زيارة سلفاكير لمصر.. دلالات وقضايا مشتركة
سلفاكير ميارديت، رئيس جنوب السودان، بدأ زيارته الرسمية اليوم الإثنين، للقاهرة، ليلتقي بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
بدأ سلفاكير ميارديت، رئيس جنوب السودان، زيارته الرسمية، اليوم الإثنين، للقاهرة، والتي تستغرق 3 أيام، ليلتقي بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الأربعاء المقبل، فضلاً عن لقاءات أخرى ثنائية تجمعه بكبار رجال الدولة المصرية والمسؤولين السياسيين، حيث يرافق رئيس جنوب السودان، نيال دينق نيال مستشار الرئيس، والفريد لادو وين لام اورال، وزير الإسكان السوداني، ووزير التعليم العالي بالسودان.
واعتبر الدكتور سعيد اللاوندي، خبير العلاقات الدولية، هذه الزيارة ضمن سياسة مصر الخارجية المنفتحة التي تسعى لتطبيقها منذ العامين الماضيين، برفع شعار "السياسة المنفتحة مع الجميع"، موضحاً أن زيارة رئيس دولة جنوب السودان في هذا التوقيت لمصر ولقاءه بالرئيس عبد الفتاح السيسي، هي تأكيد لحرص مصر التام على إقامة علاقات دولية قوية مع الدول الإفريقية كافة، بمبدأ الوقوف على مسافة واحدة من جميع الدول والأطراف السياسية.
دلالات الزيارة
وحول دلالات توقيت وفترة الزيارة التي بدأها رئيس جنوب السودان سلفاكير لمصر، صباح اليوم الإثنين، رأى الدكتور مصطفى كامل السيد، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن توقيت الزيارة مرتبط بالحرب الأهلية القائمة في دولة جنوب السودان، خاصة أن على مدار 3 سنوات تستمر المواجهات بين قوات الرئيس سلفاكير، وقوات نائبه السابق، ريك مشار، لتتركز أغلب المناوشات والصراع بمناطق شمالية شرقية بالقرب من الحدود السودانية، المليئة بحقول النفط، فضلاً عن انتقال الصراع لعاصمة جنوب السودان جوبا.
وفي حديثه مع بوابة "العين" الإخبارية، أشار السيد إلى أن هناك خطراً يواجه حكومة سلفاكير، نظراً لظهور عدة حركات مسلحة في الفترة الأخيرة، تهدد استقرار جنوب السودان، مرجحاً إلى أن توقيت الزيارة جاء بهدف التشاور مع الحكومة المصرية والرئيس السيسي، لاحتواء الموقف بجنوب السودان الذي تصاعد منذ إيقاف عملية اتفاق السلام الموقعة بين مشار وسلفاكير في نهاية أغسطس/ آب لعام 2015، وتوالت بعدها الحرب الأهلية والقتال بين الأطراف في نهاية العام الماضي، ما يزيد من مخاوف سلفاكير من زيادة وتيرة العنف بدولة جنوب السودان.
بينما أشاد اللاوندي في تصريحات خاصة لبوابة "العين"، بتوقيت الزيارة، معتبره دليلاً قاطعاً لاستكمال مصر دورها السياسي الخارجي القوي، لتقف بجوار جميع الأشقاء في دولة إفريقيا، دون الانحياز لطرف عن الآخر، وأن الإدارة المصرية ناجحة في إدارة سياسة الوقوف على مسافة واحدة من جميع الأطراف.
واتفق الخبيران السياسيان على أن اللقاء هو جزء من مجهود الدبلوماسية المصرية، لتحسين العلاقات بين جميع دول حوض النيل، والاهتمام بالربط بين مصر والقارة الإفريقية، وخاصة دول حوض النيل، لاستيعاب تطورات الموقف، نظراً لأن دولة جنوب السودان هي دولة مصب لنهر النيل، ومن أهم الأطراف الموجودة التي يجب أن تتواصل بشكل مباشر مع الإدارة المصرية، ليرجح أستاذ العلوم السياسية أن يتضمن اللقاء طرح بعض المشروعات المشتركة بين الدولتين لتنمية جنوب السودان في إطار توطيد العلاقات مع دول حوض النيل والقارة الإفريقية.
قضايا مشتركة
الحرب الأهلية
حول أهم الملفات والقضايا المطروحة والمتوقع ومناقشتها بلقاء سلفاكير مع السيسي، قال السيد "إن القضية الرئيسية التي تصبح محوراً للقاء بين السيسي وسلفاكير، هي الحرب الأهلية القائمة بدولة جنوب السودان، ومع تزايد وتيرة العنف من جانب المعارضة تجاه حكومة سلفاكير، تتضاعف التحديات أمام سلفاكير، خاصة أن مع ظهور حركات تمرد من قبل سياسيين منشقين عن الحكومة، انتقلت المعارك من الأطراف إلى قرب العاصمة جوبا". مرجحاً أن يطلب سلفاكير الوساطة المباشرة من قبل الإدارة المصرية لمناقشة حل سياسي لاحتواء الأزمة.
وفي الوقت نفسه، أشار اللاوندي، إلى أن منصب مصر كعضو غير دائم بمجلس الأمن، يزيد من حاجة جنوب السودان لمساندة مصر ومعاونتها السياسية في الأزمة الحالية بجنوب السودان، موضحاً أن مصر هي الدولة التي تستطيع نقل الصورة الحالية وتعبر عن المشكلات التي تعاني منها السودان أمام مجلس الأمن.
اتفاقية عنتيبي
وتوقع السيد أن اللقاء سيتضمن مناقشة اتفاقية عنتيبي، خاصة أن مصر تحاول كسب تأييد عدد أكبر من دول حوض النيل، لإمكانية تعديل النص الصريح الموجود بالبند رقم 8 من الاتفاقية، والخاص بالإخطار المسبق عن المشروعات التي سيتم إقامتها بأعالي النيل، واتباع إجراءات البنك الدولي أو اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1997، والبند رقم 34 المتعلق بجميع القرارات الخاصة بتعديل البنود بالتوافق والإجماع بين الدول وليس بالأغلبية.
مساعدات مصرية
كما توقع أستاذ العلوم السياسية مصطفى السيد، أن الحكومة المصرية ستتقدم بعرض لمد يد العون والمساعدات الإنسانية والاقتصادية، من خلال التوسط لدى المنظمات الدولية، أو المساعدة بشكل مباشر من الجانب المصري، خاصة مع استمرار استهداف المسلحين المجهولين لسيارات وعربات المسافرين، ما يشكل خطورة على حياة المدنيين هناك، وتخوف البعض من قيام بعض القبائل بالسطو على مناطق في الجنوب، والوصول لمرحلة التطهير العرقي في بعض الأماكن، ما يزيد من حاجة جنوب السودان لمساعدة المنظمات الدولية.
قضايا مشتركة
ومع تواجد وزيري الإسكان والتعليم العالي بجنوب السودان، ضمن الحضور الرسمي مع الرئيس سلفاكير، توقع اللاوندي أن يتم مناقشة بعض القضايا المشتركة، لتوطيد العلاقات الثنائية بين البلدين، موضحاً أن مصر حريصة على إقامة علاقة قوية وتبادل وتعاون مشترك مع دول وسط إفريقيا.