ثغرات في جدار الدبلوماسية الأمريكية.. سفراء مع وقف التنفيذ

لأكثر من 4 سنوات ونصف ظل منصب السفير الأمريكي في إستونيا شاغرا، رغم العلاقات القوية بين البلدين.
ففي صيف عام 2018، استقال الدبلوماسي الأمريكي البارز جيمس ميلفيل من منصبه سفيرا للبلاد لدى إستونيا، احتجاجا على حملات الرئيس السابق دونالد ترامب ضد الحلفاء الأوروبيين.
وهذا الأسبوع، بحسب مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، أدى الدبلوماسي الأمريكي جورج كينت -الذي كان أحد الشهود بمساءلة ترامب الأولى- القسم سفيرا جديدا للبلاد لدى إستونيا.
لكن في السنوات بين تلك الفترتين -أربعة أعوام ونصف- ظل المنصب شاغرا، على الرغم من الدور الكبير الذي لعبته إستونيا في الاستجابة الغربية للحرب الروسية في أوكرانيا كحليف مهم للولايات المتحدة بحلف شمال الأطلسي "الناتو".
واعتبرت المجلة الأمريكية أن فجوة الأربعة أعوام ونصف هي جزء من اتجاه يمثل ما يسميه مسؤولون الأمن القومي المخضرمين والخبراء هدفا خاصا خطيرا وغير مبرر في السياسة الخارجية الأمريكية.
وحول العالم، ظلت العشرات من مناصب السفراء الأمريكيين شاغرة لشهور وحتى أعوام طويلة، نتيجة عملية التصديق المسيسة للتعيين والمتعثرة على نحو متزايد.
وأشارت المجلة الأمريكية إلى الدول التي لم تحظ بسفير أمريكي لمدة عام أو لفترة أطول من ذلك، كانت من بينها الهند، التي تعد أحد أهم شركاء الولايات المتحدة في استراتيجيتها للتصدي للصين، وإثيوبيا التي يعصف بها صراع عنيف وأحد أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، وإيطاليا الحليف الرئيسي في الناتو، وكولومبيا أحد أهم حلفاء واشنطن في أمريكا اللاتينية وتعد لاعبا رئيسيا في الاستجابة الغربية للأزمة السياسية والإنسانية المستمرة في فنزويلا.
ويشغل تلك المناصب الشاغرة دبلوماسيون أدنى مرتبة بدرجة قائم بالأعمال، لكنهم لا يتمتعون بنفس السلطة داخل السفارة أو حكومة الدولة المضيفة، مثل تلك التي يحظى بها السفير الذي اختاره الرئيس وصدق مجلس الشيوخ على تعيينه.
وقالت "فورين بوليسي" إن واشنطن لا يمكنها الإقلاع عن هذا الخلل الوظيفي، فعلى الرغم من تعهد الرئيس الأمريكي جو بايدن بإصلاح وزارة الخارجية بعد عهد ترامب، لم تختف المشكلة.
ولا يزال اسم مرشح بايدن لتولي منصب سفير الولايات المتحدة لدى الهند، عمدة لوس أنجلوس السابق إريك جارستي، عالقا داخل مجلس الشيوخ، غارقا في حالة من الجدل، بعد أكثر من عام ونصف على ترشيحه.
وقال مسؤول كبير بوزارة الخارجية، طلب عدم تسميته، إنه "عندما تحاول على مدار عامين تقريبا ولا يمكنك تمريره عبر مجلس شيوخ يسيطر عليه حزبك، إذا ربما تقول إن هذا لن يحدث، وعلاوة على ذلك نحتاج حقا إلى سفير لدى الهند".
ولم يسم بايدن بعد حتى مرشحا لتولي منصب السفير الأمريكي لدى إيطاليا، بعد عامين من رئاسته، وقال المسؤول "خلف الكواليس الإيطاليون منزعجون حقا".
وقال البيت الأبيض للمجلة الأمريكية إنه يواصل السعي نحو "(الحصول) على موافقة سريعة على المرشحين المهمين ذوي الكفاءة العالية".
وفيما يتعلق بجارستي، قال متحدث باسم البيت الأبيض: "لا نزال نعتقد أنه مرشح ذو خبرة يحظى بدعم حزبي ويستحق التصديق السريع عليه لتولي منصب ذي أهمية كبيرة لأمننا القومي".
لكن بخلاف ذلك، تصبح عملية تصديق مجلس الشيوخ مطولة وذات طابع سياسي على نحو متزايد، حيث يصبح المرشحون لمنصب السفراء في مرمى النيران، عالقين لمدة شهور أو حتى سنوات كوسيلة ضغط من أجل انتزاع أحد أعضاء الكونغرس لامتياز من البيت الأبيض والذي لا علاقة له بمؤهلات المرشح المعني، أو ببساطة لأن جدول مجلس الشيوخ مزدحم ويتم تهميش الترشيحات من أجل تشريعات أخرى.
وأشارت المجلة الأمريكية أن الوضع حاليا يختلف عن فترة ما بعد الحرب الباردة، عندما كانت الولايات المتحدة رائدة عالمية بلا منازع، وكان يمكنها تحمل ترك مناصب السفراء شاغرة لسنوات.
لكن يتغير كل ذلك مع ظهور الصين كقوى عظمى عالمية منافسة، مما يترك واشنطن تصارع من أجل اللحاق بالركب في لعبة النفوذ والتأثير الجيوسياسي حول العالم.
وتمتلك الصين الآن سفارات وقنصليات أكثر من الولايات المتحدة، وعلى عكس واشنطن لا تترك بكين مناصب السفراء شاغرة لسنوات طويلة.
aXA6IDE4Ljk3LjkuMTY5IA== جزيرة ام اند امز