أزمة الذخيرة.. العملاق الأمريكي يئن تحت "خفة الرقائق الإلكترونية"
بعد مرور أكثر من عام على حرب أوكرانيا، فشلت الولايات المتحدة في زيادة إنتاج الذخائر الرئيسية بسبب نقص الرقائق والآلات والعمال المهرة.
ووفقا لتقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، أدت سنوات من سياسات وقف تمويل إنتاج الذخيرة، إلى إغلاق بعض خطوط الإنتاج وتراجع جاهزية المصانع، قليلة العدد أصلاً، وانتقال إنتاج الكثير من المكونات والمواد الخام إلى خارج الولايات المتحدة، وهو ما يعتقد قادة وزارة الدفاع أنه قد يتطلب خمس إلى ست سنوات للعودة إلى المستويات السابقة.
ونتيجة لتلك السياسات، لم تنجح تلك المصانع الأمريكية سوى في زيادة متواضعة في قدراتها الإنتاجية، على الرغم من زيادة شركات الإنتاج الدفاعية نوبات العمل، وطلب معدات جديدة وسلاسل إمداد مبسطة، لتعزيز إنتاج صواريخ "جافلين" المضادة للدبابات، وصواريخ ستينغر المضادة للطائرات، وقذائف المدفعية والصواريخ الموجهة وغيرها، التي استخدمتها القوات الأوكرانية بشكل مكثف وبوتيرة أسرع من القدرة على تعويضها.
وقال جيم تايكليت، الرئيس التنفيذي لشركة لوكهيد مارتن: "نريد تفادي هشاشة النظام، ولذا فإن حدوث هذا مرة أخرى، نسعى لأن يستغرق الأمر ستة أشهر بدلاً من ثلاث سنوات للحصول على تحسن ملموس في القدرة الإنتاجية".
والتزمت الولايات المتحدة بمنح أوكرانيا أكثر من 36 مليار دولار من الأسلحة، بما في ذلك مئات الآلاف من طلقات الذخيرة لمدافع الهاوتزر والدبابات، وقاذفات الصواريخ المحمولة، وأنظمة الصواريخ الموجهة المتقدمة. وقد سمحت هذه الأسلحة التي قدمتها واشنطن والحلفاء الغربيون لأوكرانيا بالصمود في ساحات القتال، ومكنتها من استعادة مساحات واسعة من الأراضي التي سيطرت عليها روسيا في بداية الحرب.
ووفقا للصحيفة، أطلق الأوكرانيون قرابة 3 آلاف قذيفة يومياً، في الوقت الذي تراجعت فيه مخزونات الولايات المتحدة وحلفائها من الناتو، من القذائف وخاصة قذائف هاوتزر عيار 155 ملم، التي لعبت دوراً كبيراً في صد القوات الروسية.
وتخطط شركات الصناعات الدفاعية الكبرى لزيادة إنتاج قذائف هاوتزر بـ6 أضعاف بحلول عام 2028، غير أن هذه القذائف يجري تصنيعها بشكل أساسي في منشآت قديمة مملوكة للحكومة وتديرها شركات خاصة.
وبحسب التقرير، خصص الجيش الأميركي 18 مليار دولار لإنفاقها خلال السنوات المقبلة، لتجديد مصانع صُنْع القنابل ومنشآت الصناعات العسكرية، التي وصفتها وزيرة الجيش كريستين ورموت بأنها عتيقة، في جلسة استماع بالكونغرس في 19 أبريل/ نيسان.
وتهدف شركتا لوكهيد مارتن ورايثون إلى زيادة إنتاجهما السنوي من صواريخ جافلين من 2000 إلى 3500 بحلول 2026، ورفع إنتاج صواريخ هيمارس الموجهة، التي يُنسب إليها الفضل في تمكين القوات الأوكرانية من عرقلة تقدم روسيا، من 10 آلاف إلى 14 ألف صاروخ سنويا بحلول 2026.
وحصلت الشركة هذا الأسبوع على صفقة بقيمة 4.8 مليار دولار لإنتاج المزيد على مدى السنوات الثلاث المقبلة، وهو أكبر عقد للذخيرة إلى حد بعيد.
كما يمنح البنتاغون عقودًا لإنتاج مواد مثل الفولاذ، إلى جانب جهود لإعادة إنتاج المواد الخام المستخدمة في صنع المتفجرات والبطاريات.
بيد أن مسؤولي وزارة الدفاع الأمريكية أكدوا أن التمويل وحده لا يكفي لزيادة الإنتاج، حيث تعتبر تلك الصواريخ الدقيقة أكثر تعقيداً في التصنيع من قذائف المدفعية، وتتطلب محركات صاروخية تعمل بالوقود الصلب، ورقائق إلكترونية، تعاني نقصا في الإمداد.
ويعزو قادة البنتاغون، التراجع في الإنتاج، إلى قضايا القدرة وليس إلى نقص المواد، فصنع قذائف مدفعية عملية معقدة ومتعددة المراحل يتم تنفيذها في مواقع بعيدة باستخدام آلات قديمة. إضافة إلى ذلك، فأغلفة القذائف ليست مجرد كتل من الفولاذ، ولكنها أجسام مصممة بشكل عالي لضمان تمتع القذائف بنفس الحجم وإطلاقها بشكل موثوق. وكذلك احتواء البعض منها أيضًا على أجهزة استشعار وأنظمة إلكترونية لتحسين النطاق والدقة.
وقد أطلق البنتاغون، العام الماضي، خطة موسعة لمعالجة النقص في إنتاج الذخيرة والتغلب على نقاط الضعف في سلسلة التوريد، فأنشأت وزارة الدفاع مكتباً جديداً، تحت اسم "خلية تسريع الإنتاج المشترك"، للمساعدة في تحديد أساليب إنتاج أفضل، بما في ذلك استخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد لتسريع صناعة الأجزاء التي أصبحت قديمة.