سوق العمل الأمريكي يرسل إشارات متباينة.. ارتفاع طلبات البطالة رغم الاستقرار التاريخي
ارتفع عدد الأمريكيين المتقدمين للحصول على إعانات البطالة خلال الأسبوع الماضي، إلا أنه ما يزال ضمن النطاق الصحي تاريخيا الذي حافظ عليه سوق العمل في السنوات الأخيرة، رغم تزايد المخاوف بشأن متانة التوظيف والضغوط الاقتصادية المحيطة به.
وأفادت وزارة العمل الأمريكية، الخميس، بأن طلبات إعانات البطالة للأسبوع المنتهي في 6 ديسمبر/كانون الأول ارتفعت بمقدار 44 ألف طلب، لتبلغ 236 ألفا مقارنة بنحو 192 ألفا في الأسبوع السابق.
وقالت وكالة "أسوشيتد برس"، إن هذا المستوى أعلى من توقعات المحللين التي بلغت 213 ألف طلب جديد. ويشير اقتصاديون إلى أن أرقام الأسبوع الماضي تأثرت بعطلة عيد الشكر، ما تسبب في تقلبات موسمية معتادة.
وتعد طلبات إعانات البطالة مؤشرا شبه فوري لعمليات تسريح العمال، إذ تمنح قراءة سريعة لوضع سوق العمل واتجاهاته. وعلى الرغم مما يبدو ظاهريا أنه سوق عمل يتمتع بصحة تاريخية، فقد خفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة الرئيسي بمقدار ربع نقطة مئوية يوم الأربعاء، مسجلا التخفيض الثالث على التوالي هذا العام.
وأوضح جيروم باول، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، أن قرار خفض تكاليف الاقتراض جاء خشية أن يكون سوق العمل أضعف مما تعكسه البيانات الرسمية. فرغم أن الأرقام الحكومية تشير إلى أن الاقتصاد أضاف نحو 40 ألف وظيفة شهريا منذ أبريل/نيسان — وهو معدل ضعيف بالفعل — يؤكد باول أن هذا الرقم قد يراجع بالخفض بما يصل إلى 60 ألف وظيفة، ما يعني أن أصحاب العمل يلغون فعليا ما معدله 20 ألف وظيفة شهريا منذ الربيع.
وقال باول في مؤتمر صحفي: "يبدو أن سوق العمل الحالي ينطوي على مخاطر هبوطية كبيرة. وهذا الأمر يمس الناس مباشرة، فهو يتعلق بوظائفهم ومعيشتهم".
ورغم استمرار طلبات إعانة البطالة ضمن نطاق صحي تاريخيا خلال السنوات الأخيرة، ما يوحي بأن موجات التسريح لا تزال محدودة مقارنة بفترات سابقة، إلا أن وتيرة التوظيف تبقى بطيئة، مما يجعل إيجاد فرصة عمل جديدة تحديا حقيقيا لمن فقدوا وظائفهم.
ويبدو أن سوق العمل الأمريكي يقف حاليا في منطقة وسط بين انخفاض معدلات التوظيف والتسريح معا، وهو توازن هش ساهم في إبقاء معدل البطالة عند مستويات منخفضة تاريخيا رغم اضطرابات الأشهر الماضية.
وفي سياق متصل، قدرت شركة ADP المتخصصة في بيانات الرواتب أن الولايات المتحدة فقدت نحو 32 ألف وظيفة في نوفمبر/تشرين الثاني، في تقرير جاء أضعف بكثير من التوقعات. ويتماشى هذا التراجع الحاد مع أحدث البيانات الحكومية التي تعكس تباطؤًا لافتًا في نمو الوظائف منذ فرض الرئيس دونالد ترامب تعريفات جمركية واسعة على الشركاء التجاريين الرئيسيين في أبريل/نيسان.
وبرغم أن شهر سبتمبر/أيلول سجل مكاسب جيدة بلغت 119 ألف وظيفة، فإن شهري يونيو/حزيران وأغسطس/آب شهدا خسائر صافية. كما ارتفع معدل البطالة إلى 4.4%، وهو أعلى مستوى يسجله خلال 4 سنوات، ما يضيف طبقة جديدة من القلق بشأن الاتجاه العام لسوق العمل.
وتزامن ذلك مع تأجيل إصدار بيانات الوظائف الشاملة لشهر نوفمبر/تشرين الأول إلى الأسبوع المقبل بسبب إغلاق الحكومة، ما يزيد حالة الضبابية حول الصورة الكاملة للتوظيف.
ومن جانب آخر، تستغرق عمليات التسريح التي أعلنت عنها شركات كبرى مثل "يو بي إس"، و"جنرال موتورز"، و"أمازون"، و"فيريزون" عدة أسابيع أو شهور لتنفيذها بالكامل، ما يعني أنها قد لا تظهر في بيانات وزارة العمل الأخيرة.
وأظهرت بيانات حكومية أن إجمالي عدد الأمريكيين المستمرين في تلقي إعانات البطالة خلال الأسبوع المنتهي في 29 نوفمبر/تشرين الثاني انخفض بمقدار 99 ألفا، ليصل إلى 1.84 مليون شخص، وهو أدنى مستوى منذ منتصف أبريل/نيسان.
ويرى بعض المحللين أن هذا الانخفاض الكبير قد يعود إلى التعديلات الموسمية، بالإضافة إلى أن كثيرا من المستفيدين يفقدون أهليتهم للحصول على الإعانات بعد 26 أسبوعا من التقديم.
وأوضح تقرير وزارة العمل الصادر يوم الخميس أن متوسط الطلبات على مدى أربعة أسابيع — وهو مؤشر أكثر استقرارا يقلل من التقلبات الأسبوعية — ارتفع بمقدار 2000 طلب ليصل إلى 216750 طلبا، ما يعكس استمرار الضغوط التي يواجهها سوق العمل، وإن ظلت ضمن الإطار التاريخي المقبول.