الفطور الأخير والإصلاحات العاجلة.. مضيفة "فاغنر" تفتح الصندوق الأسود
في ليلة 24 يونيو/حزيران، ظهر قائد فاغنر مبتسما، منتشيا، وهو يقود سيارته بعد أن عبرت قواته مدينة روستوف أون دون على بعد 600 ميل من موسكو.
وقتها، أصبح الرجل الحليق الرأس البالغ من العمر 62 عاما يفغيني بريغوجين بطلا شعبيا غير متوقع، و"خائنا" بنظر روسيا، بعد أن قاد تمردا وإن كان قصيرا ضد الكرملين، سيطر خلاله على مواقع عسكرية دون رصاصة واحدة.
لكن يبدو أن الـ600 ميل قد اختصرت حياة الرجل، بحسب ما توصلت له صحيفة "ديلي ميل" البريطانية.
وتساءلت الصحيفة عن مدى الاقتراب من فهم ما حدث بالضبط في الساعات الأخيرة لقائد فاغنر، قبل تحطم طائرته، مساء الأربعاء، ومقتل جميع من كان على متنها، بينهم مسؤولون كبار في مجموعته، ومضيفة طيران أثارت الكثير من التساؤلات.
الرحلة القاتلة
كان برفقة قادة فاغنر في رحلتهم الأخيرة مضيفة الطيران كريستينا راسبوبوفا، 39 عاما، التي شاركت متابعيها تفاصيل اللحظات الأخيرة قبل الإقلاع، الذي تأخر بسبب ما قيل "إصلاحات ميكانيكية".
ومع توفر الوقت قامت المضيفة كريستينا بفتح صفحتها على فيسبوك من خلال هاتفها الذكي، ونشرت صورة لوجبتها في المطار، المكونة من الخبز الأبيض والزبدة، وأخبرت أسرتها أن الطائرة يتم إصلاحها.
وأوردت صحيفة "ديلي ميل" حديثا لأحد أقاربها، قال إنها أخبرتهم بأنها "كانت في موسكو، وأن الطائرة تحت الصيانة أو بعض الإصلاحات العاجلة، وأن الأمر قد يحتاج لفترة من الوقت، وهذا على الأقل بضعة أيام".
لكن الوقت لم يطل، فتم إصلاح المشكلة، وأقلعت الطائرة الفاخرة، وارتفعت لمدة 12 دقيقة بعد الإقلاع، ووصلت في النهاية إلى ارتفاع 28000 قدم، قبل أن تختفي عن الرادار، وفق الصحيفة.
ليبقى ما حصل بعد ذلك في حسابات التكهنات، التي ذهبت إلى أن الطائرة قد دُمرت بواسطة عبوة ناسفة مخبأة على متنها، أو أنها استهدفت بصاروخ أرض جو، وتشير مسارات الدخان التي لاحظها شهود العيان إلى الاحتمال الأخير، لكن مسؤولي المخابرات الأمريكية شككوا أمس في هذه النظرية.
كما أن السلطات الروسية التي فتحت تحقيقا في الحادث، لم تعلن بعد عن أية نتائج.
واليوم، نفى الكرملين مزاعم غربية حول وجود أوامر بقتل زعيم فاغنر.
نفيٌ جاء على لسان المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، اليوم الجمعة، وذلك بعد يومين من تحطم طائرة كانت تقل قائد "فاغنر" يفغيني بريغوجين، وعددا من مساعديه، شمالي موسكو.
وقال بيسكوف إن "الحديث الغربي عن مقتل يفغيني بريغوجين، بأوامر من الكرملين كذب مطلق".
وأضاف أن "(الرئيس فلاديمير) بوتين لم يلتق يفغيني بريغوجين في الآونة الأخيرة".
وتابع: "لا توجد حقائق كثيرة حتى الآن حول أسباب تحطم طائرة يفغيني بريغوجين وسننشر النتائج الرسمية للتحقيق".
وجاء النفي أيضا، غداة تعزية بوتين بوفاة بريغوجين، واصفا إياه بأنه "رجل موهوب، لكنه ارتكب أخطاء"، كما عدد إسهاماته لاسيما خلال الحرب في أوكرانيا..
الرحلة الثانية
تقول "ديلي ميل" إنه بعد حوالي عشر دقائق من الحادث، هبطت طائرة ثانية من طراز إمبراير ليجاسي 650، استأجرتها فاغنر أيضا، بسلام في سانت بطرسبرغ. وكانت على مسار رحلة مماثل للطائرة المنكوبة.
وهو الأمر الذي أدى في بداية الأمر إلى تكهنات بأن بريغوجين ربما نجا من هذا الحادث.
القمة الروسية الأفريقية
بعد تمرد يونيو/حزيران الماضي، نادرا ما شوهد بريغوجين في بيلاروسيا التي تم نفيه إليها بعد تلك الليلة.
وفي 28 يوليو/تموز، ظهر على هامش القمة الروسية الأفريقية، في سانت بطرسبرغ، والتقط صورة مع مسؤول في جمهورية أفريقيا الوسطى.
وبدا للعالم أن أمير الحرب قد عقد السلام مع بوتين وتم الترحيب به مرة أخرى في أروقة السياسية.
الفيديو الأخير
وبعد أن ظل بعيدا عن الأنظار لعدة أسابيع عاد الرجل للظهور مرة أخرى في مقطع فيديو، رجّح كثيرون أن تسجيله جرى في أفريقيا.
وظهر قائد فاغنر، بزيه العسكري، بما في ذلك قبعته الشمسية المموهة، ويمسك ببندقية هجومية.