قبل التدريب القتالي.. كيف يتعامل الجيش الأمريكي مع بدانة مجنديه؟
في صباح يوم مشمس بإحدى قواعد الجيش الأمريكي في ساوث كارولينا، تجمع 60 رجلا وامرأة على ممر حجري لسبب غريب.
بدا الرجال حليقي الرأس، فيما تثبت النساء شعورهن على شكل كعكة، وجميعهم يكتب على قمصانهم السوداء كلمة "جيش" باللون الأصفر، بحسب صحيفة "التايمز" البريطانية.
ومع ذلك، كان هناك أمر مختلف بشأنهم مقارنة بمجندين آخرين في فورت جاكسون، فجميعهم كانوا يعانون زيادة في الوزن.
وقال الرقيب المسؤول عن التدريبات: "سنجري إحماء سريعا. سنركض ببطء، واضح؟"، ليجيبوا عليهم: "نعم أيها الرقيب".
ثم انطلقوا، ليس بسرعة كبيرة، حول مضمار الجري، لقد كانوا متدربين ضمن برنامج تجريبي بدأه الجيش الأمريكي لمواجهة تحديات التجنيد التي جعلته لا يبلغ هدفه بتجنيد 60 ألف جندي جديد العام الماضي، بنقص 15 ألفا.
وبحسب الجيش الأمريكي، فإن 70% من السكان في الولايات المتحدة تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاما غير مؤهلين للانضمام إلى القوات المسلحة بسبب الوزن أو مشاكل أخرى.
وتشير مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها بالولايات المتحدة، إلى أن أربعة بين كل عشرة أمريكيين يعانون من السمنة.
وتقوم الدورة التحضيرية للجنود المستقبليين بأخذ الجنود الذي يزيدون بنسبة 6% عن معدل الوزن المعتاد لدى الجيش الأمريكي، ويخضعون لتدريبات وبرامج غذائية، ويعطيهم 90 يوما لاستعادة اللياقة من أجل التدريب الأساسي.
ومن بين المجندين جاكوب كرابي (24 عاما)، الذي لطالما أراد الانضمام إلى الجيش الأمريكي لكن مع بلوغه، واليوم وقف متحدثا بقوله: "فقدت السيطرة حقا على نظامي الغذائي".
وفي مسقط رأسه بمدينة بلوفيلد في ولاية فرجينيا الغربية، هناك العديد من مطاعم الوجبات السريعة، وكان الحصول على طعام صحي أمر صعب.
وعمل كرابي لفترة بشركة لمنتجات البقالة كانت تخزن المنتجات الطازجة لكن خلال جائحة كورونا، ويعلق على ذلك بقوله: "أصبحت الرفوف خاوية وعندما عدنا للحصول على (منتجات طازجة) مجددا كانت الأسعار مرتفعة جدا".
وبعدما تزوج وأصبح أبا لطفلين، كان يسير على نظام غذائي صحي أكثر ويتناول وجبات معدة بالمنزل.
حينها قالت له زوجته: "عندما تمر على مقر تجنيد تابع للجيش، تلمع عيناك". لكن كان وزنه 24 ستون و6 أرطال نحو (155 كيلوجراما).
وخسر كرابي 3 ستون ورطلين من وزنه، وتمكن من الانضمام إلى الدورة العسكرية، حيث وصل وزنه حاليا إلى 19 ستون و7 أرطال أي ما يقدر بـ(125 كيلوجراما).
ومضى جاكوب كرابي في حديثه: "سيجن جنون زوجتي لأنني سأضطر لشراء ملابس جديدة تماما".
ويجري كل يوم خميس قياس للوزن للتأكد من وجوده ضمن عتبة الـ2% من دهون الجسم من أجل التدريب الأساسي. ويرى الجيش الأمريكي أن المجندين سيخسرون بسهولة الباقي خلال فترة التدريب الأساسي الممتدة على مدار عشرة أسابيع.
ويخضع المتدربون للفحص لمعرفة ما إذا كانوا يعانون من اضطرابات في الأكل، وعند مرورهم من المقصف، تنظر الرقيب مارغريب تاكر، مدربة الصحة واللياقة البدينة، على أطباقهم.
تقول مارغريب: "أنظر عليها لرؤية خياراتهم من البروتين والفاكهة والخضراوات.. أتأكد من حصولهم على الكربوهيدرات، التي يحتاجونها ليس فقط للتدريب ولكن أيضًا للإدراك – وظائف الدماغ".
وتوضح تاكر للمتدربين السبب وراء ضرورة تجنب بعض الأنظمة الغذائية التي يرونها على الشبكات الاجتماعية، مؤكدة أنه كان هناك أحد المتدربين الذي لم يرد تناول أي شيء بخلاف الفاكهة لخسارة الوزن لكن أوقف عن ذلك.
وقالت: "أخبرتني أخرى أنها لم تأكل الفاكهة والخضروات على الإطلاق أو أنواع معينة من الطعام بسبب قوامها".
وأطلق الجيش الأمريكي تلك الدورة الصيف الماضي، وتتضمن دروسا أكاديمية في اللغة الإنجليزية والرياضيات.
وقال اللفتنانت كولونيل لاري ستيوارت، الذي بدأت كتيبته في الإشراف على الدورات عندما تم توسيع البرنامج في يناير/كانون الثاني: "معدل التخرج لكليهما 97%".
وأوضح أن 2547 مجندا تخرجوا في الكورس الأكاديمي، بينما اجتاز 1195 دورة اللياقة والتغذية وانتقلوا إلى التدريب القتالي الأساسي.
وتتبع الدورة التحضيرية لجنود المستقبل مبادئ "عقيدة الصحة واللياقة الشامل" للجيش الأمريكي، والتي تم تقديمها عام 2020 للمساعدة في تحسين الصحة واللياقة البدنية للجنود في الخدمة والاحتياط.
ويجري المجندون إحماء بتمارين الإطالة الساعة السادسة صباحا قبل تناول الفطور. وتستهدف فصول اللياقة تحسين القوة العضلية، وتحمل العضلات.
وإلى جانب الركض وتمارين الأوزان، هناك "تدريب استعداد بدني" منخفضة التأثير، وتمارين "إحماء وتبريد"، ويوغا.