خطاب حالة الاتحاد.. فون دير لاين أمام «اختبار قيادة» وسط أزمات متشعبة

تستعد رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، لإلقاء خطاب "حالة الاتحاد" الأول في ولايتها الثانية، الأربعاء المقبل، وسط ظروف معقدة.
عادة ما يكون خطاب حالة الاتحاد الأوروبي حدثًا روتينيًا لافتتاح الموسم السياسي في بروكسل، لكن خطاب رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين هذا العام يأتي وسط أجواء من التوتر، في ظل تصاعد الانقسامات الداخلية وتآكل الدعم الذي حظيت به سابقًا.
وبعد مرور أقل من 10 أشهر على ولايتها الثانية، تواجه فون دير لاين ضغوطًا شديدة، ليس فقط من المعارضة التقليدية، بل حتى من كتلتها السياسية من يمين الوسط، وفقا لما ذكرته مجلة "بوليتيكو" الأمريكية.
وبعدما حظيت بصعوبة على ثقة البرلمان الأوروبي في يوليو/تموز الماضي، عادت مسألة حجب الثقة عنها تلوح في الأفق مجددا في ظل الحديث عن محاولات جديدة محتملة في أكتوبر/تشرين الأول المقبل؛ الأمر الذي قد يضعف استقرار مؤسسات الاتحاد.
ومن أبرز القضايا التي فجرت الغضب ضد فون دير لاين الاتفاق التجاري مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والذي تم وصفه بأنه غير متوازن ويضر بالمصالح الأوروبية، وسط اتهامات لرئيسة المفوضية بالتنازل أمام الولايات المتحدة.
كما أثار اتفاق "ميركوسور" مع أمريكا الجنوبية رفضًا واسعًا لدى المزارعين والعديد من النواب الأوروبيين الذين يعتبرونه تهديدًا للقطاع الزراعي الأوروبي.
وفي مجال البيئة والمناخ، واجهت فون دير لاين اتهامات بأنها سمحت بتفكيك سياسات خضراء كانت تعدّ ركائز للاتحاد، وذلك تحت ضغط الأحزاب اليمينية والشعبوية.
وفي الوقت نفسه، واجهت فون دير لاين اتهامات بتجاهل حرب غزة؛ والتي تعد واحدة من أكثر الأزمات الإنسانية والسياسية إلحاحًا، ما عزز الانطباع بـ"انحيازها السياسي".
وتواجه فون دير لاين معارضة من تيارات متعددة داخل البرلمان الأوروبي مثل اليسار الذي يرى أن خطابها لا يعدو أن يكون "مهزلة" لتلميع صورتها في حين يتوعد بتحركات جديدة ضدها.
ورغم مساهمتهم في إنقاذها من سحب الثقة في يوليو/تموز الماضي، يطالب الاشتراكيون والليبراليون والخضر الآن بالتزامات واضحة في الميزانية والسياسات الاجتماعية، وذلك بعدما شعروا بأنها أقرب إلى اليمين المحافظ وأحيانًا إلى أقصى اليمين.
ومن بين أبرز الانتقادات الموجهة لفون دير لاين، غياب القيادة الواضحة، حيث يتوقع المشرعون الأوروبيون دورا تنسيقيا أقوى من المفوضية في ظل تزايد التوترات العالمية.
وحتى المقترحات التي تفتخر بها فون دير لاين، مثل صندوق الدفاع الأوروبي بقيمة 150 مليار يورو، أثارت نزاعًا قانونيًا مع البرلمان بسبب تهميش النواب في عملية صنع القرار.
وحتى في داخل حزبها السياسي "حزب الشعب الأوروبي"، تواجه فون دير لاين انتقادات من نواب فرنسيين وبولنديين وآيرلنديين، يتهمونها بـ"غياب الشفافية" في إدارة ملف ميركوسور، وهو ما يعد مؤشرا على أن حزام الدعم التقليدي لرئيسة المفوضية لم يعد متماسكًا.
ورغم تهديدات حجب الثقة المتعددة، لا يبدو أن معظم الكتل الكبرى (الاشتراكيون، الخضر، الليبراليون) راغبة في زعزعة استقرار الاتحاد في ظرف دولي حساس، لكنها تستخدم هذا الملف كأداة ضغط للحصول على تنازلات أو ضمانات سياسية مثلما حصل الاشتراكيون مؤخرا على وعد بالإبقاء على صندوق اجتماعي في الموازنة طويلة الأمد مقابل دعمهم لها.
في هذا السياق، قد يتحول خطاب حالة الاتحاد من مناسبة بروتوكولية إلى اختبار حقيقي لمدى قدرة فون دير لاين على استعادة زمام المبادرة وبناء توافق سياسي حول أجندة التكتل.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTMxIA== جزيرة ام اند امز