"إنذار مرتد" في أزمة الكوريتين.. سول تلوح بـ"الردع النووي"
تلويح كوري جنوبي باللجوء للردع النووي ضد الجارة الشمالية، يشير إلى أن الأوضاع في شبه الجزيرة الكورية تمضي نحو توتر ينذر بكارثة.
وفي أول إعلان من نوعه، قال رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول إنه حال تنامت التهديدات النووية الكورية الشمالية، ستنظر سول في مسألة بناء أسلحة نووية خاصة بها أو ستطلب من واشنطن إعادة نشرها بشبه الجزيرة الكورية.
وفي حديثه خلال إحاطة مشتركة للسياسة لوزارتي الدفاع والخارجية، الأربعاء، سارع يون لتوضيح أن بناء أسلحة نووية ليس سياسة رسمية بعد، مشددا على أن كوريا الجنوبية ستتعامل بالوقت الراهن مع التهديد النووي لكوريا الشمالية بتعزيز تحالفها مع الولايات المتحدة.
وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن مثل هذه السياسة تتضمن إيجاد سبل لزيادة موثوقية التزام واشنطن تجاه حماية حليفها بجميع قدراتها الدفاعية، بما في ذلك الأسلحة النووية.
وتصريحات يون تعتبر الأولى منذ سحبت الولايات المتحدة جميع أسلحتها النووية من كوريا الجنوبية عام 1991، التي يذكر فيها رئيس كوري جنوبي رسميا تسليح البلد بأسلحة نووية. وأزالت واشنطن أسلحتها النووية من كوريا الجنوبية في إطار جهودها العالمية للحد من الأسلحة النووية.
تلويح بالنووي
وبحسب نص التصريحات الذي نشره مكتبه، قال يون: "من الممكن أن تتفاقم المشكلة وسيقدم بلدنا أسلحة نووية تكتيكية أو سيبنيها بنفسه. وإذا كان هذا هو الحال يمكننا الحصول على أسلحتنا النووية بسرعة، بالنظر إلى قدراتنا العلمية والتكنولوجية".
وأشارت "نيويورك تايمز" إلى أن كوريا الجنوبية من الدول الموقعة على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، والتي تحظر على البلد السعي للحصول على أسلحة نووية.
كما وقعت على إعلان مشترك مع كوريا الشمالية عام 1991، والذي وافق بموجبه كلا البلدين على عدم "تجربة، أو تصنيع، أو إنتاج، أو تلقي، أو حيازة، أو تخزين، أو نشر، أو استخدام أسلحة نووية".
لكن نقضت كوريا الشمالية الاتفاقية بإجراء ست تجارب نووية منذ عام 2006، وفشلت المفاوضات على مدار سنوات في إزالة رأس نووي واحد من كوريا الشمالية. (يقول المسؤولون الأمريكيون والكوريون الجنوبيون إن كوريا الشمالية يمكن أن تجري تجربة نووية أخرى، السابعة لها، بأية لحظة).
وفيما تعهدت بيونغ يانغ بتوسيع ترسانتها النووية وهددت باستخدامها ضد الجنوبية خلال الشهور الأخيرة، تعالت الأصوات في كوريا الجنوبية -بين المحللين وداخل حزب سلطة الشعب المحافظ الحاكم بزعامة يون- تدعو سول لإعادة النظر في الخيار النووي.
ومن المرجح أن تؤجج تعليقات يون هذا الأسبوع مثل هذه النقاشات. وأظهرت استطلاعات الرأي خلال السنوات الأخيرة أن أغلبية الكوريين الجنوبيين دعمت إعادة نشر الولايات المتحدة للأسلحة النووية في البلد أو بناء ترسانة خاصة بها.
لحظة حاسمة
وقال الرئيس السابق لمعهد كوريا للتوحيد الوطني تشيون سيونغ-وون إن تعليقات الرئيس يوم قد تتحول إلى لحظة حاسمة في تاريخ الأمن الوطني لكوريا الجنوبية.
وظهرت دعوات الأسلحة النووية في كوريا الجنوبية على مدار عقود، لكنها لم تكتسب زخما يتجاوز المحللين والسياسيين اليمينيين في كثير من الأحيان.
وفي عهد ديكتاتورها العسكري السابق بارك تشونغ هي، باشرت كوريا الجنوبية برنامجا سريا للأسلحة النووية في السبعينيات، عندما بدأت الولايات المتحدة تقليص وجودها العسكري في البلد، مما جعل الناس يشعرون بأنهم عرضة لهجمات كوريا الشمالية. وأجبرته واشنطن على التخلي عن البرنامج، على وعد إبقاء الحليف تحت مظلتها النووية.
ولا تزال واشنطن تحتفظ بـ28500 جندي أمريكي في كوريا الجنوبية كرمز للتحالف. لكن على الأشهر الأخيرة واصلت كوريا الشمالية تجاربها الصاروخية، وبعضها مصمم لإيصال رؤوس حربية نووية إلى الجنوب.
وتساءل العديد من الكوريين الجنوبيين عما إذا كانت واشنطن ستوقف كوريا الشمالية عن مهاجمة بلدهم، لا سيما في ظل خطر ترك المدن الأمريكية والقواعد العسكرية بمنطقة آسيا والمحيط الهادئ أكثر عرضة لهجوم نووي. لكن لم تبدد وعود واشنطن المتكررة لحماية حليفها -بأسلحتها النووية، إذا تطلب الأمر- مثل هذه المخاوف.
وفي مراجعة الموقف النووي لعام 2022، وهي وثيقة توضح سياسة واشنطن النووية على مدار الخمسة إلى عشرة أعوام التالية، لفت البنتاغون نفسه إلى "معضلات الردع" التي تشكلها كوريا الشمالية على الولايات المتحدة. وقالت المراجعة: "يمكن لأزمة أو صراع بشبه الجزيرة الكورية أن يتضمن عددا من الأطراف المسلحة نوويا، مما يهدد بنشوب صراع أوسع نطاقا".
أمان أمريكا
وقال المحلل الكبير بمعهد سيجونغ في كوريا الجنوبية شيونغ سيونغ-تشانغ: "حال امتلاك كوريا الجنوبية لأسلحة نوية، لن تحتاج الولايات المتحدة إلى أن تسأل عما إذا كان يجب عليها استخدام أسلحتها النووية للدفاع عن حليفها، ولن يتم اختبار التحالف أبدا".
أضاف أنه "إذا حصلت كوريا الجنوبية على أسلحة نووية خاصة بها، فستصبح الولايات المتحدة في الواقع أكثر أمانا".
وقال تشيونغ إنه مع إعلان كوريا الجنوبية اعتزامها تسليخ نفسها بأسلحة نووية، قد تجبر جارتها الشمالية على إعادة النظر في برنامجها للأسلحة النووية وربما تدفع الصين للضغط على بيونغ يانغ للتراجع عن برنامجها، لافتا إلى أن الصين لطالما خشيت من وقوع سباق أسلحة نووية إقليمي في شرق آسيا.
وستحتاج كوريا الجنوبية الخروج من معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية من أجل بناء ترسانتها الخاصة، لكن محللين يحذرون من أن الخروج سيكون محفوفا بالمخاطر لأنه قد ينذر بعقوبات دولية.
aXA6IDE4LjExOS4xNDIuMjEwIA== جزيرة ام اند امز