ضحية جديدة.. رصاصة طائشة تخطف حياة الطفلة "عايدة" بغزة
"48 ساعة" هي المدة الفاصلة، بين إصابة عايدة ابنة الأعوام الثلاثة، ووفاتها متأثرة بحالتها الخطيرة بعد إصابتها برصاصة في رأسها
كالملاك بثوبها الأبيض كانت الطفلة الفلسطينية عايدة البلبيسي، عندما أصابتها رصاصة طائشة في رأسها قرب منزلها وسط مدينة غزة، وبقي الحزن والغضب ساكنا لدى ذويها.
48 ساعة من الألم
"48 ساعة" هي المدة الفاصلة، بين إصابة عايدة ابنة الأعوام الثلاثة، ووفاتها متأثرة بحالتها الخطيرة بعد إصابتها برصاصة في رأسها، بينما كانت تلهو كالملاك بثوبها الأبيض قرب منزل عائلتها في حي عسقولة وسط مدينة غزة.
خلال ساعات الوفاة، كانت الأم وكل أفراد العائلة والمحبين يبتهلون إلى الله طلباً لنجاة الطفلة، ولكن رأسها الصغير لم يتحمل "رصاص الطيش" فرحلت ضحية للفوضى.
في منزل العائلة، كان الحزن حاضراً مع الدموع والصراخ، عندما حضر جثمان الطفلة ملفوفاً بالكفن الأبيض، لإلقاء نظرة الوداع الأخيرة عليها، وسط حالة غضب عارمة من "رصاص الطيش" الذي لا يتوقف عن حصد أرواح الأبرياء.
تفاصيل الإصابة
محمد البلبيسي والد الطفلة القتيلة روى لـ"العين الإخبارية" تفاصيل إصابتها، مشيراً إلى أنها كانت في منزل جدها وخرجت منه في طريقها لمنزلها المقابل لتسقط على الأرض مصابة برصاصة مجهولة المصدر.
جد الطفلة ماجد البلبيسي (59 عاماً) وهو ضابط إسعاف في وزارة الصحة الفلسطينية، قال إن حفيدته غادرت منزلهم الساعة 6:20 مساء الجمعة الماضية، متوجهة إلى منزل والدها الواقع في الجهة المقابلة، على بعد 12 متراً فقط.
وأضاف: "فوجئنا بعد لحظات من خروجها بسقوطها على الأرض، مع حدوث نزيف من رأسها، فجرى نقلها بسرعة إلى مستشفى الشفاء بمدينة غزة، وأُدخلت للعناية المركزة، لتفارق الحياة بعدها بيومين".
وبحسب المصادر الطبية؛ فإن عياراً نارياً اخترق رأس الطفلة، واستقر في الجمجمة، لذلك تدهورت حالتها، وأُدخلت قسم العناية المركزة.
ولم يحتمل رأسها الصغير حركة العيار الناري الذي تحرك من مكانه في يمين المخيخ إلى منطقة اليسار وتسبب بالضغط على أنسجة الدماغ وأدخلها في حالة موت سريري، ومنها إلى وفاة تامة، صباح الأحد، بعد 48 ساعة من إصابتها.
لا عزاء قبل معرفة الجاني
حالة الغضب لدى العائلة مما حدث، دفعتها إلى عدم إقامة بيت عزاء حتى يأخذ القانون مجراه الطبيعي في الكشف عن الجاني وتقديمه للعدالة والاقتصاص منه.
وقالت العائلة في بيان: "نضع جميع الجهات المختصة خاصة الأجهزة الأمنية، أمام مسؤولياتهم تجاه هذه الجريمة، ونحذر من المماطلة في تطبيق القانون، وعدم إغلاق ملف الجريمة إلا بالكشف عن الجاني، والضرب من حديد على المجرمين الذين يطلقون النار في إطار خارج القانون".
وأكدت: "كل من يتستر عن المجرم الذي أطلق النار، هو شريك بجريمة قتل ابنتنا، لذلك نطالب أيضاً برفع الغطاء التنظمي والعائلي عن المجرم وكل من يستخدم السلاح خارج إطار القانون".
وأعلنت شرطة حماس في غزة أنها فتحت تحقيقاً في الحادث، دون الكشف عن المزيد من التفاصيل.
ورغم أن شرطة حماس، أعلنت في يونيو/حزيران، تعليمات مشددة بمنع إطلاق النار العشوائي؛ إلاّ أن ذلك لم يمنع من استمرار هذه الظاهرة، في ظل تكدس السلاح الفصائلي والعائلي بكميات كبيرة في القطاع، وفق متابعين.
وأوضحت مصادر محلية متطابقة لـ"العين الإخبارية" أن وجود أسلحة في غالبية المنازل بغزة تحت عناوين مختلفة خاصة الفصائلية والعائلية، فضلاً عن سلاح الأجهزة، يجعل من سماع إطلاق النار وحتى القذائف أمراً دارجاً، لا سيما مع وجود مواقع تدريب للعديد من الفصائل وبعضها في تجمعات سكنية.
وذكرت المصادر أن إطلاق الرصاص قد يكون خلال تجريب سلاح، أو عبث، أو تدريبات عسكرية، أو شجارات عائلية، وفي المحصلة يستمر هدر الحق في الحياة والسلامة، والمعالجات تكون آنية وسرعان ما تبرد، وبالتالي تتكرر الحوادث مع التغطيات الفصائلية التي تحدث بين الحين والآخر.
ضحايا العنف الداخلي
وحسب معطيات حقوقية؛ فقد قُتل ما لا يقل عن 17 فلسطينياً، وأصيب 69 آخرين، في حوادث إطلاق نار وعبث سلاح وعنف داخلي في قطاع غزة منذ بداية العام الجاري.
وأكد مدير البحث الميداني في مركز الميزان لحقوق الإنسان، يامن المدهون أن ظاهرة الفلتان الأمني والعنف الداخلي في قطاع غزة، تشكل أحد أبرز مظاهر غياب سيادة القانون، وواحدة من أهم المشكلات التي تواجه المجتمع الفلسطيني، وتهدد بنيته ونسيجه، وتنتهك حقوق المواطنين.
وقال المدهون لـ"العين الإخبارية": "هذه الظاهرة اتسمت بالتوسع تارة، والانحسار تارة أخرى على مدى السنوات الماضية، وخضعت لمتغيرات مختلفة، حيث اختفت بعض أشكالها في بعض الفترات لتعاود الظهور مرة أخرى، بينما استمرت أشكال معينة في الظهور".
وأكد أن مظاهر غياب سيادة القانون وأخذه باليد اتخذت مستويات متفاوتة من حيث الانخفاض والارتفاع خلال النصف الأول من عام 2020، مقارنة بالعام السابق.
وأظهر تقرير أصدره المركز الحقوقي عن النصف الأول من عام 2020، تواصل وتيرة الانتهاكات الداخلية ومظاهر غياب سيادة القانون في جميع محافظات قطاع غزة، ما أدى إلى سقوط عدد من الضحايا في صفوف المواطنين.
ووثّق التقرير مقتل 17 مواطناً بينهم طفلين و4 نساء، وإصابة 69 آخرين بينهم 8 أطفال و7 سيدات في حوادث العنف الداخلي، خلال 6 أشهر من عام 2020، كما رصد العديد من حوادث العبث بالسلاح وإطلاق النار مجهول المصدر التي تسببت بوقوع ضحايا.