سيناريوهات زيادة الإصابات بكورونا في أفريقيا.. لماذا لم تحدث؟
كثير من القيادات الأفريقية استوعبوا الأمر جيدًا في المراحل الأول لمكافحة عدوى فيروس كورونا، وكانت القيادة استثنائية في الاستجابة بطريقة منسقة.
في 28 فبراير/شباط، حوالي الساعة الواحدة صباحًا، رن هاتف الدكتور جون نكينجاسونج، مدير المركز الأفريقي للسيطرة على الأمراض والوقاية منها في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا.
وقال المسؤولون النيجيريون لنكينجاسونج إن رجل أعمال إيطاليا وصل مؤخرًا إلى البلاد جاءت نتائج فحوصاته إيجابية لفيروس كورونا المستجد، بحسب شبكة "سي إن إن" الأمريكية.
وتعافى الرجل لاحقًا، لكن قال مسؤولو الصحة إن قوة العدوى، القادمة في الغالب في أوروبا، زرعت بذور الفيروس في دول القارة.
ومع بدء تزايد الحالات القادمة من الخارج، وبدء انتشار الفيروس داخل المجتمع، بدأت منظمة الصحة العالمية تدق ناقوس الخطر في المؤتمرات الصحفية والبيانات بشأن الأزمة الآخذة في التطور بالقارة، وقالوا إن عدد مرضى "كوفيد-19" قد يتجاوز سريعا قدرة البنية الأساسية الصحية الضعيفة.
حتى أن ميلندا جيتس، خلال مقابلة مع شبكة "سي إن إن"، ذهبت إلى مدى أبعد بالتنبؤ بأن الجثث ستملأ الشوارع.
وقال مسؤولو المركز الأفريقي للسيطرة على الأمراض والوقاية منها في أفريقيا ومنظمة الصحة إن التحذيرات كانت مهمة، حيث لا يوجد كثير من المعلومات بشأن الفيروس الجديد، وكانت الدول في حاجة للاستعداد بشكل عاجل.
لكن بعد نحو 5 أشهر، وفي شتى أنحاء أفريقيا، لم تحدث تلك السيناريوهات الكارثية.
وقال الدكتور همفري كاراماجي قائد فريق البيانات والتحليلات والمعرفة بمنطقة أفريقيا بمنظة الصحة العالمية إن الدول في أفريقيا لم تصل للنقطة التي كان هناك تكهنات بشأنها، مضيفًا: "أعتقد أن كثيرا من التنبؤات المبكرة رسمت صورة أنه بحلول هذا الوقت سيكون الوضع متفاقمًا جدًا".
لماذا لم تحدث تلك السيناريوهات، وهل لا يزال ممكنا حدوث الأسوأ، تعتبر واحدة من أكثر الأسئلة الصحية المهمة التي تواجه المسؤولين بالقارة في هذه المرحلة من الجائحة.
الفوز بالمعركة المبكرة
بحسب نكينجاسونج، فإن الأمر الوحيد الذي يبدو أكيدًا هو أن كثيرا من القادة الأفارقة استوعب الأمر جيدًا في المراحل الأول لمكافحة العدوى، مشيرًا إلى أن "القيادة بالقارة كانت استثنائية في الاستجابة بطريقة منسقة".
وأوضح أن الإجراءات السريعة التي اتخذها كثير من القادة الأفارقة لإغلاق الاقتصاد يجب أن تتلقى إشادة كبيرة لإبطاء انتشار الفيروس بالمجتمع خلال الشهور الأولى.
وقادت جنوب أفريقيا الطريق من خلال إغلاق الحدود أمام المسافرين الذي يمثلون تهديدًا كبيرًا، وإغلاق مدارسها منتصف مارس/آذار قبل الوصول لـ 100 حالة مؤكدة، فضلًا عن اتباع تدابير إغلاق صارمة.
وقال خبراء الصحة إن تلك القرارات الصعبة، والخبرة الطويلة في التعامل مع أمراض، مثل: الإيبولا والحمى الصفراء، كان لها كبير الأثر على معدلات انتقال العدوى.
لكن يعتقد همفري كاراماجي ومجموعة من العلماء البارزين الآن أن العوامل الاجتماعية والبيئية، والطريقة المعقدة التي يتفاعل بها البشر مع بيئتهم، ربما تلعب دورًا مهمًا.
وأضاف: "نتوقع أن معدل انتقال العدوى في أفريقيا أقل. قد يستغرق الأمر وقتًا أطول للوصول إلى الأشخاص المعرضين للإصابة. والوفيات وشدة فتك المرض ستكون أقل حدة عما شاهدناه في الدول الأخرى".
وبالنسبة للعوامل التي ساعدت في ذلك بحسب تقييمات فريق كاراماجي، فهناك الحركة النسبية للسكان بالقارة، مع شبكات الطرق المتباعدة الأمر الذي خلق فرص أقل لانتقال الفيروس، فضلًا عن العوامل المناخية، مثل: الطقس وهطول الأمطار، التي قد يكون لها أثر على انتشار الفيروس.