شباب
أول مذيعة من قصار القامة بمصر.. تهاني منصور تهزم فقدان البصر (خاص)
فقدانها البصر لم يقف عائقا في طريقها، وبصيرتها دفعتها نحو مبتغاها لتصبح رغم الألم والمعاناة من قصر القامة أول مذيعة "أون لاين" في مصر. تنمر منذ الطفولة
بصوت هادئ بدأت تهاني منصور ذات الـ"17" عاما حديثها لـ"العين الإخبارية" قائلة: "كانت طفولتي ممزوجة بالعطف والعاطفة، فبعد فقداني البصر وأنا في الثالثة من عمري، لم أشعر أن شيئا ينقصني ولكن التنمر كان يُشعرني بالضيق، فقررت شق طريقي بكل إصرار لأثبت أن الإعاقة ليست تابوتًا للطموح، ولكنها حافز قوي لتحقيق الذات".
وتردف: "منذ طفولتي لم أستسلم للإعاقة، ولم أقبل بأن أكون شخصاً مهمشًا في المجتمع، فقررت مواجهة تحديات الحياة، وبمساعدة ودعم أسرتي كنت أمارس حياتي بشكل طبيعي كأي طفل مبصر".
طريقة برايل
وعند سؤالها عن دراستها أجابت: "واجهت صعوبات كثيرة أثناء التعلم ونظراً لظروفي الصحية، وصعوبة الالتحاق بالمدارس الداخلية الخاصة بالمكفوفين، كان التحاقي بأي مدرسة شبه مستحيل".
وتسترسل تهاني في حديثها لـ"العين الإخبارية"، قائلة: "والدي كان من أكثر الداعمين لي ولم يقبل بعدم تعليمي، ولذلك قرر أن يجلب لي معلمًا ليقوم بتعليم القراءة والكتابة في المنزل، وتتلمذت على يديه وتعلمت طريقة برايل".
وتضيف: "بدأت في التفكير والبحث عن هدف أو مجال يمكنني العمل به في المستقبل، خاصةً بعد تقدمي في السن بدأت أشعر بالملل نظراً لعدم التحاقي بأي مدرسة"، والحديث لا زال على لسان تهاني.
وأردفت: "كان الراديو هو صديقي الوحيد الذي بإمكانه شغل أوقات فراغي، وفي يوم من الأيام شعرت أن صوتاً به يناديني، فتخيلت نفسي في المستقبل وبدأت أحلم بأن أكون مذيعة مشهورة يهفو الناس إلى سماعي".
وواصلت تهاني حديثها: "لم أقف مكتوفة الأيدي، ولم ينته الأمر عند كونه حلما فقط، لذلك بدأت في العمل على تحقيقه، وقمت بالتقديم في راديو أونلاين، ولكن الأمر قُوبل بالرفض بسبب إعاقتي البصرية و قصر قامتي، وبسبب مشكلة في التنفس لدى".
وأضافت: "لم أفقد الأمل وقررت الاعتماد على نفسي، وفي عام 2018 التحقت بكورس إعداد وتقديم إذاعي للأطفال، وقمت بإنشاء صفحة على فيسبوك لإذاعة برنامجي الخاص (مسا التهاني)، بعيداً عن أي مؤسسات صحفية، وقدمت مجموعة من الحلقات، وحظي البرنامج باهتمام وتفاعل الكثيرين، الذين أجد منهم الدعم الذي يُنسيني رفض المحطات الإذاعية لي".
وعن أمنياتها المستقبلية قالت: "أحلم بأن يتم اختياري ضمن فعالية (قادرون باختلاف) التي تُقام تحت رعاية الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وأطمح في أن يكون لدى برنامج إذاعي خاص بي في الراديو".
رأي علم النفس
ويحلل الدكتور جمال فرويز استشاري الطب النفسي المصري في حديثه لـ "العين الإخبارية" أن ما نجحت فيه "تهاني"، يعتبر أمراً خارقاً وملهماً لغيرها من الحالات سيما وأن استطاعت أن تقوم بما يعرف في علم النفس بالتعويض. فعملية التعويض طبقاً للطب النفسي، هو قدرة الفرد عن تعويض ما ينقصه من عاطفة بالنجاح والمثابرة، وإصرار الفتاة على النجاح في مجال ربما يظن الجميع أنها لن تستطيع النجاح فيه يؤكد أنها تحمل شخصية قوية ومثابرة وتستحق النجاح.
ويعتبر الاستشاري النفسي أن التنمر على الفتاة يعتبر نوعاً من النجاح لأن أي عمل لا يصاحبه مجابهة هو عمل غير ناجح ويجب عليها التقدم دون النظر إلى الخلف أو التأثر بالمتنمرين عليها.
في السياق ذاته ترى إيمان عبد الله أستاذ علم النفس والعلاج الأسرى لـ "العين الإخبارية"، أن الأسرة عليها شق كبير في استمرار دفع الفتاة نحو النجاح وتحقيق ذاتها من خلال تحفيزها الدائم وتشجعها بشكل مستمر.
ونصحت عبد الله "تهاني" في خلق حوافز جديدة لها في مجال عملها وغيره من المجالات، وأن تظل دائماً مؤمنة بأنها لا تقل عن غيرها بأي حال من الأحوال، مهما كانت المشكلات التي ستواجهها مع بداية حياتها العملية.