بـ"خطة طوارئ".. هل تستعد أمريكا لمواجهة عسكرية مع إيران؟
كشفت أرقام سرية بميزانية البنتاغون عن تخصيص الجيش الأمريكي إنفاقا لعمليات طوارئ تتعلق بخطة حرب مع إيران، وفق موقع "ذي إنترسبت" الأمريكي.
وجرى تمويل خطة الطوارئ، التي أطلق عليها اسم "دعم الحارس"، في عامي 2018 و2019، بحسب الدليل الذي تم إصداره في العام المالي 2019، ويصنف خطة "دعم الحارس" بأنها "خطة مفهوم"، أي خطة طوارئ واسعة النطاق للحرب والتي يضعها البنتاغون تحسبا لأزمة محتملة.
خطة طوارئ
لم يتم الكشف سابقا عن وجود "دعم الحارس". ولم يتضح من الوثيقة حجم ما أنفقه البنتاغون على الخطة خلال تلك السنوات.
وقال الرائد جون مور، المتحدث باسم القيادة المركزية الأمريكية، لدى سؤاله عن البرنامج وما إذا كان لا يزال قائما: "لا نعلق على الخطط كمسألة تتعلق بالسياسة. تظل إيران المصدر الرئيسي لعدم الاستقرار في المنطقة وتمثل تهديدا للولايات المتحدة وشركائنا. نراقب باستمرار التهديدات بالتنسيق مع شركائنا الإقليميين ولن نتردد في الدفاع عن المصالح القومية الأمريكية في المنطقة".
وتعتبر خطة "دعم الحارس" مثالا واحدا على الارتياح العسكري الأمريكي المتنامي -والدعم- للنهج العدائي الذي تنتهجه إسرائيل ضد إيران، وقال السفير الأمريكي لدى إسرائيل توم نايدز الأسبوع الماضي: "يمكن لإسرائيل ويجب عليها أن تفعل ما يتطلبه الأمر للتعامل مع (إيران) ونحن نساندهم".
وتعاونت الولايات المتحدة وإسرائيل في عدد متزايد من التدريبات العسكرية خلال الشهور الأخيرة التي يقول القادة الإسرائيليون إنها تستهدف اختبار خطط الهجوم المحتملة مع إيران.
وفي 2018، انسحب الرئيس الأمريكي -آنذاك- دونالد ترامب من الاتفاق النووي مع إيران. وفي يناير/كانون الثاني عام 2019 غرد بصورة لمنشور عرض خلال اجتماع للحكومة وموجه لإيران جاء فيه أن "العقوبات قادمة". وفي عهد الرئيس الأمريكي جو بايدن ظلت سياسة الولايات المتحدة تجاه المنطقة كما هي.
وفي 16 يناير/كانون الثاني عام 2021، قبل أربعة أيام فقط من تنصيب بايدن أمر ترامب الجيش بإعادة وضع إسرائيل تحت قيادة القيادة المركزية الأمريكية، القيادة القتالية في الشرق الأوسط. وتاريخيا أبقى الجيش الأمريكي إسرائيل تحت قيادته الأوروبية.
لكن كان ذاك القرار أحد القرارات التي اتخذها ترامب باللحظات الأخيرة، والذي يستهدف إجبار إدارة بايدن على التخلي عن الدبلوماسية وتبني إطار العمل الخاص بحملته "للضغط الأقصى" على إيران.
وجاءت أوامر ترامب بعد مشروع قانون في ديسمبر/كانون الأول عام 2020 قدمه العديد من أعضاء الكونغرس الجمهوريين، بينهم السيناتور توم كوتوم، لدراسة نقل إسرائيل إلى القيادة المركزية الأمريكية.
وفي عهد بايدن، اتسع التعاون العسكري الأمريكي الإسرائيلي بسرعة ليشمل تدريبات بحرية مشتركة غير مسبوقة.
وفي يناير/كانون الثاني، أجرت الولايات المتحدة وإسرائيل أكبر تدريبات عسكرية لهما في التاريخ، تسمى "جونيبر أوك". وشارك 6 آلاف و400 أمريكي و1500 جندي إسرائيلي في التدريبات، التي شاركت فيها 140 طائرة، وحاملة طائرات، وتدريبات بإطلاق النار الحي باستخدام أكثر 180 ألف رطل من الذخيرة الحية.
وأصر المتحدث باسم البنتاغون الجنرال بات رايدر على أنها "لا تستهدف التركيز على أي خصم واحد أو تهديد، الأمر كله يتعلق بالعمل معا"، لكن أوضح المسؤولون الإسرائيليون أن التدريبات كانت مصممة لمحاكاة الحرب مع إيران.
حرب إسرائيلية أمريكية إيرانية
بعد حوالي عقدين من شن الولايات المتحدة الغزو على العراق، توشك إدارة بايدن على الانجرار إلى صراع مسلح كبير آخر في الشرق الأوسط.
والأسبوع الماضي، بدا أن السفير الأمريكي نايدز يؤيد خطة لهجوم إسرائيلي على منشآت إيران النووية بدعم أمريكي.
وبحسب "ذي إنترسيت"، لم يتضح ما إذا كان نايدز يعبر عن أفكاره الخاصة، أو ما إذا كان يوضح الخطوط العريضة لتغيير رسمي في السياسة الأمريكية، بالرغم من أن الإدارة الأمريكية لم تتراجع عن التصريحات.
وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، خلال مؤتمر صحفي، إن التصريحات عكست دعما أمريكيا مستمرا للأمن الإسرائيلي، وواصلت الولايات المتحدة دعم السياسات الإسرائيلية المتشددة المتعلقة بإيران، بما في ذلك "عقيدة الأخطبوط" الخاصة بالضربات داخل إيران، بالإضافة إلى الأهداف الإيرانية بشتى أنحاء المنطقة.
ورأى "ذي إنترسبت" أنه من الناحية الدبلوماسية ليس لدى الولايات المتحدة الكثير لتخسره، إذ إن الاتفاق النووي "ميت". لكن بالتدقيق عن كثب، يعني التصعيد الإسرائيلي أن الولايات المتحدة تواجه الآن احتمالا سيئا باندلاع أزمة كبيرة في الشرق الأوسط في نفس اللحظة التي تنخرط فيها بحرب كبرى أخرى في أوروبا وعلاقتها المتدهورة مع الصين.
وكان الاتفاق النووي، حسب "ذي إنترسبت"، يستهدف تجنب مواجهة بالشرق الأوسط تلوح الآن في الأفق، ووقع الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما الاتفاق عام 2015، ليفرض بموجبه قيودا صارمة على البرنامج النووي الإيراني مقابل إعادة دمجها بالاقتصاد العالمي.
لكن بعد انسحاب ترامب من الاتفاق، ذهب هذا الاتفاق أدراج الرياح، ولم يزل القيود على البرنامج النووي فحسب، بل أيضا مكن ذلك المتشددين داخل إيران الذين أحجموا عن التفاوض في المقام الأول وساعدهم في الفوز في الانتخابات الرئاسية عام 2021.
وبغض النظر عن مدى انعدام رغبة الرأي العام الأمريكي في ذلك سيؤدي الصراع بين إسرائيل وإيران حتما إلى سحب الجيش الأمريكي إلى المعركة، وفق المصدر ذاته.
ورأى الموقع الأمريكي أن صراعا بين إيران وإسرائيل قد يكون له تكلفة جيوسياسية أخرى، حيث تبذل الولايات المتحدة حاليا كل طاقتها الدبلوماسية للحفاظ على التحالف لعزل روسيا ومواجهتها بسبب حربها في أوكرانيا.
وبعد عام كامل من الحرب، بدأت هذه الجهود تواجه ضغوطا بالفعل، وإذا وجدت الولايات المتحدة نفسها تنجر إلى حرب جديدة في الشرق الأوسط، من غير المرجح أن تفوز بقلوب وعقول الجميع حول العالم، ناهيك عن الداخل.
aXA6IDMuMTIuMTYxLjE1MSA=
جزيرة ام اند امز