أزمة لحم البقر في أمريكا.. أسعار قياسية واعتماد متزايد على الواردات

تشهد الولايات المتحدة واحدة من أكبر أزمات إنتاج لحوم الأبقار في تاريخها الحديث، في ظل ارتفاع غير مسبوق في الأسعار، وتراجع حاد في أعداد الماشية، ما يدفع البلاد إلى زيادة اعتمادها على الواردات لتلبية الطلب المحلي المتصاعد على البروتين.

مع بلوغ استهلاك الأمريكيين من اللحوم مستويات قياسية، باتت الأسواق المحلية عاجزة عن تغطية الطلب، ما يغيّر ملامح سوق اللحوم في الدولة الأكبر استهلاكًا للحوم البقرية في العالم.

وقال ويسلي باتيستا، أحد مؤسسي شركة «جي بي إس» (JBS) البرازيلية، كبرى شركات إنتاج اللحوم عالميًا، خلال مؤتمر استثماري في لندن، إن الولايات المتحدة تمرّ بمرحلة حرجة على صعيد إنتاج لحوم الأبقار، مؤكّدًا أن البلاد "بحاجة إلى استيراد المزيد والمزيد" لتعويض العجز المحلي. وأضاف أن الأسعار الحالية هي الأعلى في تاريخ الولايات المتحدة، نتيجة الفجوة المتزايدة بين الإنتاج والاستهلاك.

• أزمة المعادن النادرة تشل مصانع أمريكا.. والصين تمسك بالورقة الأقوى

وتُظهر بيانات الأسعار حجم الأزمة، إذ ارتفع متوسط سعر الرطل من اللحم المفروم إلى 6.32 دولار، بزيادة بلغت 13% خلال عام واحد فقط. كما ارتفعت واردات اللحوم بنسبة 30% في النصف الأول من العام، رغم استمرار الرسوم الجمركية المرتفعة، ما يعكس اتساع الفجوة بين الطلب والعرض.

ويعود جزء كبير من هذه الأزمة إلى تراجع أعداد الماشية الأمريكية إلى أدنى مستوياتها منذ خمسينيات القرن الماضي، نتيجة موجات الجفاف التي أثّرت على المراعي في ولايات الإنتاج الرئيسة. وأجبر ذلك العديد من المربين على بيع العجول بدلاً من الاحتفاظ بها للتكاثر، ما عمّق الأزمة الإنتاجية ورفع الأسعار.

في المقابل، يظل الطلب الأمريكي على اللحوم في ازدياد مستمر، مدفوعًا باتجاهات غذائية جديدة تشجّع على استهلاك البروتين، خصوصًا بين مستخدمي أدوية إنقاص الوزن من فئة GLP-1 مثل «أوزيمبيك» (Ozempic) و«مونجارو» (Mounjaro)، الذين يُنصحون بتناول كميات كافية من البروتين للحفاظ على الكتلة العضلية.

وتُعد شركة «جي بي إس» لاعبًا رئيسيًا في السوق الأمريكية، إذ تمتلك تسعة مصانع للحوم داخل الولايات المتحدة وتشكل السوق الأمريكية نحو نصف إيراداتها العالمية. ورغم التعقيدات الجمركية والسياسية، تواصل الشركة التوسع في قطاعات جديدة تشمل الدجاج والبيض والمنتجات النباتية، مستفيدة من مرونتها التشغيلية.

ويبدو أن الولايات المتحدة تتجه نحو مرحلة جديدة في تعاملها مع سوق اللحوم، حيث يفرض النقص في الإنتاج المحلي وتحوّل أنماط الاستهلاك واقعًا اقتصاديًا مختلفًا، قد يكرّس اعتماد البلاد المتزايد على الواردات لتأمين أحد أهم احتياجاتها الغذائية الأساسية.