مدرسة شلتنهام.. مصنع الجواسيس في بريطانيا

تحمل بليز مترويلي، الرئيسة الجديدة لجهاز الاستخبارات البريطانية الخارجية MI6، خلفية تعليمية مميزة بدأت في مدرسة شلتنهام للفتيات.
هذه المدرسة الداخلية العريقة في غلوسترشاير، التي تأسست عام 1853، لم تكن مجرد مؤسسة تعليمية نخبوية، بل تحولت مع الوقت إلى حاضنة غير رسمية لمهارات التجسس، وفقاً لتقرير لصحيفة "التايمز" البريطانية.
ويُعتقد أن بيئة شلتنهام الصارمة أسهمت في تشكيل العقلية التحليلية لمترويلي، التي وصفتها زميلاتها في مجموعات "واتساب" الخاصة بالخريجات بأنها كانت "محبوبة للغاية وبارعة في كل شيء".
هذه الصفات جعلتها هدفاً مبكراً لاهتمام أجهزة الاستخبارات البريطانية، خاصة في ضوء تصريح جوناثان إيفانز، المدير السابق لجهاز الداخلية (MI5)، الذي كشف عام 2009 في مقابلة مع "بي بي سي" عن أن مدارس النخبة مثل شلتنهام كانت "أهدافاً" لتجنيد العملاء، نظراً لما تنتجه من طلاب يتمتعون بثقة عالية وقدرة على التحليل تحت الضغط.
الكاتبة وخريجة المدرسة كيت جونسون، كشفت في مقال لها بصحيفة "الغارديان" عام 2020 عن الجانب الخفي من الحياة في شلتنهام، أوضحت فيه أن غرف النوم الجماعية كانت بمثابة ساحات غير رسمية لصقل مهارات الاستجواب النفسي، حيث كانت الطالبات الأكبر سناً يمارسن ضغوطاً نفسية على الصغيرات لانتزاع الاعترافات وكشف الأسرار.
ويشير الكاتب مارك أوربان، إلى أن مناهج شلتنهام ركزت على تطوير مهارات الجدال المنطقي والتفكير النقدي من خلال مسابقات المحاكاة الصارمة. كما أن الأنشطة اللامنهجية مثل نوادي الشطرنج وفك التشفير كانت تُدار بطابع تنافسي شرس، فيما أنشأ نظام "الأخوات الأكاديميات" -حيث تُشرف الطالبات الكبيرات على الصغيرات- تسلسلاً هرمياً مشابهاً لهياكل العمل السري.
وخلص تحليل أجراه مركز الدراسات الاستخباراتية بجامعة سانت أندروز إلى أن أسباب تركيز أجهزة الاستخبارات على خريجات مثل مترويلي هي شبكات العلاقات التي تبنيها الخريجات في مراكز القوة البريطانية (السياسة، والمال، والإعلام). وكذلك المرونة النفسية التي تطورها البيئة الصارمة. والتمويه الطبيعي الذي يوفره انتماؤهن للنخبة، مما يمكنهن من الوصول لمعلومات حساسة دون إثارة شكوك.
على الصعيد المهني، انضمت مترويلي إلى جهاز MI6 عام 1999، ودرست الأنثروبولوجيا الاجتماعية في جامعة كامبريدج، قبل أن تقضي جزءًا كبيرًا من مسيرتها في أدوار عملياتية في الشرق الأوسط وأوروبا. وتولت مناصب قيادية في كل من الاستخبارات الداخلية والخارجية، كما شغلت منصب المدير العام لقسم "كيو" المسؤول عن التكنولوجيا والابتكار داخل الاستخبارات الخارجية.
يُذكر أن تعيين بليز مترويلي كرئيسة MI6 في عام 2025 يمثل خطوة تاريخية، إذ أصبحت أول امرأة تتولى هذا المنصب منذ تأسيس الجهاز في 1909.