس الزراعي أن هذه المعوقات تزيد من أعباء المزارعين الذين يعتمدون بشكل أساسي كمصدر دخل لهم وتوفير الغذاء لأسرهم على محاصيل الزراعة، وهو ما يشكل مخاوف كبيرة من تلك التبعات التي طالت مصدر مواطني الأرياف، الذين يصل عددهم إلى أكثر من 72%.
ويتعرض نحو 17 مليون شخص أي نحو 60% من السكان لمستوى الأزمات أو أوضاع انعدام الأمن الغذائي الحادة حتى مارس/آذار من العام الجاري 2023، بحسب البنك الدولي.
وتؤكد مجموعة البنك الدولي، في تقرير سابق لها، اطلعت "العين الإخبارية"، على نسخة منه، إن قطاع الزراعة في اليمن، يوفر ما بين 15 إلى 20% فقط من احتياجاته الغذائية الأساسية على الرغم من كونه العمود الفقري لسبل العيش في اليمن.
وتبلغ مساحة الأراضي المزروعة في اليمن حوالي 3% من إجمالي مساحة الأراضي البالغة نحو 52 مليون هكتار، فيما مساحة الصحراء تصل إلى 52.4%، ونحو 40.8% أراضٍ رعوية، وما يقارب 3.7% مساحة الغابات والأحراش.
أضرار فادحة
يعد العمل الآلي، من أهم العمليات الزراعية التي يحتاجها المزارع لقلب التربة وحرثها وكذلك لبذر البذور، ونتيجة لعدم قدرة المزارع على توفيرها أثرت على كمية الإنتاج من المحاصيل بكافة أنواعها.
أضرار فادحة طالت مرافق العمل والإنتاج الزراعي، حيث نهبت المراكز الزراعية الحكومية ودمرت من قبل عناصر المليشيات، بالإضافة إلى زراعة مساحات واسعة من الألغام الفردية وألغام الدبابات في أودية الزراعة.
ومن هذه الأضرار نهب مراكز البحوث الزراعية، والتي تعتبر -وفق السميطي- أساس التنمية الزراعية في مختلف محافظات اليمن، وهي المراكز الوحيد التي كانت تعمل على استنباط الأصناف الزراعية ونشرها وتوزيعها على المزارعين.
فيما تقول الأمم المتحدة، إن الثمن الأكبر الذي يدفعه اليمنيون جراء حرب المليشيات الحوثي، هو زراعة الألغام من قبل المليشيات، على نطاق واسع في جميع أنحاء البلاد والتي ستستمر في التأثير على 31.8 مليون يمني لعدة سنوات قادمة.
نهب ممنهج وأعباء مضاعفة
تسببت الحرب الحوثية، بالعبث والنهب الممنهج لأجهزة الإرشاد الزراعي، ومحطات تأجير الآليات الزراعية والجمعيات التعاونية ومضخات المياه في غالبية محافظات البلاد.
كما لازالت المستلزمات الزراعية والأسمدة، والمبيدات، غالية الثمن لا يستطيع المزارع الصغير أن ينالها، إذ أن المزارع اليمني لا يزال يتكبد الديون المالية الكبيرة، والتي قد تصل إلى عشرات ملايين الريالات، وذلك مقابل شراء بعض المستلزمات الزراعية والذي أصبح غير قادر على سدادها.
ويشكو المزارع اليمني عبدالله الضبابي (53 عاماً)، في حديثه لـ"العين الإخبارية"، إنه تكبد خسائر مالية كبيرة خلال موسم هذا العام، قبل أن ينصدم بتراجع المحصول الزراعي الذي قضى أكثر من 6 أشهر في انتظاره والاهتمام به.
ويقول الضبابي وهو أحد المزارعين في منطقة الضباب الريف الغربي لمدينة تعز، إن تكاليف إيجار عمل الحراثة خلال الساعة الواحدة بلغت نحو 35 ألف ريال يمني، ومع انعدام الكهرباء وضعف المياه، وغلاء الديزل، أصبح الخرج على حراثة الأرض لا يضاهي المردود من المحاصيل، عكس عما كان عليه الوضع قبل حرب المليشيات الحوثية.
وعلى الرغم من عدم استسلام المزارع اليمني لترك أرضه، بسبب تدني إنتاجها لحبوب الذرة الشامية، لازالت تقع على كاهله بعض الديون الخاصة باستهلاك كهرباء المولدات، وشراء المياه وعدم قدرته على السداد.
ودمر الحوثي وحربه الظالمة ضد اليمنيين، كل ما ينبض بالحياة ومواد سبل العيش والتغذية، إذ عمدت إلى تدمير قطاع الزراعة بالإضافة إلى الاقتصاد، وذلك ضمن سياستها في التجويع والتجهيل، وإضعاف أي مقاومة قد تواجهها، من خلال إشغال المواطنين بالبحث عن لقمة العيش.