كواليس الضربة الأمريكية في سوريا.. هكذا قرر ترامب
مسؤولون كبار بالإدارة الأمريكية، يكشفون عن مباحثات اللحظات الأخيرة قبل اتخاذ قرر الضربة الأمريكية لمطار الشعيرات في سوريا
لم تكد تمضي ساعات قليلة بعد الهجوم بالغازات السامة على قرية "خان شيخون" في إدلب السورية، الثلاثاء، حتى سارع مستشارو الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى إطلاعه على الأدلة التي بحوزتهم وتثبت أن الرئيس السوري بشار الأسد هو المسؤول عن المجزرة التي حصدت أرواح العشرات.
وكشف مسؤولون كبار في الإدارة الأمريكية، عن كواليس المباحثات الأخيرة التي جرت في البيت الأبيض قبل اتخاذ قرار بتوجيه ضربة صاروخية لمطار الشعيرات.
وقال المسؤولون الذين شاركوا في مباحثات اللحظة الأخيرة، إن ترامب أمر على الفور بإعداد قائمة تضم الوسائل الممكنة لمعاقبة الرئيس السوري بشار الأسد، رغم أن الرئيس الأمريكي ظل لفترة طويلة، منذ العام 2013، مقتنعا بأن الأولوية العليا للولايات المتحدة في سوريا ينبغي أن تكون محاربة تنظيم داعش الإرهابي.
وفي أولى أزماته العالمية الكبرى منذ دخل إلى البيت الأبيض في 20 يناير الماضي، اعتمد الرئيس الأمريكي على خبراء عسكريين بدلا من مستشاريه السياسيين الذين كانوا يسيطرون على إدارة السياسة الخارجية الأمريكية في الأسابيع الأولى لتوليه الرئاسة.
وأكد مسؤولو الإدارة الأمريكية، أن ترامب أبدى استعدادا للعمل بسرعة في الملف السوري، رغم أنه في الماضي كان يعارض التورط العسكري الأمريكي في هذا الصراع الذي يعد واحدا من أكبر النزاعات في العالم.
في سبتمبر 2013، كتب ملياردير العقارات آنذاك دونالد ترامب، تغريدة على حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، يطالب فيها الرئيس الأمريكي آنذاك باراك أوباما بعدم مهاجمة سوريا بعد هجوم كيماوي قاتل ضد المدنيين. وكتب حينذاك: "مرة ثانية أقول لرئيسنا الأحمق جدا، لا تهاجم سوريا، فإن فعلت ذلك ستقع أمور سيئة كثيرة، ولن تحصل الولايات المتحدة على أي شيء من هذا الصراع".
في يوم الخميس، أمر ترامب بتنفيذ رد أمريكي على الهجوم الكيماوي الذي وقع في إدلب. وكان الرد من خلال إطلاق صواريخ بحرية من طراز "توماهوك" على قاعدة الشعيرات للسلاح الجوي السوري في حمص.
وقالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) إن هذه القاعدة تستخدم لتخزين الأسلحة الكيماوية التي تم استخدامها في ضرب بلدة خان شيخون. وقال وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون: "أعتقد أن ذلك يبين أن الرئيس ترامب مستعد للعمل عندما يتجاوز الحدود لاعبون وأنظمة، ومن الواضح أن الرئيس ترامب بعث بهذه الرسالة إلى العالم".
وقال مسؤولون كبار بالإدارة، إنهم التقوا ترامب في مساء الثلاثاء، وعرضوا عليه عددا من الخيارات الممكنة، والتي كانت تشمل فرض عقوبات، وممارسة ضغوط دبلوماسية، وخطة عسكرية لضرب سوريا، سبق إعدادها قبل وقت طويل من تولي ترامب الرئاسة. وأضاف مسؤول أمريكي "طرح ترامب الكثير من الأسئلة، وقال إنه يريد التفكير في ذلك، لكن كانت لديه نقاط أراد أن يثيرها، وأراد تنقيح الخيارات".
وفي صباح الأربعاء، قال مستشارو ترامب العسكريون إنهم يعرفون القاعدة التي استخدمتها القوات الجوية السورية في شن هجومها بالغازات السامة على بلدة خان شيخون في إدلب، وأضافوا أنهم تتبعوا طائرات قتالية من طراز "سوخوي 22" هي التي نفذت الهجوم الكيماوي. وهنا طلب منهم ترامب التركيز على الخطط العسكرية.
ويقول مسؤول أمريكي آخر: "كان كل المطلوب أن نزيل الغبار عن خطط قديمة، وأن نطوعها لتصبح ملائمة للهدف والتوقيت المحددين".
بعد ظهيرة الأربعاء، ظهر ترامب في حديقة البيت الأبيض المزهرة، وقال إن الهجوم الذي "لا يمكن وصفه" ضد "أطفال أبرياء" غير موقفه من الأسد.
وعندما سئل وقتها إن كان يضع سياسة جديدة بشأن سوريا أجاب ترامب: "سوف ترون".
وبحلول مساء الخميس، اجتمعت هيئة الأركان المشتركة في وزارة الدفاع (البنتاجون) لوضع اللمسات النهائية على خطة الضربات العسكرية، في حين توجه ترامب إلى منتجعه، مار الاجو في فلوريدا، للاجتماع مع الرئيس الصيني شي جين بينغ.
وخلال اجتماع آخر هناك وقع ترامب على الأمر بشن الهجمات الصاروخية قبل أن يتوجه لتناول العشاء مع الرئيس الصيني.
وأطلقت السفينتان الحربيتان "بورتر" و"روس" 59 صاروخا من شرق البحر المتوسط على القاعدة الجوية في نحو الساعة 0040 بتوقيت جرينتش، الجمعة، بينما كان الرئيسان ينتهيان من تناول العشاء.
وقال مسؤولون إنه على مدى 3 أيام من الاجتماعات كان أهم المستشارين العسكريين لترامب هم مستشار الأمن القومي إتش.أر. مكماستر ووزير الدفاع جيم ماتيس ورئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال جوزيف دانفورد.
وذكر مسؤول أن وزير الخارجية الأمريكي تيلرسون أبلغ حلفاء، الخميس، بأن ضربة ضد سوريا توشك أن تحدث دون أن يخوض في تفاصيل.
لكن التحرك أثار غضب روسيا، وهي حليف رئيسي للأسد، وبدا أنه يقلص فرص توثيق التعاون مع موسكو التي قال ترامب إنها ممكنة لا سيما في محاربة تنظيم داعش الإرهابي.
وهون تيلرسون من شأن تلميحات إلى أن ترامب يتخلى عن نهجه "أمريكا أولا" لصالح السياسة الخارجية. وقال أحد المسؤولين المشاركين في التخطيط إن الهجوم الصاروخي كان ضربة واحدة وليس بداية لحملة متصاعدة.
aXA6IDMuMTQxLjM4LjUg جزيرة ام اند امز