بـ318.7 مليار دولار... أمريكا تتربع على عرش تجارة السلاح في العالم

كشفت دراسة حديثة أجراها معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام (SIPRI)، عن تحولات جذرية في خريطة تجارة الأسلحة العالمية.
إذ عززت الولايات المتحدة، موقعها كأكبر مُصدّر للأسلحة في العالم، مدفوعة بشكل أساسي بتزايد الطلب على الأسلحة من أوكرانيا في أعقاب الحرب التي بدأت في فبراير/شباط 2022.
هذا التصاعد في الصادرات الأمريكية ليس مجرد رقمًا إحصائيًا، بل يعكس ديناميكيات جيوسياسية واقتصادية معقدة تتشابك فيها مصالح الدول الكبرى، ومستقبل الصراعات الإقليمية، ومصير التحالفات الدولية، وفقا لصحيفة واشنطن بوست الأمريكية.
الهيمنة الأمريكية
وبحسب التقرير، شهدت صادرات الأسلحة الأمريكية بين عامي 2020 و2024، نموًا استثنائيًا تجاوز حاجز الـ 20 % مقارنة بالفترة الزمنية المماثلة قبلها، مما رفع حصة الولايات المتحدة من إجمالي الصادرات العالمية إلى مستوى قياسي بلغ 43 %.
وتتجاوز هذه النسبة بكثير المتوسط الذي سجلته الولايات المتحدة خلال العقدين الماضيين، والذي كان يقف عند 35 %.
هذا التفوق الأمريكي ليس مجرد صدارة عابرة، بل يمثل تحولًا هيكليًا في سوق الأسلحة، حيث تتربع الولايات المتحدة على القمة بفارق شاسع عن أقرب منافسيها، فرنسا، التي تأتي في المركز الثاني بحصة تصديرية تقل عن ربع حصة الولايات المتحدة.
وسجلت صادرات الأسلحة الأمريكية في عام 2024 مستوى تاريخيًا بلغ 318.7 مليار دولار، مما يعكس نموًا ملحوظًا بلغ 29 %.
ويعزى هذا الارتفاع الكبير إلى عدة عوامل، من بينها سعي الحلفاء الحثيث لتجديد مخزوناتها العسكرية بعد إرسال كميات كبيرة من الأسلحة إلى أوكرانيا، بالإضافة إلى استعدادها لمواجهة صراعات محتملة في مناطق مختلفة من العالم.
هذا السعي المحموم للتسلح يصب بشكل مباشر في مصلحة الشركات الأمريكية المصنعة للأسلحة، والتي تجد في هذه الظروف فرصة ذهبية لتعزيز أرباحها وتوسيع نفوذها في السوق العالمي.
أكبر مستورد للأسلحة
ونتيجة للحرب، تحولت أوكرانيا إلى أكبر مستورد للأسلحة في العالم خلال الفترة الممتدة من 2020 إلى 2024.
إذ شهدت واردات الأسلحة الأوكرانية زيادة كبيرة بلغت 100 ضعف مقارنة بالفترة بين 2015 و2019.
روسيا في تراجع
على النقيض من الصعود الأمريكي، شهدت صادرات الأسلحة الروسية انخفاضًا حادًا بنسبة 64 % خلال فترة الخمس سنوات الأخيرة.
ووفق المعهد، فإن التراجع ليس وليد اللحظة، بل هو اتجاه بدأ قبل الحرب على أوكرانيا.
ويعزى هذا التراجع جزئيًا إلى أن اثنين من أهم عملاء روسيا في سوق الأسلحة، وهما الهند والصين، اللتين بدأتا في تقليل اعتمادهما على موسكو قبل عام 2022.
إذ اتجهت الهند إلى تنويع مصادر تسليحها، والاعتماد على موردين آخرين، بينما بدأت الصين في الاعتماد على صناعتها العسكرية المحلية المتنامية.
وهذا التوجه نحو الاكتفاء الذاتي في مجال التسليح يقلل من اعتماد الدول على روسيا، ويضعف موقعها في سوق الأسلحة العالمي.
مستقبل سوق الأسلحة
على الرغم من إبرام الدول الأوروبية اتفاقيات متزايدة لشراء الأسلحة الأمريكية، إلا أن مستقبل سوق الأسلحة لا يزال محاطًا بالشكوك؛ فالمساعدات الأمريكية لأوكرانيا معلقة حاليًا بسبب الخلافات السياسية الداخلية في الولايات المتحدة.
وفي الوقت نفسه، تواصل أوروبا زيادة إنفاقها الدفاعي، ولكنها تسعى أيضًا إلى تقليل اعتمادها على واشنطن، وتطوير صناعتها العسكرية المحلية.
ويمكن القول إن هذا التوجه نحو الاستقلالية في مجال التسليح قد يقلل من الطلب على الأسلحة الأمريكية في المستقبل.
aXA6IDMuMTQyLjE5OC4xIA== جزيرة ام اند امز