مناشدات عرقلت الإجلاء من أفغانستان.. رواية قائد القوات الأمريكية
قائد عسكري أمريكي بارز يتحدث عن عراقيل واجهت عمليات الإجلاء في أفغانستان تضمنت مناشدات شخصيات رفيعة.
الأدميرال بيتر فاسيلي، قائد القوات الأمريكية في أفغانستان، قال إن مهمة الجيش الأمريكي لإجلاء المواطنين والحلفاء الأجانب من أفغانستان أعاقتها مناشدات المساعدة المستمرة التي أطلقتها مجموعة من المدافعين، من بينهم مسؤولون بالبيت الأبيض، وأعضاء بالكونجرس، وقدامى المحاربين، ووسائل إعلام، وحتى الفاتيكان.
وطبقًا لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، وصف الأدميرال فاسيلي تلك المناشدات بـ"الإلهاء" الذي "خلق منافسة على موارد مجهدة بالفعل".
وجاءت تعليقات فاسيلي خلال شهادة قدمها في التحقيق الذي يجريه الجيش الأمريكي بشأن التفجير الانتحاري الذي وقع في 26 أغسطس/آب الماضي، وأسفر عن مقتل نحو 170 مدنيا أفغانيا و13 من أفراد الخدمة العسكرية أمام مطار كابول الدولي.
وحصلت "واشنطن بوست" على التقرير الذي رفعت عنه السرية، ويتكون من 2000 صفحة وعشرات المقابلات مع مسؤولين عسكريين بموجب قانون حرية المعلومات.
ويتضمن التقرير أكثر رواية رسمية تفصيلية حتى الآن لعملية الإجلاء التي استمرت 17 يوما، وتم تنظيمها على عجالة مع وصول حركة طالبان إلى العاصمة الأفغانية في 15 أغسطس/آب الماضي، ويكشف أن قادة الجيش لديهم مخاوف عميقة بشأن إدارة الرئيس جو بايدن للأزمة.
وأغرقت آلاف المكالمات الهاتفية، والرسائل النصية، ورسائل البريد الإلكتروني مركز العمليات الأمريكي بمطار كابول طوال فترة الإجلاء، مما دفع فاسيلي لتشكيل "خلية تنسيق" مسؤولة عن معالجة الحجم الهائل من الاتصالات من واشنطن وخارجها، بحسب ما قاله للمحققين.
وأضاف فاسيلي أن وسائل التواصل الاجتماعي فاقمت المشكلة، ووسعت "فجوة الطموح" لدرجة تنظيم الناس حملات لكي ينقذ الجيش كلابا محددة، مشيرا إلى أن الأولوية المعلنة كانت لإجلاء المواطنين الأمريكيين أولًا يتبعهم المقيمون بصفة دائمة وقانونية، ثم الأفغان الذين ساعدوا واشنطن طوال فترة الحرب التي استمرت 20 عاما.
وجاءت الطلبات من أشخاص أو مجموعات تسعى للعمل عبر القنوات الرسمية وغير الرسمية.
وفي مقابلات أخرى تضمنها تقرير التحقيق، تحدثت القوات الأمريكية عن غرقها في مناشدات المساعدة – برسائل البريد الصوتي ورسائل البريد الإلكتروني من أشخاص، في بعض الحالات، لم يلتقوهم قط لكن اكتشفوا أنهم كانوا جزءًا من عملية الإنقاذ.
وازدادت جنونية النداءات عندما أصبح جليا أنه لن يتم تمديد الإجلاء، ومن بين من سعوا لمساعدة الحكومة الأمريكية كانت المؤسسات الإعلامية، بما فيها "واشنطن بوست"، التي كان لديها صحفيون غربيون وموظفون أفغان معرضون للخطر.
رفض بايدن
ويوم الخميس، عندما وجهت شبكة "إن بي سي نيوز" الأمريكية سؤالًا للرئيس جو بايدن عما إن كان يرفض الاستنتاجات أو الروايات الواردة في التقرير، أجاب: "نعم، أرفضها."
ولدى سؤاله عما إذا كانت الاستنتاجات صحيحة، لم يجب مباشرة، وقال: "أرفضها"، مكررا اعتقاده بأن الوقت كان قد حان لانسحاب الجيش الأمريكي.
وأضاف: "انظروا، لا يوجد وقت مناسب للمغادرة، لكن إن لم نرحل، فإنهم يعترفون بأنه كان سيتعين علينا إعادة المزيد من الجنود. ليس مجرد 2000 أو 4000. كان سيتعين علينا زيادة عدد القوات بشكل كبير، ثم العودة لحرب الاستنزاف هذه."
ودافع المسؤولون في إدارة بايدن عن خططهم في الفترة التي سبقت الانسحاب في أغسطس/آب، قائلين إن بايدن سعى للتأكد من توفر كل ما يحتاجه الجيش لتنفيذ الإجلاء بالطريقة التي جرى بها.
وطبقًا لـ"واشنطن بوست"، نجح الإجلاء في إخراج حوالي 124 ألف شخص قبل انتهائه منتصف ليل 31 أغسطس/آب، لكنه تطلب أن يبرم الجيش الأمريكي اتفاقا أمنيا غير عادي مع طالبان ودفع أكثر من 5000 جندي إلى منطقة الحرب لدعم القوة الهيكلية لحوالي 600 كانوا متروكين في كابول لحماية الدبلوماسيين الأمريكيين.
وأقر فاسيلي، خلال المقابلة من أجل التحقيق، بأن ليس كل التدخل الخارجي مثّل مشكلة.
ولدى سؤال فاسيلي عما إذا كانت التقارير التي تفيد بأن البابا فرانسيس والسيدة الأولى جيل بايدن طلبوا مساعدة بالنيابة عن أشخاص محددين ظلوا معرضين للخطر صحيحة، أجاب فاسيلي: "بالضبط".
وتابع: "تواصل معي ممثلون من الكرسي الرسولي لمساعدة الكتيبة العسكرية الإيطالية (...) في عبور مجموعات (...) ذات أهمية خاصة للفاتيكان. وهذا مجرد مثال واحد من عدة أمثلة."
وقال مسؤول بالبيت الأبيض إن التحكم في العمليات الخاصة بالمهمة كان متروكا لفاسيلي، ومثل المشرعين وآخرين على صلة بأفغانستان، سعى البيت الأبيض لإرسال معلومات للقوات الأمريكية في كابول التي قد تساعد في تلك الجهود.
وأضاف المسؤول: "كان هؤلاء يحاولون بحسن نية تسهيل إجلاء الأشخاص الذين كانوا قلقين بشأنهم".
وقال فاسيلي للمحققين إنه بحلول 22 أو 23 أغسطس/آب الماضي، "كان واضحا أننا لن نخرج جميع الأمريكيين"، وأنه "بدأ إجراء محادثات مع مستويات عليا" من الحكومة الأمريكية بشأن تمديد المهمة لما بعد الموعد النهائي في 31 من الشهر.
وأخبر المسؤول المحققين بأن الإدارة فكرت لفترة قصيرة في تمديد عملية الإجلاء إلى سبتمبر/أيلول، لكن ألغيت الفكرة بعد "الرد غير المنطقي" لطالبان على المقترح.
وأشار فاسيلي إلى أنه في حين كانت عناصر طالبان مفيدة في تأمين محيط المطار، كان يخشى من أن يتجهوا إلى احتجاز الرهائن أو يتسببوا في اندفاع المدنيين نحو المدرج بإطلاق نيران غير مباشرة على الطائرات المتوقفة.
وقال إنه نصح بايدن بأنه سيكون من الحكمة الالتزام بالموعد النهائي.
aXA6IDMuMTQ3LjczLjg1IA== جزيرة ام اند امز