٢٠٠ صورة عن بيروت.. تروي مجد المدينة

بعنوان "بيروت، مدينة لرغبة العالم" قرر وضّاح فارس أن يعرض أرشيفه المصور عن مدينة بيروت.
"بيروت، مدينة لرغبة العالم" بهذا العنوان قرر وضّاح فارس أن يعرض أرشيفه المصور عن مدينة بيروت من العام 1960 الى العام 1975.
بعد أكثر من نصف قرن أخرج صورهُ من الأدراج ومن الذاكرة وعاد ليعلّق بيروت بناسها وشوارعها على جدران غاليري صالح بركات، في شارع كليمنصو في بيروت.
علّق حوالي 200 صورة عن بيروت في أكثر عصورها زهواً واشراقا، والعاصمة في زمن الفنون والأفكار والحرية.
يروي وضاح فارس في حديث خاص لبوابة العين أن فكرة المعرض جاءت بعد أن كان صالح بركات، صاحب الغاليري وصاحب غاليري أجيال، يسأل عن أشخاص كانوا معروفين في تلك الحقبة ولا يوجد صور لهم، فكان فارس ينبشها من أرشيفه وهكذا قرر أن يجمع هذا الكنز المخفي ويعرضه.
فارس الذي يصف نفسه بأنه عابر للعروبة، مولود في سوريا من أب عراقي، أمضى معظم حياته في لبنان، يقول لبوابة العين "أهل بيروت في تلك الفترة كانوا طبيعيين وحقيقيين، كنا نتقبل الآخر حتى لو كان متناقضًا معنا، جميعنا أصدقاء والطائفية لم تكن قد نخرت المجتمع كما اليوم، حتى أسماؤنا كانت بعيدة كل البعد عن طائفتنا".
ما نراه هو أرشيف فوتوغرافي لناس بيروت كما يحلو لوضاح فارس أن يقدمها.
الناشط الذي كان يكتب في صحيفة النهار اللبنانية وقام بتأسيس غاليري خاص فيه، كان يهوى رسم بيروت بعدسته التي وثّقت علاقته بهذه المدينة في حقبة الستينات وحتى منتصف السبعينات مع اندلاع الحرب الأهلية، ويقول فارس إن "كل مجد بيروت صُنع في تلك الفترة، تحول الفن من رعاية القنصليات والسفراء الى الغاليريات التي تستقبل الناس وتسمح لهم بالتواصل مع الفنانين".
على جدران غاليري صالح بركات صور بالأسود والأبيض لبيروت الذهبية، وللشوارع والمقاهي والمسارح، وللحظات نادرة تطبع في الذاكرة، ولروائيين، وممثلين، وكتاب، وصحفيين، لغادة السمان، ومنير نجم، وشفيق عبود، ورينيه ديك، وفرنسوا عقل، وليلى بعلبكي، وشوقي ابي شقرا، وأنسي الحج، وغسان تويني وغيرهم من شخصيات بيروت في تلك الفترة.
"هذا المعرض ليس للحديث عن جمالية صورة وضاح فارس، انه معرض عن أهل بيروت وكيف كانوا يتعايشون، عن المجتمع اللبناني في تلك الفترة وخصوصياته. أميل شعيب ليس صورة فقط، انه صاحب مطعم فيصل حيث نشأ تاريخ الجامعة الأميركية، الهورس شو ليس ديسكو، انه تاريخ بيروت"،هذه رسالة وضاح فارس لشباب اليوم المدعوين الى معرفة تاريخ ما يشاهدون، كما قال "لا شيء يأتي من عدم، التاريخ مترابط وعلى الشباب أن يعرفوا ماضيهم".
أما أكثر ما يعبّر عن بيروت في تلك الفترة، بحسب فارس، فهي سلسلةمن 17صورة، قرر عرضها جنبًا الى جنب، وهي عبارة عن لقطة لجدار كنيسة الكبوشية في خريف 1970، قام بالتقاط صور لأشخاص يمرون لمدة نصف ساعة، "هذه السلسلة تعبر عن مزاج بيروت، عن ناسها الهادئين رافعي الرأس المتصالحين مع ذاتهم" وفق ما يقول.
يستحضر معرض وضاح فارس ملامح بيروت التي تبدلت، ولا يقتصر على المدينة فقط فيمكن أن نلحظ مناطق أخرى كانت مزدهرة في تلك الفترة، أماكن ربما لم تعد موجودة، أسماء نجهلها، ووجوه لم يسبق لنا أن شاهدناها.