الانتخابات الأمريكية.. سباق ينتظر المفاجآت في 2024
تتجه الأنظار من الآن صوب واشنطن بانتظار انتخابات الرئاسة الأمريكية في خريف العام المقبل باعتبارها الأكثر إثارة وتأثيرا عالميا.
ويشهد العالم في 2024 أكثر من 40 منافسة انتخابية وطنية ومع ذلك تتجه الأنظار من الآن صوب واشنطن بانتظار انتخابات الرئاسة الأمريكية في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل باعتبارها الحدث الأكثر إثارة وتأثيرا على السياسات العالمية.
ولا يمكن التوقع من الآن بشكل نهائي للانتخابات أو نتائجها في ظل ما يمكن أن يطرأ خلال الشهور القادمة من مفاجآت قد تقلب مسار السباق.
والسيناريو الأكثر ترجيحا حتى اللحظة أن تكون الانتخابات مباراة عودة بين الرئيس الديمقراطي جو بايدن وسلفه الرئيس السابق دونالد ترامب الذي يعد حتى الآن المرشح الأوفر حظا لتمثيل الحزب الجمهوري في السباق الرئاسي.
وفي هذا التقرير تحاول "العين الإخبارية" قراءة فرص كل مرشح والتحديات التي تواجهه وكيف يمكن أن يتغلب عليها.
بايدن.. تغيير الاستراتيجيات لتغيير النتائج
في ظل غياب قيادة ديمقراطية بارزة ترغب في الترشح عن الحزب وفي ظل تمسك قيادات الديمقراطيين به في إطار التقاليد الأمريكية التي يترشح فيها الرئيس دائما لإعادة انتخابه، يبقى بايدن هو ممثل الديمقراطيين في سباق البيت الأبيض ما لم يقرر مؤتمر الحزب أمرا آخر.
ويواجه بايدن العديد من التحديات التي تهدد جهوده للفوز بولاية ثانية أبرزها عمره المتقدم وتراجعه في الاستطلاعات، وخسارة دعم بعض الفئات من قاعدته الديمقراطية مثل الشباب والتقدميين وأيضا العرب والمسلمين الذين تعهدوا بعدم دعمه ردا على موقفه من حرب غزة، وهو ما يمثل تهديدا كبيرا للرئيس الذي فاز بفضل أصوات هؤلاء خاصة في الولايات المتأرجحة مثل ميشيغان.
كما تفرض تحقيقات الجمهوريين في الكونغرس لعزله تهديدا إضافيا لبايدن في عام الانتخابات خاصة في ظل أزمات نجله هانتر.
ورغم هذه التحديات يظل بإمكان الرئيس الصمود وتغيير نتائج الاستطلاعات لصالحه وهو الأمر الذي تراهن عليه حملته خلال الأشهر القادمة وتذكر بالتشكيك الذي واجهه بايدن في عام 2020 قبل أن يفوز بترشيح الحزب الديمقراطي وبعدها بالبيت الأبيض.
وتلجأ حملة بايدن حاليا لحشد الجهود والسعي لتأييد الشخصيات الديمقراطية البارزة مثل الرئيس الأسبق باراك أوباما ووزيرة الخارجية السابقة والمرشحة السابقة للرئاسة هيلاري كلينتون.
كما تبنت الحملة استراتيجية جديدة، فبعد أشهر من تجاهل ترامب والاعتماد على خصومه الجمهوريين في شن الهجمات عليه، جعلت الحملة الرئيس السابق هدفا رئيسيا لها وواصلت انتقاده في ملف الديمقراطية.
ويركز بايدن الآن على ترشحه للدفاع عن قيم الديمقراطية التي يهددها ترامب "المتمرد" الذي شكك في نتائج انتخابات 2020 وبذل الجهود لعدم الاعتراف بها.
وحتى قضية العزل قد تنقلب في النهاية لصالح الرئيس في حال تبرئته المتوقعة الأمر الذي سيمثل دفعة لبايدن ويشكك في دوافع الجمهوريين السياسية لفتح التحقيق.
ترامب.. من خلق الفوضى لاستغلالها
حتى الآن، يبدو ترامب الفرس الرابح في السباق الرئاسي فهو يتخطى منافسيه الجمهوريين بمراحل ويتقدم بصورة كبيرة في استطلاعات الرأي متفوقا على خصمه الديمقراطي، بايدن.
وبعقلية رجل الأعمال ما زال ترامب قادرا على الاستفادة من كل التحديات وتحويلها إلى فرص تحشد مؤيديه المؤمنين بنظريات المؤامرة التي يتبناها وما زال شعاره "لنجعل أمريكا عظيمة مجددا" الورقة الرابحة.
ولا تتأثر شعبية ترامب بتصريحاته المثيرة للجدل مثل تعهده بالانتقام من خصومه حال فوزه أو أن المهاجرين سمموا دماء أمريكا أو سعيه ليكون ديكتاتورا في اليوم الأول له في البيت الأبيض أو حديثه المستمر عن حصانته القضائية باعتباره رئيسا سابقا.
وقد يكون التحدي الرئيسي أمام ترامب في عام الانتخابات هو المعارك القضائية حيث يواجه 4 محاكمات جنائية في قضايا احتيال وأخرى تتعلق بتشكيكه في الانتخابات ودوره في اقتحام الكونغرس في 6 يناير/كانون الثاني 2021.
كما قدم المدعي الخاص جاك سميث طلبا للمحكمة العليا لحسم ادعاءاته حول الحصانة القضائية، وجاء قرار محكمة كولورادو العليا التي أمرت بعدم إدراج اسمه في بطاقات الاقتراع بالولاية كقنبلة تهدد مسيرته الانتخابية خاصة إذا تكرر الأمر في ولايات أخرى.
ومع ذلك قد ينجح ترامب كعادته في الاستفادة من هذه الأزمات التي اعتبرها البعض نوع الفوضى المفضل للملياردير الجمهوري حيث توفر له البيئة المناسبة لتأجيج غضب مؤيديه وتغذية فكرة كونه ضحية لما يسميها بـ"الدولة العميقة".
كما أن سحب اسم ترامب من الاقتراع في كولورادو لن يكون مؤثرا خاصة وأن الولاية التي تملك 9 أصوات في المجمع الانتخابي تميل ناحية الديمقراطيين وصوتت لصالح بايدن في 2020.
رون ديسانتس.. بديل محتمل لترامب
في البداية قدم حاكم فلوريدا رون ديسانتيس نفسه باعتباره الورقة الرابحة في السباق الرئاسي فهو البديل الأفضل لترامب وهو المرشح الشاب القادر على هزيمة بايدن.
لكن أداء ديسانتيس في الشهور الماضية لم يكن على المستوى المطلوب وتواجه حملته أزمات متكررة مثل استقالة بعض المسؤولين فضلا عن نقص التمويل وأخيرا مواجهة شكوى قانونية حول تدخله للتأثير على لجنة العمل السياسي التي تدعمه.
ومع ذلك يملك ديسانتيس فرصا قوية فبإمكانه جذب بعض مؤيدي ترامب في ظل تبنيه للكثير من المواقف المحافظة للرئيس السابق كما أنه قدم أداء قويا في المناظرة الجمهورية الأخيرة في ألاباما أعاده لنقطة انطلاق حملته.
نيكي هايلي.. الرهان القادم
تعتمد نيكي هايلي بشكل كبير على خبراتها السابقة كحاكمة لولاية ساوث كارولاينا لكنها تعتمد بشكل أكبر على خبراتها في السياسة الخارجية التي اكتسبتها من عملها كسفيرة سابقة لدى الأمم المتحدة.
ومؤخرا نجحت هايلي في جذب عدد من الأسماء الجمهورية البارزة لدعم حملتها إضافة إلى دعم مجموعة من كبار الممولين.
ومع هذا فإن أداء هايلي المتذبذب يمثل تهديدا لجهودها خاصة بعد المناظرة الأخيرة التي تراجعت فيها وفشلت في فرض سيطرتها على المناقشات وحتى الآن تتسابق هايلي مع ديسانتس على المركز الثاني.
كريس كريستي.. معارض ترامب الذي يخدمه
لا يملك الحاكم السابق لولاية نيو جيرسي فرصا حقيقية رغم استراتيجيته في الهجوم على ترامب وانتقاد المرشحين الآخرين لخوفهم من الرئيس السابق.
إلا أن استمراره في السباق الجمهوري يلعب دورا مؤثرا في تحديد اسم مرشح الحزب في النهاية حيث إنه يفتت الأصوات بعيدا عن هايلي وديسانتيس بما يخدم ترامب في النهاية.
كما أن انسحابه من السباق قد يصب أيضا في صالح ترامب مع تحول أنصاره لدعم الرئيس السابق.
وقد يكون للانتخابات التمهيدية في ولاية أيوا والمقررة في يناير/كانون الثاني المقبل دورا حاسما في تصفية المرشحين الجمهوريين ورسم صورة واضحة لسباق الحزب.
كينيدي جونيور.. تهديد الجمهوريين
لا يملك المرشح المستقل روبرت إف كينيدي جونيور فرصا حقيقية للوصول إلى البيت الأبيض إلا أن التاريخ السياسي الكبير لعائلته ودعم بعض كبار المانحين وعدد الأصوات الكبير نسبيا الذي يحظى به وفقا لاستطلاعات الرأي قد يربك السباق الرئاسي.
ورغم انتمائه وعائلته للحزب الديمقراطي فإن مواقفه مثل مناهضته للتطعيم تجعله أقرب للجمهوريين بما يهدد مرشح الحزب أيا كان اسمه.
أخيرا فإن المفاجآت هي السمة الأبرز للانتخابات الرئاسية الأمريكية وقد تحمل الشهور القادمة المزيد منها بانتظار المحطة الأخيرة للسباق.