أزمة "غلة" تطل برأسها.. حزام الذرة الأمريكي في خطر

سيجلب تغير المناخ تحديات جديدة للمزارعين مع تحول مناطق الزراعة، والاستعداد لهذه التحولات أمر حيوي للأمن الغذائي في جميع أنحاء العالم.
ويشير بحث جديد أجراه قسم الهندسة المدنية والبيئية في جامعة كاليفورنيا، إلى أنه مع تغير المناخ، سنشهد تغيرات في إنتاجية المحاصيل في واحدة من أكثر مناطق النمو إنتاجية في الولايات المتحدة، وهي "حزام الذرة"، ونشرت الدراسة في دورية "النظم الزراعية".
ويتركز معظم إنتاج الذرة وفول الصويا بالولايات المتحدة في منطقة الغرب الأوسط المعروفة باسم "حزام الذرة"، وبفضل التربة الغنية، إلى جانب التقدم المطرد في التقنيات الزراعية على مدى القرنين الماضيين، كانت وتيرة الزيادة في الغلة عالية.
ويقول جيلينغ وانغ، من مركز العلوم والهندسة البيئية بجامعة كاليفورنيا، والباحث الرئيسي بالدراسة في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للجامعة: "إذا نظرت إلى الاتجاه طويل الأجل، فستجد أن الغلة قد نمت بشكل مستمر، باستثناء السنوات التي شهدت أحداثا شديدة مثل الفيضانات أو الجفاف، فعلى سبيل المثال، تسببت حالات الجفاف الشديدة في عام 2012 في انخفاض كبير في الغلة وسجلت ارتفاعا قياسيا لأسعار المواد الغذائية، وفي الولايات المتحدة وأماكن أخرى، يرجع هذا الاتجاه لزيادة الإنتاجية إلى التكنولوجيا والري وخطوط البذور المحسنة على سبيل المثال، وسيكون الاتجاه مختلفا في المستقبل مع تغير المناخ".
نموذج جامعة كاليفورنيا
واستخدم الباحثون نموذجا قائما على العمليات يسمى نظام دعم القرار لنقل التكنولوجيا الزراعية لمحاكاة كيفية استجابة العمليات الفسيولوجية المختلفة للمحاصيل للظروف البيئية مثل كمية ضوء الشمس وهطول الأمطار ودرجة الحرارة والرطوبة في كل يوم خلال موسم النمو في ظل مناخ معين، ثم يقوم النموذج بتحديد العائد في نهاية موسم النمو لكل محصول، ولتقييم تأثير تغير المناخ، أجروا عمليات محاكاة للمناخات التاريخية والمستقبلية المتوقعة.
ويقول وانغ: "عندما ننظر إلى تقلبات الغلة في الماضي، فإن أسوأ السنوات هي تلك التي تشهد موجات جفاف وحرارة، ويميل الأمران إلى الحدوث في وقت واحد لأنهما يتغذيان ويعززان بعضهما".
هذه العوامل المركبة تجعل من الصعب عزو فقدان إنتاجية المحاصيل إلى إجهاد محدد يعتمد على التحليل الإحصائي كما هو الحال في الدراسات السابقة، كما يوضح وانغ، وهنا تأتي قوة النموذج القائم على العملية لأنه يأخذ في الاعتبار تأثيرات كل عامل إجهاد على مستوى العملية ويمكن أن يعطي صورة واضحة عن كيفية عمل الضغوطات المتعددة بشكل متضافر للتأثير على العائدات.
ويضيف: "يسمح لنا استخدام النموذج القائم على العمليات بتحديد مقدار التغير المتوقع في الغلة الذي يأتي من الإجهاد المائي وكم منه يأتي من الإجهاد الحراري والضغوطات الأخرى، وتاريخيا، كان معظم الإنتاج في حزام الذرة محدودا بسبب الإجهاد المائي".
الإجهاد المائي وضغوطات أخرى
ووجد الباحثون أن إنتاج الذرة وفول الصويا لا يزال محدودا في المقام الأول بسبب الإجهاد المائي حتى أربعينيات وخمسينيات القرن الحادي والعشرين، ولكن بعد منتصف القرن، تصبح الحرارة عامل الضغط الأساسي والعامل المقيد، وهو أمر لم يضطر المزارعون إلى مواجهته في الماضي.
ويقول وانغ: "هذه النتيجة لها آثار على تربية المحاصيل، في الوقت الحالي، وعلى المدى القريب، تعد المحاصيل المقاومة للجفاف مهمة، ولكن عندما تنظر إلى المدى الطويل، فإننا نحتاج إلى محاصيل مقاومة للحرارة".
وهناك نقطة أخرى لاحظها الباحثون وهي أن الذرة وفول الصويا لا يتبعان نفس الاتجاهات في الإنتاج، وذلك بسبب الاختلافات في استراتيجيات التمثيل الضوئي ودرجة الحرارة المثلى، وسوف تستفيد بعض النباتات من الزيادات في ثاني أكسيد الكربون، في حين أن نباتات أخرى ستصل إلى نقطة التشبع عاجلاً وتتلقى فائدة ضئيلة أو معدومة من تأثير تخصيب ثاني أكسيد الكربون.
وفول الصويا هو أحد الأنواع النباتية التي ستستفيد من الزيادة في ثاني أكسيد الكربون ودرجة الحرارة، وتظهر النماذج، بتوافق كبير، أن إنتاجية فول الصويا ستبقى عند المستوى الحالي أو ستزيد بحلول منتصف القرن، ولكن في وقت لاحق من هذا القرن، أصبح الاتفاق أقل تأكيدا، حيث أظهر البعض انخفاضات كبيرة، ومع ذلك، في نهاية المطاف، فإن تأثيرات الإجهاد المائي والحراري ستعيق تأثير تخصيب ثاني أكسيد الكربون.
ويقول وانغ "يُظهر المحصولان أنماطًا مختلفة من التغيير، فمن المتوقع أن يزداد إنتاج فول الصويا بحلول منتصف القرن مع توسع المنطقة الإنتاجية شمالًا، ولكن بحلول أواخر القرن، سنبدأ في رؤية انخفاضات كبيرة في الولايات الجنوبية ، ولكن مع الذرة، سيكون في منتصف القرن وأواخره، هناك تحول نحو الشمال في منطقة النمو الإنتاجية، وهذا يعني انخفاضاً بنسبة 40% تقريباً في محصول الذرة بحلول أواخر القرن، ونحو 22% بالنسبة لفول الصويا".
ويوضح وانغ أيضا إن نقل المنطقة الإنتاجية إلى الولايات الشمالية ليس كافيًا للتعويض عن الخسارة في العائد من الجنوب، كما أنه لا يأخذ في الاعتبار جدوى التغييرات في استخدام الأراضي اللازمة لاستيعاب التحول في منطقة النمو.
ويضيف أنه "مع تغير المناخ، لن يجلس المزارعون ويتركون هذا يحدث، وبالنسبة للتكيف مع المناخ، فإن المحاصيل المقاومة للحرارة ستساعد بالتأكيد. وهناك استراتيجية أخرى تتمثل في زراعة المحاصيل في وقت مبكر".
aXA6IDE4LjIyNS4xNzUuMTg5IA== جزيرة ام اند امز