الحرمان من المعادن النادرة.. ضربة صينية دقيقة تنشر الألم في أمريكا

يسعى كبار المسؤولين في الإدارة الأمريكية جاهدين لوقف الضرر الاقتصادي الناجم عن القيود التي تفرضها الصين على صادرات المعادن النادرة.
ففي حين تهدد الحرب التجارية التي يشنها الرئيس دونالد ترامب بحرمان الصناعات الرئيسية ومقاولي الدفاع من إمدادات المعادن الحيوية للإنتاج، وفقا لثلاثة أشخاص مطلعين على المداولات الداخلية تحدثوا لصحيفة واشنطن بوست.
وبينما تبحث الشركات عن موردين بديلين وتحث البيت الأبيض على إبرام صفقة تضمن استمرار تدفق المواد إلى المصنّعين الأمريكيين، تجد إدارة ترامب صعوبة بالغة في إيجاد حلول سهلة.
هيمنة صينية
وتسيطر الصين على توريد بعض العناصر الأساسية لتصنيع أشياء مثل الطائرات العسكرية بدون طيار، والإلكترونيات الاستهلاكية، والمركبات التي تعمل بالبطاريات.
وقالت آشلي زوموالت-فوربس، التي شغلت منصب نائبة مدير البطاريات والمواد الحيوية في وزارة الطاقة خلال إدارة بايدن، "تُدرك الصين أن هذه ورقة تفاوض قوية للغاية، ولهذا السبب تُمارسها".
وأضافت: "يُصبح هذا الأمر نقطة ضعفنا بسرعة، ومما يجعل هذا الحظر خطيرًا بشكل خاص هو أن الواحدة من هذه المواد قادرة على تعطيل سلاسل توريد بأكملها، ويقتصر إنتاجها على الصين فقط".
وأثارت القيود التي فرضتها بكين ردًا على الرسوم الجمركية الجديدة الباهظة التي فرضها ترامب، قلقًا بالغًا في أوساط الإدارة الأمريكية الحالية للأسباب نفسها.
وقال أشخاص مطلعون على المناقشات، تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم لمراعاة الشؤون الداخلية، إن مساعدين في مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، والمجلس الاقتصادي الوطني، ومجلس المستشارين الاقتصاديين، ووزارة التجارة، ووزارة الطاقة، ومكتب الممثل التجاري، من بين عدة وكالات أخرى، شاركوا في النقاش حول ما يتسبب به حظر الصين لهذه المعادن النادرة من أزمة.
وقلصت بكين صادراتها إلى الولايات المتحدة هذا الشهر من المعادن النادرة، وهي مجموعة من 17 معدنًا بالغة الأهمية للصناعة.
التداعيات الاقتصادية
ووسط تزايد القلق بشأن التداعيات الاقتصادية المحتملة للحرب التجارية، خفف ترامب من حدة لهجته في الأيام الأخيرة، قائلاً إن الولايات المتحدة حريصة على إبرام صفقة، وعرض تخفيضات كبيرة في رسوم الاستيراد.
وفي حين أن الإدارة تدرك أن المعادن تُشكل نقطة ضعف، إلا أن الحكومة الأمريكية لا تملك العديد من البدائل العملية لقادة الصناعة الذين يشعرون الآن بالذعر من نفاد إمداداتهم في غضون أشهر.
وتعتمد الشركات في كثير من الحالات على الاحتياطيات لتوفرها حاليًا، وتبحث عن سبل للالتفاف على القواعد الصينية من خلال إعادة معالجة وإعادة تدوير المواد المستثناة من الحظر، والتي يمكن من خلالها استخراج كميات صغيرة من المعادن النادرة.
وصرحت زوي أويسول، كبيرة محللي السياسات في منظمة SAFE، وهي مجموعة تدافع عن أمن الطاقة وسلاسل التوريد الأمريكية، "بعض الشركات لديها مخزون يكفيها من 40 إلى 60 يومًا"، وأضافت، "إذا لم توافق الصين على عقود التصدير، فإن قدرتنا بشأن مواصلة التصنيع عند نفاد هذا المخزون ليست مضمونة".
وتواجه الإدارة الأمريكية هذه التداعيات على الرغم من سنوات من الجهود التي بذلتها الحكومة الفيدرالية - في عهد عدة رؤساء - لمعالجة ضعف المعادن النادرة في الولايات المتحدة.
ووقّع ترامب أمرًا تنفيذيًا يؤكد على ضرورة إنشاء سلاسل توريد خارج الصين قبل أن يشن حربه التجارية، لكن القيود الجديدة التي فرضتها بكين زادت من مخاوف العواقب الاقتصادية المباشرة.
وأفاد أشخاص مطلعون على المحادثات أن مسؤولين أمريكيين درسوا في الأيام الأخيرة خيارات لتسريع عمليات المعالجة وتوفير رأس المال لمشاريع إنتاج المعادن الأرضية النادرة محليًا.
وأضافوا أن المسؤولين سعوا أيضًا إلى إبرام صفقات تجارية مع شركاء أجانب آخرين من شأنها تقليل الاعتماد على منشآت المعالجة الصينية.