خطوة ناجحة على رمال متحركة.. لعبة بايدن الخطرة بالشرق الأوسط
لعبة يراها مراقبون خطرة، خاضها الرئيس الأمريكي جو بايدن، في أثناء الدفاع عن إسرائيل ضد الهجوم الإيراني، قد تؤثر على مستقبل حكمه.
ووفق صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، فقد نجح الرئيس جو بايدن في تشكيل تحالف للدفاع عن إسرائيل ضد الهجوم الإيراني، لكن دائرة الانتقام يمكن أن تستمر، ما يمثل تحديًا لجهود البيت الأبيض لتجنب صراع مستدام.
إذ يخشى المسؤولون الأمريكيون من أنه لو تمكن صاروخ واحد أو طائرة دون طيار من اختراق الدفاعات وقتل الكثير من الإسرائيليين، فإن المنطقة قد تشتعل فيها النيران.
لذلك، عندما تمكنت القوات الإسرائيلية والأمريكية، بمساعدة الحلفاء، من تحقيق دفاع شبه مثالي ضد القصف الجوي الذي شنته إيران نهاية الأسبوع الماضي، فإن ذلك لم يكن يمثل إنجازًا عسكريًا ودبلوماسيًا استثنائيًا فحسب، بل كان أيضًا انتصارًا كبيرًا لجهود بايدن لتجنب التصعيد في الشرق الأوسط، على حد قول الصحيفة الأمريكية.
ومع ذلك، قد لا يعمل الأمر بهذه الطريقة. وبدلاً من تحقيق الهدوء، تحدث المسؤولون الإسرائيليون عن نية للرد، دون أن يذكروا متى أو كيف بالضبط، فيما يعمل مستشارو بايدن على معرفة ما قد ينطوي عليه ذلك.
وفي محاولة لاستشراف الرد الإسرائيلي، قالت الصحيفة، إن "الهجوم السيبراني أو العمل العسكري المحدود قد يرضي رغبة إسرائيل في إعادة بناء الردع دون استفزاز إيران ودفعها إلى الرد مرة أخرى".
وتابعت "ومن ناحية أخرى، فإن شن هجوم أكثر شمولاً على الأراضي الإيرانية قد يدفع طهران إلى شن هجوم مضاد، وفجأة يمكن أن ينفجر الصراع ويتحول إلى حرب مستمرة وخطيرة بشكل متزايد".
وقالت لورا بلومنفيلد، محللة شؤون الشرق الأوسط في كلية جونز هوبكنز للدراسات الدولية المتقدمة والمستشارة السابقة بوزارة الخارجية الأمريكية، “رأينا بايدن في أفضل حالاته في نهاية هذا الأسبوع”.
ومضت قائلة "إن العرض الجوي الذي قادته الولايات المتحدة مع الشركاء كان بمثابة مقطع دعائي لـ(فيلم أكشن) لتحالف جديد للدفاع الجوي في الشرق الأوسط".
لكنها أضافت "الحقيقة أن الجيش الإسرائيلي سوف يرد حتماً.. كلمة لا تفعل، لن تنجح"، موضحة أن "رد إسرائيل ليس سؤالاً حول ما إذا كان سيحدث ذلك، بل متى وكيف؟.. لا يمكنك الالتفاف حول الرياضيات في الشرق الأوسط: قبر واحد مقابل قبر واحد".
بينما قال بعض المحللين الصقور إن "بايدن كان يفكر في الأمر برمته بشكل خاطئ. وزعموا أن جهوده لتجنب التصعيد قد تؤدي إلى تصعيد بدلا من ذلك، لأن إيران وأعداء آخرين اكتسبوا المزيد من الجرأة بسبب الخلافات العلنية المتزايدة بين واشنطن وتل أبيب حول سلوك إسرائيل في الحرب ضد حماس في غزة"، وفق ما نقلته "نيويورك تايمز".
وقال راي تقية، وهو زميل بارز في مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي: "ربما كان هذا التصور للخلاف بين العاصمتين عاملاً في اتخاذ إيران خطوة غير مسبوقة بمهاجمة إسرائيل مباشرة".
وأضاف أن إسقاط الصواريخ الإيرانية ليس كافيا، معتبرا أن “وقف الهجمات بعد إطلاقها ليس بمثابة ردع”.
ووفق الصحيفة، كان الدفاع الناجح عن إسرائيل نتيجة 10 أيام من الدبلوماسية المكثفة والتنسيق العسكري من قبل إدارة بايدن، وكذلك سنوات من العلاقات الأمنية التي بنتها إدارات متعددة في جميع أنحاء المنطقة.
وبعد أن أصبح من الواضح أن إيران كانت تخطط لضرب إسرائيل للمرة الأولى بعد عقود، سارع المسؤولون الأمريكيون إلى تفعيل خطط الدفاع الجوي الإقليمية، لأول مرة، والتي كانت قيد الإعداد منذ سنوات.
بدوره، قال شبلي تلحمي، وهو باحث في شؤون الشرق الأوسط في جامعة ميريلاند الأمريكية، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لديه مصلحة في إطالة أمد النزاع مع طهران، "كصرف انتباه عن أهوال غزة وكوسيلة لتغيير الموضوع للحفاظ على بقائه في السلطة، ومن المرجح أن يحظى بالتعاطف في الولايات المتحدة والغرب".
وتابع تلحمي أن النجاح الذي تحقق خلال عطلة نهاية الأسبوع لم يفعل الكثير لتصحيح "الضرر الناجم عن فشل بايدن الاستراتيجي" في وقف الأزمة في غزة. وأضاف: "لا ينبغي أن يصرف انتباهنا عن هذا الفشل الاستراتيجي الأكبر، الذي كانت تكاليفه باهظة ولا تزال تتكشف".
ومع ذلك، قال ناتان ساكس، مدير مركز سياسة الشرق الأوسط في معهد بروكينغز في واشنطن، "ليس بالأمر الهين تجنب حرب إقليمية أكبر، على الأقل في الوقت الحالي".
وأوضح "بايدن يستحق تقديراً كبيراً"، لكن هذا التقدير قد يتلاشى بسرعة، متابعا "ما زلنا على حافة الهاوية، لأن الظروف غير عادية، والأزمة يمكن أن تتصاعد في أي يوم".
ويخشى مراقبون من تأثير اندلاع حرب واسعة في الشرق الأوسط على حظوظ بايدن في إعادة انتخابه في الاقتراع الرئاسي المقرر في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، إذ سيعد مثل هذا الصراع فشلا استراتيجيا للإدارة.
aXA6IDMuMTI4LjIyNi4xMjgg جزيرة ام اند امز