النفط الأمريكي تحت ضغط الرسوم.. الحرب التجارية تربك حسابات الإنتاج والتوظيف

سعى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منذ أول يوم في ولايته الرئاسية لزيادة إنتاج الولايات المتحدة من النفط والغاز لكن القطاع بدأ يعيد النظر ويفكر في خفض الإنتاج وعدد الوظائف.
وفقا لرويترز تأتي هذا القرارات بسبب تلقيي قطاع النفط الأمريكي ضربة مزدوجة تتمثل في رفع منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) لإنتاج الخام وتراجع الطلب بسبب سياسات الرسوم الجمركية المرتبكة.
والولايات المتحدة هي حاليا أكبر منتج للنفط في العالم إذ تضخ نحو 13.55 مليون برميل يوميا. ويوظف هذا القطاع ملايين العمال ويدر مليارات الدولارات سنويا.
وسعت حملة ترامب التي تشجع على زيادة التنقيب والحفر والإنتاج ورفعت شعار (دريل بيبي دريل) أو (احفر يا عزيزي احفر) وحالة طوارئ المتعلقة بالطاقة على مستوى البلاد التي أعلنها في أول يوم له في البيت الأبيض إلى تسهيل زيادة الإنتاج على الشركات، كما أصدر الرئيس أوامر للمسؤولين بفعل كل ما في وسعهم لتعزيز هذا القطاع.
لكن بدلا من أن يتحقق ذلك، تلقت الأسواق صدمة من تراجع حاد في العقود الآجلة للخام الأمريكي لتقترب من 55 دولارا للبرميل هذا الشهر هبوطا من 78 دولارا في اليوم السابق لأداء ترامب اليمين.
وتقول الكثير من الشركات إنه لا يمكنها مواصلة الحفر والتنقيب بصورة مربحة إذا هبطت أسعار النفط إلى ما دون 65 دولارا للبرميل.
وقال مراقبون للقطاع إن الرسوم الجمركية الجديدة ستزيد من تكلفة شراء الصلب والمعدات مما قد يدفع الشركات للعزوف عن الحفر إلا إذا شهدت أسعار النفط ارتفاعا قويا.
وبدأت أسواق النفط، وكذلك بورصة وول ستريت، في التراجع منذ الثاني من أبريل/ نيسان عندما أعلن ترامب عن فرض رسوم جمركية على شركاء تجاريين. وبعد ذلك بقليل، قال تحالف أوبك+ إنه سيسرع وتيرة زيادة الإنتاج مما دفع أسعار النفط الأمريكي إلى أقل مستوى منذ أن أدت جائحة كوفيد-19 لانهيار الطلب.
وخفضت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية بشدة من تقديراتها لأسعار النفط الأمريكي إلى 63.88 دولار للبرميل للعام الجاري هبوطا من تقدير سابق بلغ 70.68 دولار للبرميل وعزت ذلك إلى السياسة التجارية العالمية وزيادة الإنتاج من أوبك.
وأضافت أن استهلاك النفط العالمي في العام الجاري سيزيد بمقدار 0.9 مليون برميل يوميا بما يقل بمقدار 0.4 مليون برميل يوميا عن التقدير السابق.
وحتى قبل هبوط الأسعار بسبب الرسوم الجمركية هذا الشهر، أعلنت شركات كبرى منها شيفرون وإس.إل.بي عن تسريح عمالة لخفض التكاليف.
وقال رو باترسون الشريك الإداري في ماراودر كابيتال للاستثمارات الخاصة في خدمات حقول النفط الأمريكية "إذا نزلت الأسعار إلى ما دون 60 دولارا وظلت كذلك سنشهد انخفاضا مؤكدا في عدد منصات الحفر".
وقال باترسون "فتح ذلك الباب بالتأكيد أمام دول أوبك لزيادة حصتها السوقية، وهذه إصابة غير مقصودة بنيران صديقة".
وأضاف "من غير المنطقي أن تعتقد الإدارة أن شركات النفط ستواصل الحفر عندما تكون الأسعار منخفضة".
وبلغ عدد منصات الحفر النفطية في الولايات المتحدة 506 بنهاية مارس/ آذار، بانخفاض قدره 382 منصة منذ عام 2018 الذي شهد أعلى عدد من منصات الحفر في العقد الماضي.
وقال كام هيويل، الرئيس والمدير التنفيذي لشركة بريميوم أويلفيلد تكنولوجيز، التي تُصنع وتبيع معدات تمكن شركات النفط من حفر الآبار بشكل أسرع "إذا بقيت أسعار النفط عند مستوى 50 دولارا للبرميل، فسينخفض عدد منصات الحفر، وقد يتجاوز الانخفاض 10% أو 20%. وإذا استقرت الأسعار حول 50 دولارا لفترة، فلن أتفاجأ بانخفاضها بمقدار 50%".
وفقا لمسح أجراه بنك الاحتياطي الاتحادي في دالاس وشمل أكثر من 100 شركة نفط وغاز في منطقة تكساس ونيو مكسيكو ولويزيانا، يحتاج منتجو النفط إلى سعر 65 دولارا للبرميل في المتوسط لتحقيق ربحية من أعمال الحفر. وكان هذا أعلى بدولار واحد من السعر الذي حددوه في مسح الربع الأول من العام الماضي.
ووفقا لشركة الأبحاث ريستاد إنرجي وشركة وود ماكنزي بلغ متوسط تحقيق نقطة التعادل، أو تغطية تكلفة تطوير بئر جديدة في الولايات المتحدة، أقل بقليل من 48 دولارا للبرميل. ويرتفع هذا السعر إلى أكثر من 60 دولارا للبرميل بعد إضافة توزيعات الأرباح وسداد الديون ونفقات الشركة وغيرها من التكاليف.
وقال ماثيو بيرنشتاين نائب الرئيس في شركة ريستاد "في الواقع، حتى الشركات التي تعمل على نطاق يحقق نقطة التعادل عند 40 دولارا للبرميل، ستميل إلى إبطاء نشاطها عندما تنخفض الأسعار عن 65 دولارا للبرميل، لأن مستوى تغطية أرباحها سيكون في خطر".
وركزت العديد من الشركات المدرجة في البورصة على انضباط رأس المال وعلى توزيعات الأرباح للمساهمين في السنوات القليلة الماضية بقدر أكبر من التركيز على النمو، وذلك بعد أن هجر المستثمرون القطاع بسبب سنوات من ضعف العوائد.
ووفقا لشركة وود ماكنزي، فإن تكلفة الحفر في أفضل مناطق حوض بيرميان ربما تقل عن 40 دولارا للبرميل، لكن حفر آبار جديدة في نورث داكوتا، ثالث أكبر ولاية أمريكية منتجة للنفط، يتطلب أسعار نفط تبلغ حوالي 57 دولارا للبرميل.
وقال مسؤولون تنفيذيون في القطاع إن العمليات في تلك الأحواض ستكون أكثر عرضة للخطر عند مستويات الأسعار الحالية.
وبحسب مسح بنك الاحتياطي الاتحادي في دالاس، بلغ متوسط سعر تغطية نفقات التشغيل للآبار القائمة، أو السعر الذي ستسعى الشركات إلى إيقاف الإنتاج عنده، حوالي 41 دولارا للبرميل، ارتفاعا من 39 دولارا في العام الماضي.
ومن المرجح أن ترتفع تكاليف الآبار بسبب الرسوم الجمركية على الفولاذ، بالإضافة إلى البضائع القادمة من الصين، وهي مورد للعديد من الأجزاء الرئيسية المستخدمة في منصات الحفر والمعدات.