«إبرة وأمل».. وفاء حيدرة تدرّب نساء اليمن على تطريز مستقبلهن
رغم الوضع باليمن، وفي ظل حرب مستعرة أحالت حياة اليمنيين إلى ظلام دامس، سجلت نساء يمنيات نجاحات مهمة وفتحت الآمال أمام أقرانهن.
ففي ظل احتفاء العالم باليوم الدولي للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، الذي يصادف 26 يونيو/حزيران من كل عام، برزت وفاء حيدرة نموذجا ملهما في الواقع اليمني المليء بالمآسي والكوارث الإنسانية.
الأوضاع المعيشية المتردية، التي هي إحدى تبعات حرب مليشيات الحوثي على اليمنيين، دفعت اليمنية وفاء حيدرة إلى إثبات ذاتها، وخوض غمار سوق العمل، وامتهان الحرف لمواجهة التدهور المعيشي.
نجحت السيدة اليمنية -من مدينة عدن- في شق طريقها وتأسيس مشروعها الحرفي الخاص بها، متسلحةً بالعلم والعمل، للأخذ بأيدي نظيراتها من النساء اليمنيات حتى يحذين حذوها.
وفاء حيدرة، التي تدرب اليمنيات في مجال الخياطة، اتخذت من هذه الحرفة سبباً في تثقيف نفسها علمياً وأكاديمياً، فجمعت بين العلم والعمل.
التفكير في الآخرين
تقول حيدرة لـ"العين الإخبارية" إنها حاصلة على شهادة دبلوم في مجال الخياطة والتفصيل والأشغال اليدوية، كما تمتلك دكتوراه فخرية في الفنون التشكيلية، وتشغل رئيسة مركز فنون "أم البنات" للتدريب النسوي، ورئيسة مبادرة فنون "أم البنات".
بدأت وفاء في تعلّم الخياطة داخل منزلها، على يد والدتها الراحلة، ثم تخصصت في هذا المجال، وحصلت على شهادة دبلوم خياطة وتفصيل من المعهد الصناعي بمديرية المنصورة، التابع لمكتب التعليم الفني والتدريب المهني في العاصمة المؤقتة عدن.
ولم يقف الأمر على مشروعها الشخصي فقط، إذ اكتشفت أن الحي الذي تقطنه يخلو من جهات أو مراكز تعمل على تأهيل ودعم المرأة، ومن هنا أثمر تفكيرها بالأخريات واهتمامها بهن على فتح مركز متخصص لتأهيل وتدريب نساء منطقتها، واستقطاب الجهات المانحة والداعمة لاستهدافهنّ، ومساعدتهنّ للخروج إلى سوق العمل.
وكل ذلك بالطبع لهدف، وهو جعل النسوة قادرات على إيجاد مصدر رزق، وتوفير دخل ثابت لهنّ والاكتفاء الذاتي ومساعدة أنفسهنّ، خاصة أن معظمهنّ من المحتاجات والفئات الأشد فقرا.
تحديات
كان العمل يسير بشكل جيد نوعا ما، بحسب وفاء، ولم تكن تواجهها أي مشكلات، غير إن اندلاع الحرب أجبرها على إيقاف المشروع، فلم يكن هناك عملاء قادرين على التسجيل في المركز.
حتى إن كثيرات من رواد المركز لم يكنّ قادرات على دفع رسوم التدريب الرمزية للغاية، نتيجة تبعات الوضع المعيشي للحرب في البلاد، حد تعبير وفاء حيدرة.
لكن الاستمرار والمثابرة، والصمود في وجه التحديات نتج عنه أن تحصل المركز على دعم من قبل منظمات ومؤسسات دولية ومحلية عديدة، بدأتها منظمة "كير" ضمن مشروع "تمكين المشروعات الصغيرة"، الذي مكّن المركز من تنفيذ بعض البرامج التدريبية للنساء.
وتضيف: "كما تعاون المركز مع مؤسسات محلية أخرى، مثل صندوق تنمية المهارات، نفذ برنامجَين تدريبيين، ومؤسسة جسور للتنمية، ومؤسسة آفاق، بهدف تدريب مجموعة من المتدربات في مجال الخياطة والتطريز.
تداعيات الحرب مستمرة
رغم تجاوز المركز للتحديات السابقة فإن تأثيرات الحرب الحوثية في اليمن كانت أقوى منه، ورغم نجاح المركز في تدريب أكثر من 500 فتاة فإن تبعات الحرب كانت قاسية ولم تنته عند حدٍ معين.
وتشير وفاء حيدرة إلى أن الوضع الراهن من تدهور سعر الصرف، وارتفاع الأسعار، ومضاعفة رسوم تصاريح مزاولة العمل، أجبرها على إيقاف المركز وتحويله إلى مبادرة شبابية، للتخفيف من الإنفاق والتكاليف المالية.
وكل ذلك بسبب التداعيات التي لا تنتهي للحرب الحوثية القائمة في البلاد، التي تؤدي إلى مشكلات غير مباشرة، يدفع ثمنها المحتاجون والفقراء.
الغاية السامية
انحنت وفاء حيدرة للرياح، وأجبرتها الظروف على تحويل مركزها إلى مبادرة شبابية، لكنها ما زالت تقوم بالعمل نفسه، فمشروعها الذي أسسته يواصل مساعدة وتدريب وتأهيل النساء، وما زالت ماضية في تحقيق هدفها.
تدريب النساء وتأهيلهنّ ومساعدتهنّ في تحقيق الاكتفاء الذاتي ماديا لهنّ ولأسرهنّ، والتحول إلى أسر منتجة تستطيع مواجهة التحديات والتردي المعيشي الحاصل في البلاد، هو غاية وفاء وهدفها السامي.