النفط و"نووي" إيران.. هل تضبط أوتار واشنطن ميزان التوتر مع السعودية؟
على أوتار النفط والاتفاق النووي الإيراني تحاول واشنطن العزف; عبر تصريحات متضاربة فاقمت النشاز الحاصل.
فبعد انتقادات أمريكية حادة بشأن قرار تحالف "أوبك+" الأخير بشأن خفض إنتاج النفط وموقف الرياض من موسكو، انقلبت لهجة واشنطن رأسا على عقب، فبدت ناعمة وهادئة ومنضبطة لمبادئ الدبلوماسية والبروتوكولات الدولية.
وفي موقفها الأول، بدت واشنطن خاضعة لحسابات سياسية ربطت قرارات التحالف لمكون من الدول الـ13 الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" وحلفائها العشرة، بانتخاباتها النصفية في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.
وتبعا لذلك، وقعت واشنطن في جب تسييس قرار اقتصادي بحت اتخذه التحالف، الأسبوع الماضي، وقضى بخفض حصص الإنتاج بمقدار مليوني برميل يوميا اعتبارا من الشهر نفسه، وهذا ما أثار حفيظة الديمقراطيين ممن كانوا يأملون استثمار الجانب الاقتصادي في تحفيز الناخب الأمريكي.
وبصدور القرار، تواترت تصريحات المسؤولين الأمريكيين تزعم خيبة أمل عميقة وتتوعد بأن "تكون له عواقب، وهذا شيء نراجعه بينما نتحدث"، وفق وزير الخارجية أنتوني بلينكن.
ولم يكن ما يهم المسؤولين الأمريكيين حقا هو ارتفاع أسعار البنزين في بلد يوجه معدلات تضخم استثنائية وشبح ركود اقتصادي، إنما كان كل ما يهمهم هو تأجيل قرار "أوبك+" لمدة شهر حتى لا يرتفع سعر البنزين، وبالتالي التأثير على الناخبين الأمريكيين، وهذا ما تعرف به واشنطن نفسها.
من جانبها، أعربت الخارجية السعودية، في بيان، عن "رفضها التام" لاتهامات واشنطن لها بتقديم دعم لروسيا، مشددة على أن قرارات "أوبك+" تعتمد في أساسها على "منظور اقتصادي بحت".
وقالت الوزارة إن "حكومة المملكة العربية السعودية اطلعت على التصريحات التي تضمنت وصف القرار بأنه بمثابة انحياز للمملكة في صراعات دولية وأنه قرار بُني على دوافع سياسية ضد الولايات المتحدة الأمريكية".
تخفيف التوتر!
تدرك الإدارة الأمريكية الحالية أن تصعيد التوتر مع المملكة العربية السعودية يعتبر معركة خاسرة خصوصا في ظل المشهد الإقليمي والدولي الداهن، وفي ظل الدور المحوري الذي تلعبه لدعم السلام والأمن العالميين.
ومن هذا المنطلق، يبدو أن واشنطن لن تجازف بتصعيد أكبر للخلافات مع السعودية، خصوصا أنه لم تمر سوى 3 أشهر على زيارة أجراها الرئيس جو بايدن إلى الرياض، وساعدت في تخفيف التوتر بين الجانبين.
وحتى لا يُحسب على واشنطن تضارب في المواقف أو ما شابه، دخل مبعوث إدارة دونالد ترامب السابقة للشرق الأوسط، جيسون غرينبلات، على خط الخلافات، في محاولة للتهدئة.
وفي تصريحات أدلى بها لـ"سكاي نيوز عربية"، اعتبر غرينبلات أنه لا يحق للولايات المتحدة أن تملي قرارات على أحد، مشددا على أن قرار خفض إنتاج النفط مرتبط بالسوق، ولا دوافع سياسية وراءه.
وبالنسبة له، فإن "الإدارة الأمريكية أرادت تسييس الموضوع قبل الانتخابات النصفية. علينا احترام قرار السعودية بدعم خفض الإنتاج، فتحالف واشنطن مع الرياض ضروري لمصالحنا وحلفائنا بالشرق الأوسط".
وتابع أنه "لا حق لدينا لنملي على دول أوبك بلس الأسعار التي تبيع بها نفطها، إذ إن لهذه البلدان مصالح وطنية خاصة بها. ينبغي لنا ألا نطلب من الدول الأخرى تقديم مصالحنا على مصالحها".
ولفت إلى أن "تصريحات الخارجية الأمريكية المرتبطة بقرارات أوبك بلس مخيبة للآمال وغير مدروسة، كما أنها لن تخدم مصلحة أحد. إن تلك التصريحات تأتي من منظور أمريكي داخلي ضيق".
نووي إيران
علاوة على قرار خفض إنتاج النفط، تبدو واشنطن مترددة بشأن إحياء الاتفاق النووي مع إيران، الصفقة التي انسحبت منها بشكل أحادي، العام 2018، أي في عهد الرئيس دونالد ترامب.
وفي وقت لا تبدو فيه إيران حريصة على تنفيذ التزاماتها، وتتخذ فيه من المفاوضات بشأن الاتفاق ورقة لإخراج حرسها الثوري من قائمة الإرهاب، أعلن الناطق باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي أن العودة إلى الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني ليست مرجحة في المستقبل القريب.
وفي تصريحات أدلى بها الخميس، قال كيربي، إن بايدن "لا يزال يعتقد أن النهج الدبلوماسي هو الأفضل لمنع إيران من حيازة سلاح نووي".
وأضاف مستدركا "لكننا لسنا قريبين من ضمان تنفيذ خطة العمل الشاملة المشتركة، فقد عاد الإيرانيون (إلى المفاوضات) مع مطالب غير منطقية ويرى كثيرون أنها لا تمت بصلة إلى الاتفاق نفسه".
توجه دعمته تصريحات غرينبلات لدى تطرقه للملف بالقول إن "الاتفاق النووي إن تم التوصل إليه مع إيران سيكون ضعيفا وقصيرا وستحصل بعده على أموال".
وحذر من أنه "على الدول الحليفة الأوروبية أن تعي مخاطر اتفاق نووي ضعيف مع إيران"، مستبعدا التوصل لاتفاق قبل الانتخابات النصفية.