الحجارة تطال نجيب محفوظ مجددا.. ومثقفون يدافعون عن "صاحب نوبل"
نائب مصري يهاجم مؤلف الثلاثية.. وكاتب يحذر: رِدَّة مجتمعية
الأزمة بدأت عندما وصف النائب أبو المعاطي مصطفى أعمال شيخ الروائيين المصريين نجيب محفوظ، بالخادشة للحياء وأنه كان يستحق العقاب عليها
أزمة جديدة أشعلها نائب بالبرلمان المصري حول الأديب العالمي الراحل نجيب محفوظ (1911 - 2006) الحائز على جائزة نوبل في الآداب عام 1988 والكاتب المصري العربي الأشهر في العالم.
الأزمة بدأت عندما وصف النائب أبو المعاطي مصطفى، أعمال شيخ الروائيين المصريين نجيب محفوظ، بالخادشة للحياء، وأنه كان يستحق العقاب عليها، وذلك خلال اجتماع لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، الاثنين، والذي شهد مشادات كلامية أثناء مناقشة اللجنة لمشروعي قانون بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات الصادر رقم 58 لسنة 37، والخاص بقضايا النشر الخاصة بخدش الحياء العام.
أثناء المناقشة التي اتخذت طابعا حديّا انفعاليا سأله النائب أحمد سعيد: "هل يعني روايات قصر الشوق والسكرية لنجيب محفوظ خدش حياء؟ فرد عليه أبو المعاطي مصطفى قائلا: نعم السكرية وقصر الشوق فيهم خدش حياء، ونجيب محفوط يستحق العقاب لكن أحدا وقتها لم يحرك الدعوى الجنائية".
لم يكد المقطع المصور للجلسة يذاع على الإنترنت حتى انتشر كالنار على مواقع التواصل الاجتماعي، لتنفجر عاصفة غير مسبوقة من الغضب والاحتجاجات على آراء النائب التي عدّها البعض "غير مسؤولة" و"تفتقر إلى اللياقة وفيها الكثير من التجنِّي وعدم المعرفة والبصر بإبداع الكاتب العربي الأهم والأكبر في العصر الحديث".
أصداء التصريحات
الدكتور حسين حمودة، أستاذ الأدب والنقد بجامعة القاهرة والجامعة الأمريكية، والناقد المعروف، علق على تصريحات النائب بالبرلمان قائلا: "هل أصبح نجيب محفوظ، وأعماله، هما "الحائط المائل" الذي يتم رجمه، بين حين وحين، بكل الجهالات؟ إن مثل هذه القراءات لأعمال نجيب محفوظ الأدبية، ولأعمال غيره من الكتاب، لا تقرأ عملا أدبيا كما يجب أن يُقرأ العمل الأدبى، وأنها تنتزع هذه الشخصية أو تلك، أو هذه العبارات أو تلك، من سياقها الكامل، ولا ترى فى العمل الأدبى شيئا آخر غيرها، على طريقة "لا تقربوا الصلاة".
وأضاف حمودة في تصريحات صحفية أن "نجيب محفوظ فى هذه الأعمال لم يخترع شخصيات تعاني سقوطا لأسباب متعددة، ولم يبتكر من عنده عبارات غير مهذبة، أو عبارات خادشة للحياء، وإنما كان يعبر عن مجتمع تعيش فيه هذه الشخصيات بالفعل، وتتلفظ بعض شخصياته بمثل هذه العبارات، هو كان أمينا فى تعبيره عن المجتمع الذي عاش فيه، والأهم من ذلك أنه طرح هذه السلبيات من منظور يسعى إلى تجاوزها وتخطيها، لكن يبدو أن هذا المعنى لا يصل إلى أي قراءة سطحية لأعمال نجيب محفوظ".
وشدد حمودة على أن "محفوظ" وغيره من الآدباء لا يكتبون عن ملائكة، وإنما يكتبون عن بشر يعيشون على هذه الأرض، بكل ما فوق هذه الأرض من ملامح ليست فردوسا على أي حال، موضحا أن قانون خدش الحياء يجب أن يعاد النظر فيه خصوصا عندما يتم تطبيقه على أعمال أدبية، إذ يجب قراءة هذه الأعمال بقوانينها الخاصة بها، فلا يصح محاكمة مبدع روائي بسبب عبارة تأتي على لسان شخصية من شخصياته، كما يجب أن نقرأ كل تفصيلة من تفاصيل العمل الروائي باعتبارها جزءا من سياق أكبر، وهو سياق العمل الإبداعي بأكلمه.
أما الناقدة والدكتورة نجاة علي التي نالت الدكتوراه عن أطروحتها "الراوي في أدب نجيب محفوظ"، فقالت: "أستاذي وصديقي العزيز الدكتور حسين حمودة لديه حسن ظن بنواب البرلمان ويقول إنهم يقرأون نجيب محفوظ بطريقة سطحية.. وأنا أقول لك صدقني يا دكتور حسين هم لم يقرأوا نجيب محفوظ، ومعرفتهم بأسماء بعض رواياته جاءت من مشاهدة بعض الأفلام المأخوذة عن رواياته.. وجرّب حضرتك أن تتناقش مع النائب أبو المعاطي في كتابات محفوظ ستجد ما أقوله لك صحيحا!!".
تصريحات النائب أبو المعاطي، استفزت عددا كبيرا من الكتّاب الذين أفردوا مساحاتهم المخصصة للكتابة للرد على ما قال، فكتبت الصحفية ماجدة الجندي تحت عنوان "عن "لامؤاخذة" الأدب والفن" في مقالها بالأهرام "اللقطة كاشفة بأكثر مما توقع صاحبها، وربما بأوسع من دوائر من تلقوها؛ لقطة تشي ولن أستطرد في مدى التردّي الذي تشي به فقط أسأل الله، لا أن يرد عنا القضاء، ولكن أن يلطف بنا، وبمصر التي منحت الدنيا نور الحرف وحسّ الفن والتي تنفست عبر تاريخها الحضاري النبيل: فنا وثقافة وإبداعا، قبل أن نعيش زمن خدش حياء السيد أبو المعاطي النائب المتصدر لقطة، أوشكت على محاكمة نجيب محفوظ بأثر رجعي لأن ما كتبه محفوظ يندرج تحت الكلام الذي "لا مؤاخذة" يخدش الحياء يعني لا مؤاخذة حاجة قليلة الأدب مش أدب".
أما حمدي رزق في مقاله في "المصري اليوم"، فقد شن هجوما عنيفا على النائب وتصريحاته، مطالبا رئيس البرلمان المصري، علي عبد العال بتقديم اعتذار عن تصريحات النائب. كتب رزق "الذى قيل فى البرلمان وتداولته الفضائيات، لا يستأهل الحذف من المضبطة، بل الحذف من التاريخ، يستأهل اعتذارًا من رئيس البرلمان، ما فاه به نائب خدش الحياء ردة مجتمعية خرافية، يعيدنا إلى عصور الظلام الدامس، الدنيا بقت ضلمة كده ليه!!.
نائب بهرته أضواء المدينة، يحسب كل شيء أحمر خد الجميل، نائب آخر الزمان يعلمنا الفضيلة، ويخوض فى سيرة أديب نوبل، نجيب محفوظ، ويطالب بسجنه فى قبره، يقيناً العم نجيب يتألم فى قبره من سوء صنيعنا وهواننا على الناس، هل كان العم الطيب يكتب لهؤلاء، لو كان العم نجيب حياً لضحك ضحكته المجلجلة، وللملم أوراقه وأراح واستراح.
نائب لم يقرأ فى حياته رواية لعم نجيب، اكتفى بمشاهدة الثلاثية الفيلمية وزبيدة وجليلة وياسين ورتب عليها تهمته للأستاذ، عجباً لم يجد نائب خدش الحياء مثالًا يسجنه إلا نجيب محفوظ، ويتجرأ بالقول، أهو ملاك، أليس بشراً يخطئ ويصيب، ما كان نجيب محفوظ ملاكاً ولا شيطاناً، كان مبدعاً، تعرف إيه عن الإبداع، الإبداع من البدع، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة فى النار، هذه مازورة القياس!!
رحم الله العم نجيب، حاولوا اغتياله حياً، والآن يغتالونه فى قبره، نفسي أعرف بينهم وبين الأستاذ نجيب إيه، الأستاذ رحل عن الدنيا وثأرهم منه باق، حبس العم نجيب رسالة بعلم الوصول لمن تسوّل له نفسه إبداعاً، رسالة للأحياء من المبدعين، رسالة بعلم الوصول، إياكم والإبداع، والتهمة جاهزة "خدش الحياء".
وما زالت أصداء ما قاله النائب أبو المعاطي تتوالى!