بايدن تحت «سيف نتنياهو».. ترامب الفائز الأكبر
بمرور الوقت، تصبح الحرب في غزة واحدة من أكبر الضربات التي تعرضت لها رئاسة جو بايدن، وربما تؤثر على حظوظ الأخير في البقاء بالبيت الأبيض.
بمجرد أن نفذت حركة حماس هجومها على جنوب إسرائيل يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي. كان ينظر إلى هذا الهجوم، مثل أغلب الأحداث غير المرغوبة في العالم، باعتباره علامة سوداء كبيرة لساكن البيت الأبيض في هذا الوقت، بغض النظر عما إذا كان قادرا على عمل أي شيء لمنعه.
علاوة على ذلك، فإن هذا الهجوم ضرب استراتيجية السياسة الخارجية لإدارة بايدن التي كانت تفترض أنه يمكن تجاهل ملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، للتركيز على مناطق وملفات أخرى في العالم.
لكن المحلل الاستراتيجي الأمريكي بول بيلار الذي أمضى 28 عاما في العمل في أجهزة الاستخبارات الأمريكية، قال في تحليل نشرته مجلة "ناشونال انتريست" الأمريكية إن أغلب تداعيات حرب غزة السلبية بالنسبة للرئيس بايدن، كانت من صنع يده، بسبب دعمه الفوري وغير المشروط لحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وأضاف أن "بايدن لم يتمكن من التراجع عن هذا الدعم عندما بدأت إسرائيل تمارس القتل والتدمير ضد سكان قطاع غزة المدنيين بصورة لا يمكن وصفها. والآن أصبح بايدن شريكا في صنع أكبر كارثة بشرية يشهدها العالم منذ أكثر من نصف قرن".
المحلل الأمريكي اعتبر أنه كما فشلت كل تحركات الرئيس الأمريكي لكبح جماح حكومة نتنياهو، فإنه أيضا فقد تأييد أغلبية قاعدته في الحزب الديمقراطي، التي يحتاج إلى دعمها النشط لكي يفوز بولاية رئاسية ثانية في الانتخابات المقبلة.
وقال بيلار إنه "من بين أكثر تداعيات هذه الأحداث، الضربة التي تعرضت لها المصالح الأمريكية، وهو ما اتضح بشكل مؤلم مع تزايد الغضب والاستياء ضد الولايات المتحدة، إذ أصبحت واشنطن معزولة دبلوماسيا بصورة متزايدة على صعيد الدبلوماسية الدولية".
في الوقت نفسه، فإن نتنياهو نفسه يواجه الكثير من المشكلات السياسية الداخلية. فهجوم حركة حماس بدد الصورة التي حاول رسمها على مدى سنوات باعتباره "رجل أمن إسرائيل".
وانعكس هذا التدمير للصورة في استطلاعات الرأي التي أجريت عقب هجوم حماس والتي أظهرت تدهورا حادا في شعبية رئيس الوزراء الإسرائيلي وحزبه الليكود، وفق التحليل ذاته.
ولكي يوقف هذا التدهور وينقذ موقفه السياسي، يصر نتنياهو على مواصلة حربه الكارثية ضد قطاع غزة، وتجاهل المناشدات الأمريكية سواء لكبح عملياتها العسكرية، أو الحاجة إلى حل سياسي يتيح للفلسطينيين تقرير مصيرهم.
وبالنسبة لتأثيرات سياسات نتنياهو على السياسات الأمريكية المحلية وإضعافها للموقف السياسي لبايدن، فإنها تعتبر مكافأة إضافية لنتنياهو، إذ سيكون الأخير سعيدا إذا رأي دونالد ترامب يهزم بايدن في الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني 2024.
وقال بيلار إنه "رغم انحناء بايدن أمام نتنياهو لإظهار الدعم لإسرائيلي، فإن هذا الانحاء لا يقارن بالهدايا التي قدمها الرئيس السابق دونالد ترامب لإسرائيل، بما في ذلك نقل السفارة الأمريكية لدى إسرائيل إلى القدس، والاعتراف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان، وتقديم خطة سلام تجعل الفلسطينيين خاضعين دائما لإسرائيل بدلا من منحهم دولتهم المستقلة".
ورغم أن الرئيس الديمقراطي بايدن يجسد مدى التزام الحزبين الديمقراطي والجمهوري بالدفاع عن إسرائيل، فإن الحزب الجمهوري أصبح كما وصفه مفاوض السلام الأمريكي السابق آرون ديفيد ميللر بأنه حزب "إسرائيل سواء كانت على صواب أو خطأ"، على حد قوله.
بيلار قال إنه "يبدو بايدن عرضة للعقاب السياسي. فنتنياهو له سجل طويل في إحراج وتدمير بايدن.. وبعد ساعات من زيارة جو بايدن نائب الرئيس الأمريكي لإسرائيل في عام 2010، وإعلانه الدعم الأمريكي غير المشروط لأمن إسرائيل، أعلنت الحكومة الإسرائيلية بقيادة نتنياهو في ذلك الوقت عن بناء المزيد من المستوطنات في القدس الشرقية".
وأضاف أنه "بعد أن أصبح بايدن رئيسا للولايات المتحدة في 2021، زعم نتنياهو كذبا، واستنادا إلى فيديو مضلل أن بايدن نام أثناء اجتماع مع رئيس وزراء إسرائيل في ذلك الوقت نافتالي بينت".
وتابع بيلار قائلا "في ظل الفظائع التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة، فإن الموقف الافتراضي الحالي لا يخدم بايدن. وإذا خسر الأخير الانتخابات المقبلة، سيكون لذلك أسباب عديدة، لكن أحد هذه الأسباب كان تبنيه لنتنياهو الذي لا يحب المصالح الأمريكية، ولا التصورات السياسية لبايدن".