سباق البيت الأبيض 2024.. «مباراة عودة» تبحث عن لاعبين جدد
وفقا لتقويم العام الجديد، تعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية الحدث الأبرز والأكثر إثارة بانتظار ساكن البيت الأبيض لـ4 سنوات مقبلة.
«مباراة عودة»
وما لم تحدث مفاجآت، فإن الانتخابات تبدو حتى الآن وكأنها «مباراة عودة» بين الرئيس الديمقراطي جو بايدن وسلفه الجمهوري دونالد ترامب الذي يسعى للانتقام من هزيمته التي لم يعترف بها في انتخابات 2020.
وتتجه جميع المؤشرات نحو هذا السيناريو الذي لا يحظى بإعجاب الأمريكيين؛ لكنّه السيناريو الأكثر ترجيحا في ظل غياب خطة ديمقراطية بديلة وهيمنة ترامب على السباق الجمهوري.
ويشهد السباق انقساما حادا بين المرشحين الآخرين ممن يصر كل منهم على أنه البديل الأفضل للرئيس السابق.
بايدن.. المدافع عن الديمقراطية
الأكيد أن الرئيس الديمقراطي في وضع حرج في ظل تراجعه المستمر باستطلاعات الرأي، ومواجهته العديد من التحديات أبرزها عمره المتقدم وما يطرحه من تساؤلات حول قدرته على أداء مهامه، بالإضافة إلى عدم شعبية سياساته الاقتصادية.
ومؤخرا، فقد بايدن الكثير من دعم قاعدته الديمقراطية بسبب موقفه من حرب غزة خاصة في أوساط الشباب والتقدميين إلى جانب العرب والمسلمين الذين تعهدوا بعدم التصويت له، وهو ما يحرمه من كتلة تصويتية مهمة سبق أن حسمت فوزه بالولايات المتأرجحة في 2020.
ويخيم شبح الرئيس الأسبق جيمي كارتر الذي يعد آخر رئيس ديمقراطي فشل في الفوز بولاية ثانية على حملة بايدن.
وإلى جانب فقدان تأييد الشباب، واجه كارتر أزمات عالمية مع اندلاع الثورة الإيرانية واحتجاز الرهائن الأمريكيين في طهران والغزو السوفيتي لأفغانستان وهو ما يتقاطع مع الأزمات التي يواجهها بايدن بعد الانسحاب الفوضوي من أفغانستان وحربي أوكرانيا وغزة.
ومع ذلك، تصر حملة بايدن على وقوف الرئيس على أرض صلبة وتشير إلى التشكيك الذي واجهه في 2020 وإلى أن نتائج الاستطلاعات ليست نهائية.
وبدأت الحملة، استراتيجية جديدة تركز على الهجوم على ترامب بعدما تركت هذا المهمة لخصومه الجمهوريين، ومؤخرا قال بايدن إنه لولا ترامب لما ترشح للانتخابات، مشددا مرة أخرى على صورته كمدافع عن الديمقراطية في مواجهة ترامب.
ولا يتوانى ترامب عن تقديم الدعم لبايدن في هذا المجال بتصريحاته المثيرة مثل أنه "سيكون ديكتاتورا ليوم واحد"، وأن "المهاجرين سمموا دماء الأمريكيين"، كما أن تعهده بإلغاء مشروع «أوباما كير» الذي يحظى بشعبية واسعة يصب في صالح الرئيس الديمقراطي.
وأخيرا، جاء التحقيق لعزل بايدن بمثابة هدية جمهورية للرئيس، فمن المرجح ألا يتم توجيه اتهامات له لتبدو القضية وكأنها جهد لتبرئته مما يمنحه المزيد من الزخم في عام الانتخابات.
ويظل بإمكان حملة بايدن وقف تقدم ترامب مثلما نجحت العام الماضي في وقف تقدم فيه الجمهوريون بانتخابات التجديد النصفي وبانتخابات الولايات في نوفمبر/تشرين ثاني الماضي.
ترامب.. الباحث عن الانتقام
يوما بعد الآخر، يثبت الرئيس السابق أنه ليس كأي مرشح آخر، فهو قادر على الاستفادة من الأزمات والخروج منها أقوى، كما أن تصريحاته المثيرة للجدل تزيده جماهيرية وهو الأمر الذي يتضح مع تصدره لاستطلاعات الرأي على المستويين الجمهوري والوطني.
والحقيقة أن ترامب لم يعد يمتلك الشعبية والمال فقط، بل أيضا النفوذ؛ فأصبح أكثر دراية بكواليس العمل السياسي إلى جانب الدفعة القوية التي منحها له الجمهوريون المتشددون في الكونغرس من تيار (ماغا) داخل مؤسسات الدولة.
وأصبح الأعضاء الجدد يتوددون له طمعا في تأييده وهو ما يعكس حجم هيمنته على الحزب الجمهوري سياسيا وجماهيريا وهو ما يعزز موقفه مع اقتراب الانتخابات.
ويستفيد ترامب بشكل مباشر من وضع منافسيه في الحزب الجمهوري في ظل الفشل بالتوافق على مرشح البديل مع استمرار المرشحين الأضعف في السباق مثل حاكم ولاية نيوجيرسي السابق كريس كريستي، ورجل الأعمال فيفيك راماسوامي، وفي الوقت نفسه قد يعني انسحاب أي من المرشحين أن يتحول أنصارهم لدعم ترامب بما يعزز موقفه.
لكن مسار ترامب في السباق الانتخابي قد يتعرض لانتكاسة قضائية بعد مساعي حرمانه من وضع اسمه في بطاقات الاقتراع في بعض الولايات وهي المساعي التي فشلت في بعض الولايات مثل مينسوتا وميشيغان لكنها تكللت بالنجاح في كولورادو.
وقررت المحكمة العليا بالولاية منع ترامب من الترشح استنادا للتعديل الرابع عشر من الدستور الذي يحرم أي شخص متهم بالمشاركة في تمرد من تولي مناصب تنفيذية.
والقرار يبدو كسلاح ذو حدين، فمن ناحية قد يدفع المزيد من الولايات لتبني الموقف نفسه، ومن ناحية قد يستغله ترامب للترويج لنفسه وتأكيد مزاعمه بالتعرض لمؤامرة ديمقراطية تهدف لمنعه من الترشح.
وإذا اقتصر الأمر على كولورادو، فلن يخسر ترامب الكثير في حال تسمية الحزب الجمهوري له كمرشح للبيت الأبيض، إذ تميل الولاية التي تتمتع بـ9 أصوات في المجمع الانتخابي للديمقراطيين وصوتت في 2020 لصالح بايدن.
وهذه القضية ليست المعركة القانونية الوحيدة التي يخوضها ترامب الذي يواجه 4 محاكمات جنائية، كما تنظر المحكمة العليا بمسألة حصانة قرارته عندما كان رئيسا.
ويسعى الملياردير الجمهوري لتأخير هذه المحاكمات لما بعد انتخابات 2024 حتى يتمكن من العفو عن نفسه في حال وصوله للبيت الأبيض.
ديسانتس وهايلي.. البحث عن بديل لترامب
داخل السباق الجمهوري تحتدم المنافسة بين حاكم فلوريدا رون ديسانتس والحاكمة السابقة لولاية كارولاينا الجنوبية والسفيرة السابقة لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي على المركز الثاني خلفا لترامب.
ويتصارع الخصمان للحصول على دعم كبار المانحين والشخصيات الحزبية البارزة وأصوات الناخبين الجمهوريين ويصر كل منهما على أنه البديل المناسب لترامب والشخص القادر على هزيمته.
ومع تأرجحهما في استطلاعات الرأي، تبقى الانتخابات التمهيدية التي تنطلق الشهر المقبل في ولاية أيوا الفيصل في حسم مركزهما في السباق وقدرتهما على البقاء في مواجهة الرئيس السابق.
كينيدي جونيور.. مستقل يربك السباق
أمام المرشح المستقل روبرت إف كينيدي جونيور معركة شاقة ومكلفة لإدراج اسمه على بطاقات الاقتراع الرئاسي، ورغم ضعف فرصه بالفوز بالرئاسة في النهاية إلا أن بإمكانه إرباك السباق.
ويشعر كلا الحزبين بالقلق من تأثير كينيدي على الناخبين في ظل التاريخ الكبير لعائلته واستياء الناخبين من الأوضاع السياسية.
وأظهر استطلاع أجرته جامعة كوينيبياك في نوفمبر/ تشرين ثاني الماضي أن كينيدي حصل على 21% مقابل 38% لترامب و37% لبايدن.
وقد يكون ترامب الأكثر تضررا من كينيدي الذي لا يعد المرشح المناسب لكثير من الديمقراطيين بسبب مواقفه مثل مناهضته للتطعيم والتي تجعله أكثر قربا للجمهوريين.
aXA6IDMuMTQ0LjIwLjY2IA== جزيرة ام اند امز