الاتفاق التجاري الأمريكي-الأوروبي.. اقتصادي فرنسي بارز يكشف لـ«العين الإخبارية» الرابحين والخاسرين

بينما تنفست بعض القطاعات الصناعية في أوروبا الصعداء، تلقت أخرى ضربة موجعة قد تؤثر على آلاف الوظائف، بعد إعلان الاتفاق التجاري الجديد بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
اتفاق أُبرم لتفادي حرب تجارية طاحنة، لكنه لم يُرضِ الجميع. فمن نجا من الرسوم الجديدة؟ ومن سيدفع الثمن الباهظ؟ إليكم التفاصيل الكاملة:
من جانبه، قال الاقتصادي الفرنسي البارز في بنك Natixis للخدمات المصرفية الاستثمارية والشركات هدريان كاماتِ، لـ"العين الإخبارية" إن الاتفاق المبرم بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، رغم أنه ينجح في تفادي سيناريو الرسوم الجمركية البالغة 30%، إلا أنه يحمل ثقلًا اقتصاديًا كبيرًا على الاقتصاد الأوروبي خاصة فرنسا.
وأشار "كامات" إلى أن الرسوم الجمركية بسقف 15% قد تؤثر بشكل ملموس على النمو الاقتصادي الأوروبي، موضحاً أن "استمرار الانخفاض في قيمة اليورو والدولار، إلى جانب الرسوم الجمركية، سيجعل الوصول للسوق الأمريكي أكثر صعوبة وأغلى ثمنًا للشركات الفرنسية، خصوصًا لمؤسسات صغيرة ومتوسطة".
كما يرى أن الصناعات الفرنسية الأكثر تعرضًا مثل المنتجات الفاخرة والمنتجات الصحية والتميز في المنتجات الغذائية قد تواجه تحديًا في الحفاظ على تنافسيتها، على الرغم من بعض الإعفاءات الجزئية.
وأثار الإعلان عن النظام الجمركي الجديد ردود فعل واسعة في أوساط الصناعات المختلفة، من السيارات إلى مستحضرات التجميل، إذ لم يُعامل الجميع على قدم المساواة، بحسب محطة "فرانس.إنفو" التلفزيونية الفرنسية.
بينما شكّل الاتفاق ارتياحًا للبعض، شكل صدمة للبعض الآخر، الاتفاق التجاري الجديد بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، المُعلن عنه يوم الأحد، قوبل بردود فعل متباينة في أوروباـ والسبب: فرض رسوم جمركية "عامة" بنسبة 15% على المنتجات الأوروبية المصدرة إلى الولايات المتحدة.
لكن بعض الصناعات "الاستراتيجية" نجحت في تفادي هذه الضرائب بعد مفاوضات شاقة بين الجانبين. ولا يزال الغموض يكتنف قطاعات عدة مثل الأدوية، الصلب، الألمنيوم، النبيذ والمشروبات الروحية. وفيما يلي نظرة على أبرز الرابحين والخاسرين من هذا الاتفاق.
- الاتفاق التجاري الأمريكي-الأوروبي.. خطوة لتحقيق التوازن الاقتصادي
- «سبيس 42» الإماراتية تقود أكبر مشروع خرائط رقمية في أفريقيا
قطاع الطيران معفى تمامًا من الرسوم
كما صرحت أورسولا فون دير لاين، ستُعفى عدة قطاعات بالكامل من الرسوم الجمركية بين الولايات المتحدة وأوروبا وفقًا لمبدأ "صفر مقابل صفر". وشمل هذا الإعفاء "جميع الطائرات ومكوناتها"، وفقًا لرئيسة المفوضية الأوروبية.
وقد رحب اتحاد صناعات الطيران والفضاء الفرنسية بالقرار، واعتبره "جيدًا لصناعة متوازنة بين فرنسا والولايات المتحدة". ويُتوقع أن يسهم هذا الإعفاء في الحفاظ على الوظائف الماهرة في فرنسا على مختلف مستويات سلسلة الإمداد.
هذا القطاع كان يواجه تهديدًا بتصعيد تجاري، خاصة مع دعوات فرض رسوم متبادلة على الطائرات ومعداتها. إلا أن رئيس شركة إيرباص، غيوم فوري، وصف تلك السياسات سابقًا بأنها "خسارة للطرفين". وقد تحقق أمله في حل الأزمة، ليُواصل القطاع الالتزام باتفاق دولي يعود إلى عام 1979، ينص على إعفاء الطائرات من الرسوم الجمركية، ما ساعد الشركات الأوروبية على التوسع في السوق الأمريكية.
قطاع السيارات أقل تضررًا من المتوقع
بشكل جزئي، يعد الاتفاق خبرًا جيدًا لصناعة السيارات الأوروبية، إذ إن الرسوم الجديدة البالغة 15% أخف وطأة من تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض رسوم تصل إلى 30%.
وقد رحبت جمعية صانعي السيارات الأوروبية (ACEA) بالاتفاق، واعتبرته "خطوة مهمة لتخفيف حالة عدم اليقين" التي تهدد القطاع. إلا أنها أعربت عن أسفها لبقاء الرسوم الجمركية عند مستويات أعلى مما كانت عليه قبل عودة ترامب، الأمر الذي "يؤثر سلبًا ليس فقط على الصناعة الأوروبية بل الأمريكية أيضًا".
وفي ألمانيا، حيث تعتمد شركات السيارات بشكل كبير على السوق الأمريكية، استُقبل الاتفاق بنفس الروح. وأكد المستشار الألماني فريدريش ميرتس عبر منصة "إكس" أن الاتفاق يُجنّب البلاد "نزاعًا تجاريًا كان سيؤذي الاقتصاد الألماني الموجه نحو التصدير".
قطاع الألبان الفرنسي مرتاح.. لكنه ليس بمنأى عن الضرر
ويعد قطاع الألبان الفرنسي نشطًا جدًا في السوق الأمريكية، حيث يصدر منتجات تتجاوز قيمتها 340 مليون يورو سنويًا (392.4 مليون دولار). وعلى الرغم من تجنبه لرسوم الـ30% التي لوّح بها ترامب سابقًا، إلا أن الوضع الجديد لا يخلو من خسائر.
وقال رئيس اتحاد الصناعات اللبنية في فرنسا، فرنسوا كزافييه هوار: "الرسوم الباهظة كانت ستؤدي إلى تباطؤ كبير في التصدير"، مضيفًا أن الاتفاق "أفضل من الدخول في حرب تجارية، حتى وإن لم يكن في مصلحة الأوروبيين عمومًا".
وأوضح أن المستهلك الأمريكي إما سيدفع أسعارًا أعلى للمنتجات المحمية بتسميات المنشأ، أو أن المنتجات متوسطة ومنخفضة التكلفة ستواجه منافسة من دول أقل تعرضًا للرسوم.
قطاع التجميل يتلقى ضربة قوية
بعد قطاع الطيران، تعد صناعة التجميل ثاني أكبر قطاع تصديري نحو أمريكا، حيث يُصدَّر نحو 13% من إنتاجها. ومع ذلك، لم تنجُ هذه الصناعة من الرسوم الجمركية الجديدة، بل كانت من أكثر المتضررين.
وقال إيمانويل غيشار، المدير العام لاتحاد شركات الجمال: "رغم أن الاتفاق يمنح بعض الرؤية المستقبلية، فإنه يؤكد الأخبار السيئة. فبعد أن كانت الرسوم 0% في يناير/كانون الثاني، سنواجه الآن رسومًا بـ15%".
ونظرًا لأن الشركات عادة ما تُحمّل هذه الرسوم على سعر البيع، فإن المنتجات الأوروبية قد تصبح أقل جاذبية في السوق الأمريكية، وهو ما يُهدد "نحو 5 آلاف وظيفة في فرنسا وحدها"، بحسب غيشار.
تحذيرات من خسائر فادحة للشركات الصغيرة والمتوسطة
أعلنت "اتحاد الشركات الصغيرة والمتوسطة" (CPME) أن الاتفاق الجديد "سيكون له تأثيرات سلبية جدًا على الاقتصاد الفرنسي وسينعكس بشكل مدمر على آلاف الشركات الصغيرة".
وفي بيان رسمي، وصف الاتحاد الاتفاق بأنه "خبر ظاهري جيد، لكنه في الحقيقة مكلف جدًا"، مشيرًا إلى أن الثمن الذي دُفع لتفادي الحرب التجارية "يفوق حدود المنطق".
وحذّرت CPME من أن الرسوم الجديدة، إلى جانب انخفاض سعر الدولار مقابل اليورو، ستجعل دخول السوق الأمريكية "أكثر صعوبة وتكلفة" للشركات الفرنسية، وخاصة الصغيرة منها، التي لا تملك القدرة على التفاوض المباشر مع الحكومة الأمريكية كما تفعل الشركات الكبرى.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuOTAg
جزيرة ام اند امز