فيينا تودع ليالي الأنس مؤقتا وتبكي ضحايا الإرهاب
"شوارع بلا مارة ولا موسيقى كالمعتاد، وخوف وحزن يغلف الوجوه، وشرطة تنتشر في كل مكان".
ذلك هو حال المدينة القديمة في فيينا غداة هجوم إرهابي غادر أودى بحياة ٤ مدنيين وشرطي، في حصيلة مرشحة للزيادة لوجود ٧ حالات شديدة الخطورة بين ١٥ مصابا.
وعلى مقربة من موقع الهجوم، ترى عدد ضئيل من المارة في شوارع طالما ضجت بالحياة والسائحين، وقلما وجدت فيها موضع لقدم.
وترى في وجوه المارة حزنا دفينا على الضحايا، وصدمة لا تخطؤها العين، وتساؤلا يملأ أفواههم: أين ذهب العازفون وأصوات الموسيقى؟
وكلما اقترب المرء من مواقع الهجوم، اختفى المارة، وكثر عدد الصحفيين والمصورين ورجال الشرطة، وخيم الصمت أكثر وأكثر.
فاليوم؛ لا متاجر مفتوحة في المدينة القديمة، ولا بيع ولا شراء، ولا موسيقى أو صخب، ولا ضحك أو قبلات، إذ أعلنت المدينة القديمة وروادها، حدادا سبق الحداد الرسمي، وخوفا من مهاجم محتمل لا يزال يحمل سلاحه هاربا في مكان ما.
وفي مداخل الشوارع التي شهدت الكارثة، اصطف رجال شرطة أقوياء أمام شريط أحمر وأبيض مرتبط في مخيلة المتابعين ومشاهدي النشرات الإخبارية، بالإغلاق الأمني.
ولا تسمح الشرطة لأي شخص بالمرور إلى داخل هذه الشوارع، وعلى مقربة من أحد مواقع الهجوم، وقف فيليب مولر، النمساوي الأربعيني، مستندا لأحد جدران المتاجر المغلقة، وهو ينظر بأعين يملؤها الصدمة والحزن.
مولر يقول في حديث لـ"العين الإخبارية": "لا شيء هنا يشبه مدينتي التي عرفتها خلال ٤٠ عاما مضت".
ويضيف: "في موقعي هذا، اعتاد شاب عزف الموسيقى للمارة خلال الفترة الماضية، والآن لا تسمع غير الصمت وأنين الضحايا".
ويتابع: "الشوارع خاوية بسبب خوف الناس من حدوث هجمات أخرى، فما حدث كان مريعا وصادما ومرعبا".
"هذه مدينة مسالمة، وتضرب نموذجا قويا للتعايش بين جميع الأديان والاتجاهات السياسية، ولا تستحق هجوم بهذه القسوة"، يضيف مولر.
وفي محطة قطارات مترو الأنفاق القريبة من مواقع الهجوم، بدا كل شيء غير معتاد، فالأرصفة التي كانت تعج بالراكبين في أيام العمل الرسمية، خاوية إلا من عدد يعد على أصابع الأيدي؛ فكان حالها من حال الشوارع والمتاجر.
وقال مصدر أمني فضل عدم كشف هويته لأنه غير مخول بالحديث للإعلام، في تصريحات لـ"العين الإخبارية": "الشرطة تسيطر على الأمور في المدينة القديمة في الوقت الحالي".
وأكد أنه "لا يوجد خطر، لكن ننصح المواطنين بالابتعاد عن المدينة القديمة كإجراء احترازي".
ورغم هذا الوقت الصعب، شدد المستشار النمساوي سبستيان كورتس، في مؤتمر صحفي ليل الإثنين الثلاثاء، على إصرار بلاده على هزيمة الإرهاب، والعودة للحياة الطبيعية.
ويأتي هذا الوضع الصعب الذي تعيشه العاصمة النمساوية، في وقت دخلت فيه اجراءات الإغلاق الجزئي حيز التنفيذ.
وبداية من اليوم، تغلق الحانات والمسارح ودور السينما، والنوادي الليلية والمراقص والمقاهي أبوابها لمدة ٤ أسابيع، لتفقد فيينا بريقها وسحر ليال الأنس مؤقتا، بسبب "كورونا" والحزن معا.
وأمس، نفذ مجموعة من المسلحين هجوما في ٦ مواقع مختلفة في المدينة القديمة بوسط فيينا، وأطلقوا الرصاص من بنادق آلية، ما أسفر عن مقتل ٤ مدنيين وشرطي وإصابة ١٥ آخرين، في هجوم وصفه وزير الداخلية كارل نيهامر بإنه "هجوم إرهابي إسلامي".
وفيما قتل أحد المهاجمين، اعتقلت الشرطة آخرين تقول وسائل إعلام أنهم ٤، وتشك في وجود آخر هارب.
aXA6IDE4LjE4OC4yMDUuOTUg جزيرة ام اند امز